كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الأنبياء من الآية( 50) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

50 - (وَهَذَا) القرآن (ذِكْرٌ) أي موعظةٌ (مُّبَارَكٌ) في تأويلهِ ، أي يزداد بتأويله (أَنزَلْنَاهُ) إليكم من السماء (أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) يعني فلماذا تنكرونهُ وتجحدونهُ ؟

51 - (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ ) يعني أريناهُ من آياتنا وقُدرتنا لنرشدهُ إلى الحقيقة فيثبت على إيمانهِ ولا تُزعزعهُ أقوال المشركين (وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ ) حين كان ينظر إلى السماء وإلى الأجرام السماويّة يُفتّش عن خالقه فأعطيناهُ رُشدهُ وهديناهُ إلى ما أراد .

52 - (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) أي عابدون على الدوام ؟

53 - (قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ ) فعبدناها .

54 - (قَالَ) إبراهيم (لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ ) عن الحقّ (مُّبِينٍ) .

55 - (قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ ) فيما تقول (أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ) في قولك فتمزح معنا ؟

56 - (قَالَ) إبراهيم (بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ) أي شقّقهنّ فجعلهنّ تسعة كواكب سيّارة بعد ما كانت أرضاً واحدة (وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) أي من المطّلعين على قدرتهِ وبعض آياتهِ فأيقنتُ أن لا إلاهَ في الكون إلا هو . وفي هذا يُشير إلى ما جاء في سورة الأنعام من قوله تعالى {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } .

57 - ثمّ أقسم إبراهيم فقال (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم ) يعني أعمل مكيدة معكم فأكسّر أصنامكم ، قالها في نفسهِ سِرّاً (بَعْدَ أَن تُوَلُّوا ) إلى عيدكم (مُدْبِرِينَ) عن أصنامكم .

فلمّا أرادوا الخروج إلى مكان لعبهم وتسابقهم قالوا ألا تخرج معنا يا إبراهيم ؟ فنظرَ نظرةً في النجوم فقال إنّي سقيم لا أتمكّن من الخروج معكم ، فتركوهُ وذهبوا ، فلمّا وجد فرصة لتحطيمهم أقبل إلى الأصنام وفي يده طبق وفيهِ طعام فقدّمهُ إليهم وقال ألا تأكلون ؟ فلم يُجيبوهُ بشيء ، فقال ما لكم لا تنطقون ؟ ثمّ أخذ الفأس وانهال عليهم ضرباً باليمين .

58 - (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ) أي حُطاماً مُتكسّرة (إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ ) يعني إلا صنماً كبيراً لم يكسّرهُ وعلّق الفأس في رقبتهِ (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) في السؤال، أي لعلّهم يرجعون إلى الكبير في السؤال فيسألونهُ وهو لا ينطق فيعلموا جهلهم إذ اتّخذوهُ إلاهاً . فلمّا رجعوا من عيدهم وجدوا أصنامهم مُكسّرة.

59 - (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ )

60 - (قَالُوا) أي قال بعضهم لبعضٍ (سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ) بالسوء ، ومن ذلك قول جرير :

                           وبَنُو البَعِيثِ ذَكَرْتُ حُمرَةَ أمِّهمْ      فشفَيْتُ نَفسِي مِن بَني الحَمْراءِ

أي ذكرتها بالسوء (يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) أي يُسمّى إبراهيم .

61 - (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) عليهِ وبما ذكرهم بهِ من سوء . فذهبوا إلى إبراهيم .

62 - (قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ) ؟

63 - (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) غضباً لئلاّ تعبدوا معهُ هذه الصغار وهو أكبر منها (فَاسْأَلُوهُمْ) عن الفاعل (إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) . أسند الفعل للكبير ليعلموا أنّه إذا لم يرضَ بالإشراك فكيف يرضى بهِ الله خالق الكائنات .

64 - (فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ ) يلومونها (فَقَالُوا) أي قال بعضهم لبعضٍ (إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ) بعبادتكم لهذه الأصنام من دون الله .

65 - (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ ) أي ثمّ رجعوا عن قولهم وعادوا إلى عقائدهم وإلى كفرهم ، ومن ذلك قول عنترة :

                                 ولَرُبَّ شَرْبٍ قدْ صَبَحْتُ مُدامَةً      لَيسُوا بِأنْكاسٍ ولا أوْغالِ

والنكس عودة المرض بعد النقاهة ، ومن ذلك قول الخنساء :

                                     يُؤَرِّقُني التذكّرُ حينَ أُمْسِي      فأُصْبِحُ قد بُلِيتُ بِفَرْطِ نُكْسِ

فقالوا (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ ) فكيف تأمرنا بسؤالهم ؟

66 - (قَالَ) لهم إبراهيم (أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا ) مهما عبدتموها (وَلَا يَضُرُّكُمْ ) شيئاً إن تركتم عبادتها ؟

67 - (أُفٍّ لَّكُمْ ) وهذه كلمة تضجّر ومعناها تبّاً لكم (وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) وتتركون عبادة الأصنام ؟ فلمّا سمعوا منهُ هذا القول

68 - (قَالُوا) أي قال بعضهم لبعضٍ (حَرِّقُوهُ) بالنار (وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) بالدفاع عنها (إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) ما قلناه لكم . فجمعوا الحطب شهراً وأشعلوا النار فيه وألقَوهُ فيها بالمنجنيق .

69 - (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) فخرج من النار بعد ثلاثة أيّام سالماً لم يحترق ، فعجبوا من سلامتهِ .

70 - (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا ) بعد خروجهِ من النار ليقتلوهُ (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) بأن أهلكناهم بالطاعون فخسروا الدنيا والآخرة .

71 - (وَنَجَّيْنَاهُ) من نمرود وكيدهِ ، (وَلُوطًا) إبن أخيهِ هاران آمنَ بهِ فخرجا من العراق من اُور الكلدانيّين ، مع سارة زوجة إبراهيم إبنة عمّهِ الأكبر (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) بكثرة الأشجار والأثمار ، وهي الأردن ثمّ انتقل إلى صحراء سيناء ، وانتقل لوط إلى قرية سدوم قرب البحر الميّت .

72 - (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ ) ولداً بعد إسماعيل (وَيَعْقُوبَ) حفيداً (نَافِلَةً) أي زيادةً على طلبهِ (وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ) يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوطاً جعلناهم صالحين للرسالة .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم