كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المؤمنون من الآية( 15) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

15 - (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ) أي بعد إتمام الخلقة (لَمَيِّتُونَ) عند انقضاء آجالكم .

16 - (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) للحساب والجزاء .

17 - (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ) أي سبع طبقات غازيّة لسكنى الجن ، ولكلّ طبقة منهم طريقة يسيرون عليها ، أي مذهباً يدينون به . فكلمة طرائق جمع ومفردها طريقة وهي الشريعة والمذهب ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الجن حاكياً عن لسانهم : { كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } أي كنّا مذاهب مختلفة متقطّعة . (وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) لا عن الجن ولا عن الإنس .

18 - (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ ) أي من الطبقات الغازيّة (مَاءً بِقَدَرٍ ) أي بقدر الحاجة (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ) على الجبال بهيئة ثلوج وفي داخلها على هيئة ينابيع وبين الجبال يجري على هيئة أنهار وما زادَ يذهب إلى المنخفضات فيكون أبحراً (وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ) بأن نبخّرهُ بحرارة الشمس ولا نعيده مطراً أو نُلقيهِ على الأقطاب الباردة على هيئة ثلوج مُتراكمة بعيداً عنكم ، ولكن من رحمتنا بكم لم نفعل ذلك .

19 - (فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ ) أي بالماء (جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) يعني ومن البساتين تأكلون أثماراً اُخرى غير الفواكه الّتي في الأشجار ، ويريد بذلك المخضّرات كالخيار والقِثاء والبطّيخ والطماطة وغير ذلك .

20 - (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ ) وهي شجرة الزيتون ، وسيناء إسم الصحراء الّتي فيها جبل الطور ، وقوله (تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ ) يعني أصلها من ذلك الجبل ثمّ سقطت ثمرتها في الوادي القريب من الجبل فنبتت نواتها في الوادي وتكاثرت فيه ، وقوله (تَنبُتُ بِالدُّهْنِ ) "الدهن" هي النُقر والمنخفضات بين الجبال تجتمع فيها مياه الأمطار وكلمة "دهن" هي عامّية وليست فصيحة حيث أنّ الكلمة الفصيحة هي كلمة "زيت" والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النــور {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ } ، وقوله (وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ) يعني وزيتها صبغ للآكلين ، أي يصبغ اللّقمة بغمسها فيهِ وهو الزيت ، وفي ذلك قال الراجز :

                                      تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ بالبَلاغِ      وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ
                                     بِكِسْـرَةٍ لَـيِّنَةِ الـمَـضـاغِ     بالمِلْحِ أوْ ما خَفَّ مِنْ صِبَاغِ

21 - (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ) أي دلالةً على قدرة الله وحكمتهِ (نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا ) وهو اللّبن (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ ) غير اللّبن كالصوف والشعر والوبر والجلود (وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) أي من جُبنها وزبدها ودهنها وخاثرها تأكلون علاوةً على لحمها .

22 - (وَعَلَيْهَا) أي على الإبِل (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) يعني في البحر تُحمَلون على الفُلك وهي السفُن ، وفي البرّ تحمَلون على الإبِل . ثمّ بيّنَ سُبحانهُ أنّ أكثر الناس كفروا بهذهِ النِعم وعبدوا الأصنام وكذّبوا الرُسُل فقال تعالى :

23 - (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) وحده واتركوا عبادة الأصنام (مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) عذاب الله وتتركون عبادة الأصنام ؟

24 - (فَقَالَ الْمَلَأُ الّذينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ ) أي قال بعضهم لبعض (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) أي يترأّس عليكم (وَلَوْ شَاء اللَّهُ ) أن يبعث رسولاً (لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً ) من السماء (مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا ) القول الّذي يدعونا إليهِ من التوحيد (فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ) .

25 - (إِنْ هُوَ ) أي ما هو (إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ ) أي أصابتهُ الجنّ فجُنّ وأصبح يهذي (فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ ) أي انتظروا موته فتستريحوا منهُ .

26 - (قَالَ) نوح (رَبِّ انصُرْنِي ) عليهم (بِمَا كَذَّبُونِ ) أي بتكذيبهم إيّاي .

27 - (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ) أي بمراقبتنا (وَوَحْيِنَا) أي وإرشاداتنا لك على كيفيّةِ صُنعها (فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا ) بإهلاكهم (وَفَارَ) الماء من (التَّنُّورُ191 فَاسْلُكْ فِيهَا ) أي فأدخِل في السفينة (مِن كُلٍّ ) من الحيوان والأنعام والطير (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ) سبق تفسيرها في سورة هود (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الّذينَ ظَلَمُوا ) أي لا تكلّمني في شأنهم (إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) في الماء .

28 - (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ ) أي ركبتَ وجلستَ (أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) .

29 - (وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي ) بعد الطوفان (مُنزَلًا مُّبَارَكًا ) بعد الخروج من السفينة ، يعني منطقة جيدة صالحة للسُكنى وللزراعة أنزل فيها (وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ) .

30 - (إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في نجاة نوح وأصحابهِ وإغراق المكذّبين بهِ (لَآيَاتٍ) أي لعلامات واضحة على قُدرتنا وصِدق رسولنا (وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ) أي وقد كنّا لَمُختَبِرينَ القوم إذ أرسلنا إليهم نوحاً لنعلم من يؤمن ومن يكفر .

31 - (ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) أي قوماً آخرين في القرن الثاني بعد وفاة نوح ، وهم قبيلة عاد ورسولهم هود . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الأعراف {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } .

------------------------------------

191 :وإنّما فار الماء أوّلاً من التنّور لأنّهم كانوا يحفرون حفرة في الأرض فيبنون فيه تنّورهم فيخبزون وهم جلوس على الأرض ، ولا تزال هذه العادة مستعملة عند البربر في أفغانستان ، ولذلك فار الماء من التنّور لأنّه في نقرة من الأرض ، وهو العلامة أيضاً لبداية خروج الماء من الأرض وهلاك الكافرين بالغرق .

الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم