كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المؤمنون من الآية( 47) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

47 - (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ) أي خادمون .

48 - (فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ) في البحر بالغرَق .

49 - (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) أي التوراة (لَعَلَّهُمْ) بني إسرائيل (يَهْتَدُونَ) ويُصلحون أعمالهم .

50 - (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) على قدرتنا إذ ولد من غير أب (وَآوَيْنَاهُمَا) بعد قصّة الصلب (إِلَىٰ رَبْوَةٍ) بالشام (ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) أي وماء معين ، القرار جمع قرارة ، وهي نقرة يجتمع فيها الماء من منبع صغير في أسفلها ولكن لا يجري ماؤها ، أو يجتمع فيها ماء المطر ، والشاهد على ذلك قول عنترة بن شدّاد يصف روضة وفتيات يسقين تلك الروضة من القرار :

                                         جادَتْ عليهِ كلّ بِكرٍ حرّةٍ      فتركن َكلّ قرارةٍ كالدرهمِ
                                         سحّاً وتِسكاباً فكلّ عشيةٍ      يجري عليها الماءُ لم يَتصرّمِ

فقول الشاعر جادت عليه ، يعني جادت تلك الفتيات على الزرع بالماء من كلّ قرارةٍ ، ولذلك قال بعدها فتركنَ كل قرارة كالدرهم ، يعني لم يبق فيها ماء إلا قليل في أسفلها بقدر الدرهم . وقال الآخر :

                                      وما النفسُ إلّا نطفةٌ بقرارةٍ      إذا لم تُكدّر كان صفواً غديرُها

وجمع قرارة قرار، على وزن حجارة وأحجار ، وخيارة وخيار ، وقصيرة وقصار ، والشاهد على ذلك قول طرفة :

                                                والقرارُ بطنهُ غدقٌ      زيّنتْ جُلهاتهُ أكُمُهْ

وقال الفرزدق:
                                    ولقدْ عرَكْتُ بني كُليبٍ عَركةً      وتركتُهُمْ فَقْعاً بكلّ قرارِ

والمعين هو الماء الجاري ، والشاهد على ذلك قول عبيد بن الأبرص :

                                          عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ      كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ
                                           واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ      أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ

وقال جرير :
                                    إن الَّذِين غدوا بلبُّك غادروا      وَشَلاً بعينك لا يزال مَعِينا

وقال أيضاً :
                                غَضِبَتْ عَلَينَا أنْ مَنَعْنا مُجاشِعاً      قَديماً مَعِينَ الماء فاحتَفَرُوا الضَّحلا

وقد بنى الناس في تلك الربوة مسجداً صغيراً يسمّى اليوم مسجد الربوة ، في آخر جبل قاسيون ، وفيه ساقية حسنة ، ويقع هذا الجبل شمالي دمشق والصالحية .

51 - (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ) يريد بهم رسل المسيح وهم الحواريون ، والمعنى بعد وفاة المسيح قلنا لهم يا أيها الرسل (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) ولا تفسدوا هذه الأمّة بالتفرقة (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) فأجازيكم على أعمالكم .

52 - (وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ) النصرانية (أُمَّةً وَاحِدَةً) فلا تفرّقوها (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ولا تعصونِ .

53 - ثمّ أخبر الله عنهم بأنّهم تفرّقوا إلى مذاهب كثيرة فقال تعالى (فَتَقَطَّعُوا) وصاروا أحزاباً وذلك بسبب (أَمْرَهُم) أي بسبب أمرائهم الذين (بَيْنَهُمْ) وكتبوا (زُبُرًا) أي كتباً ، جمع زبور ، فكتبوا أربعة أناجيل ، وهي إنجيل لوقا ويوحنّا ومتّى ومرقس (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ) من الأناجيل (فَرِحُونَ) أي مسرورون بأنّهم على طريق الصواب .

54 - (فَذَرْهُمْ) يا محمد، أي اتركهم بعد أن أبلغتهم وأنذرتهم (فِي غَمْرَتِهِمْ) أي غارقين في بحر الجهل وقد غمرتهم مياهه (حَتَّىٰ حِينٍ) يعني حتّى ينصرك الله عليهم فتقتلهم وتأسرهم . وقد سبق معنى شرح كلمة الغمرة في سورة الأنعام عند قوله تعالى { إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ }.

55 - (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ )

56 - (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ) يعني أيظنّون أنّما نمدّهم بالمال والبنين مجازاةً لأعمالهم أو لكرامتهم علينا ؟ كلا (بَل) الأمرُ عكس ذلك ولكن (لَّا يَشْعُرُونَ ) .

57 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ حال المؤمنين الأخيار بعدما بيّنَ حال المشركين الفجّار فقال تعالى (إِنَّ) المؤمنين (الّذينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ) أي خائفون من أعمالهم لئلا يقع منهم خطأ أو نسيان فيُعاقَبون عليه .

58 - (وَالّذينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) الّتي جاءت في القرآن (يُؤْمِنُونَ) .

59 - (وَالّذينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ) أحداً في العبادة .

60 - (وَالّذينَ يُؤْتُونَ ) الواجبات والطاعات (مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي خائفة لئلا يقع منهم تقصير في أداء واجب أو عمل ناقص (أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) بعد موتهم فيجازيهم على أعمالهم ويُدخلهم جنّاته .

61 - (أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ) عمل (الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا ) أي للجِنان (سَابِقُونَ) يسبقون غيرهم بألف سنة .

62 - (وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا ) من الطاعات (إِلَّا وُسْعَهَا) يعني إلا دون طاقتها (وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ) أي بالقول الحقّ (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) في زيادةٍ أو نُقصان ، وهو كتاب أعمالهم . ولا غرابة في الكتاب إذا نطق فإنّ عندنا في الدنيا كتاباً ينطق ويشهد عليك بما تكلّمتَ ونطقتَ حتّى الصفير لا يتركهُ بل يكتبهُ ، وهو المسجّل والشريط كتابهُ .

63 - (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ ) أي في غفلةٍ تسبح في بحر الشهوات. فالغَمرة هي الماء الكثير الّذي يغمر الإنسان كالبُحيرة ، ومن ذلك قولُ الفرزدق:

                                  ونَجَّى أبا الْمِنْهالِ ثانٍ كَأَنّهُ      يَدا سابِحٍ في غَمْرَةٍ يَتَذَرَّعُ

(مِّنْ هَذَا ) الكتاب (وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ ) أي ولهم أعمال سيّئة غير الإشراك (هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ) .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم