كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
13 - (يَدْعُو) الناس (لَمَنْ) (ضَرُّهُ) في الدنيا بإنفاق مالهِ لأجلهِ ، وتعذيبهِ في الآخرة بسبب إشراكهِ ، وذلك الضُرّ (أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ) الّذي كان يأملهُ من الصنم بأن يشفع له (لَبِئْسَ الْمَوْلَى ) الصنم الّذي يتولاّهُ (وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) المعاشِر لهُ .
14 - (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) بأوليائهِ وأهل طاعتهِ من الكرامة .
15 - قال أحد المؤمنين لواحد من المنافقين : "إستعدّ لنخرج غداً للجهاد" ، فقال المنافق : "أنا لا أخرج" ، قال : "ولِمَ ؟" قال : "أخاف القتل" ، قال المؤمن : "إنّ الله وعدنا بالنصر" ، قال : "كيف يكون لنا النصر وهم أكثر منّا عدداً وعُدّة ؟ فلا جرم إن خرجتُ أُقتَلْ" ، قال المؤمن : "إن قُتلتَ تدخل الجنة" ، قال : "هذه أساطير". فنزلت فيه هذه الآية :
(مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) يعني من يظن أنّ الله لا ينصره ولا ينصر المؤمنين على الكافرين في الدنيا وكذلك ظنّه في الآخرة بأنّه لا يدخل الجنّة إن مات شهيداً ويخاف القتل (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) السبب هو الواسطة الموصلة للغاية ، والمعنى فليمدد حبلاً من الأرض إلى السماء ويتعلق به (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) المسافة ويبتعد عن الأرض (فَلْيَنظُرْ) هذا المنافق الخائف (هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) أي هل تنفعه المكيدة وهذه الحيلة وتخلّصه من الموت وتذهب خوفه ، كلّا لا نجاة له من الموت . ونظيرها في سورة الأحزاب قوله تعالى {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل} . والمعنى : لانجاة له من الموت حتّى لو صعد إلى السماء . وإلى ذلك يشير زهير بن أبي سلمى :
ومنْ هابَ أسبابَ المنايا ينَلنهُ وإنْ يرقَ أسبابَ السماءِ بسلَّمِ
16 - (وَكَذَلِكَ) أي كما أنزلنا إليك في الماضي سوَراً وآيات كذلك (أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) تدلّ على التوحيد والعدل (وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي ) لدينهِ (مَن يُرِيدُ ) أي من كان مُهيّئاً للهداية .
17 - (إِنَّ الّذينَ آمَنُوا ) يعني المسلمين (وَالّذينَ هَادُوا ) يعني اليهود (وَالصَّابِئِينَ) أي الصابئة (وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ ) وهم عبَدَة النار (وَالّذينَ أَشْرَكُوا ) من العرب وغيرهم (إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أي يحكم بينهم فينتقم من الظالم للمظلوم (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) أي حاضر يُشاهد أعمالهم ويسمع أقوالهم . والمعنى : إنّ الله ينتقم للمظلوم من الظالم وإن كان مشركاً أو من عبَدَة النار .
18 - (أَلَمْ تَرَ ) يعني ألم تعلم (أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ ) السجود معناهُ الانقياد والطاعة (مَن فِي السَّمَاوَاتِ ) الأثيريّة وهم الملائكة (وَمَن فِي الْأَرْضِ ) من مخلوقات روحانيّة وهم الصالحون من الجنّ والنفوس البشريّة وغيرهم ينقادون لأمر الله ويسجدون لهُ (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ ) يعني النيازك الّتي تدور حول الأرض ، فهذه كلّها مُسخّرات بأمرهِ مُنقادات لقانون الجاذبيّة والقوّة الإنتباذيّة . ولَمّا انتهى سُبحانهُ من ذِكر الأجرام السماويّة أخذَ يذكُر سُكّان الأرض فقال (وَالشَّجَرُ) فهي منقادة لأمر الله تعطي أثمارها في حينهِ كما قدّرَ فيها من حِكمةٍ وجعل في أثمارها من نعمةٍ (وَالدَّوَابُّ) وهو كلّ حيوان يدبّ على الأرض أيضاً منقادة لحكمهِ بما جعل فيها من غريزة ومنافع كثيرة . ومن كثرة انقيادها ترَى صبيّاً واحداً يسوق أمامه خمسين بعيراً (وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ) يسجدون لله وينقادون لأمرهِ ، وهم المؤمنون الّذينَ حقّ لهم الثواب (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) لامتناعهم عن السجود لعظمتهِ والانقياد لطاعتهِ (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ ) بالعذاب (فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ) يُكرمهُ بالنعيم والثواب (إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) من الإنعام للمؤمنين والعقاب للكافرين .
19 - (هَذَانِ) الوجهان أهل الإيمان وأهل الكفر (خَصْمَانِ) بالعداوة والجدال والحرب (اخْتَصَمُوا فِي ) دين (رَبِّهِمْ فَالّذينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ ) وهذا مثَل ضربهُ الله تعالى ، والمعنى : أنّهم عُراة لا يستر عوراتهم إلاّ النار والدخان ، ومن ذلك قول جرير يهجو جماعة :
قد ارْتَدَوْا بِرِداءِ اللؤمِ واتّزَرُوا وقُطِّعَتْ لَهُمُ منهُ سَرابيلُ
(يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) أي الماء المغلي .
20 - (يُصْهَرُ بِهِ ) أي بذلك الحميم (مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) .
21 - (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) يُضرَبون بها .
22 - (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا ) أي من جهنّم (مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا ) لأنّ الجاذبيّة الّتي للشمس تجذبهم إليها ولا يمكنهم أن يفلتوا منها (وَ) قيل لهم (ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) أي المحرِق .
23 - (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ) أي من تحت أشجارها (الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ) أي أساور أثيريّة نشأت في أساور ذهبيّة ، ولذلك قال تعالى (مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ) ، ولم يقل أساور ذهبيّة ، فكان أوجز في الكلام لو قال ذلك ، (وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) .
24 - (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) يعني اُرشِدوا واُفهِموا إلى ذِكر الله بالتسبيح والتحميد ، وممّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة يونس {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } وقال أيضاً {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، (وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) "الصراط" هو الطريق ، و"الحميد" معناه المحمود ، والمعنى : واُرشِدَ كلّ واحد منهم إلى عملٍ محمود ، يعني إلى وظيفةٍ محمودة . لأنّهم يصبحون كالملائكة فيُعطَى لكلّ واحد وظيفة يقوم بأدائها ورُتبة تخصّهُ دون غيره . والشاهد على ذلك في سورة الصافّات لَمّا سأل النبيّ (ع) جبرائيل قال : ألكم وظائف؟ قال : {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } أي ولا واحد منّا إلاّ ولهُ وظيفة خاصّة بهِ ومعلومة عند غيره من الملائكة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |