كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المؤمنون من الآية( 83) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

83 - (لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا ) الوعد بالبعث (مِن قَبْلُ ) مجيء محمّد فما صَدَقوا ولم يُبعث آباؤنا من قبورهم (إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) أي أكاذيبهم الّتي سطروها في الكتب .

84 - (قُل) يا محمّد (لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الحقيقة ؟

85 - (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) أي أفلا تتّعِظون وتفكّرون بأنّ القادر على الخلق ابتداءً أليس قادراً على الإعادة ثانيةً ؟

86 - (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ ) الأثيريّة (السَّبْعِ) الّتي تسكنها الملائكة ، يعني مَنْ مالِكها (وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) الّذي فوق السماوات السبع ؟

87 - (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) عقابه على جحود توحيدهِ والإشراك في عبادتهِ وإنكاركم للبعث ؟

88 - (قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ ) أي مُلك (كُلِّ شَيْءٍ ) في الكون (وَهُوَ يُجِيرُ ) من استجارَ بهِ (وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ) يعني إذا استجارَ أحدٌ من خلقهِ عند أحدِ أنبيائهِ فلا يتمكّن ذلك النبيّ أن يُخلّصهُ من عذاب الله بقوّتهِ ولا بشفاعتهِ لأنّ إرادة الله فوق إرادة الأنبياء (إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الحقيقة وتسيرون عليها ؟

89 - (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) الإرادة (قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) أي فكيف تنسبون القرآن للسِحر؟ وذلك قولهم [كما في سورة المدثّر]: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ}.

90 - (بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ ) يعني بل جاءهم محمّد من عندنا بالقول الحقّ لم يكذب عليهم (وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) في ادّعائهم بأنّ الملائكة بنات الله .

91 - (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ ) كما تزعم العرب بأنّ الملائكة بنات الله (وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ) كما تزعم النصارَى بأنّه ثالث ثلاثةٍ ، فلو كان كما يزعمون (إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ) أي لميّز كلّ إلاهٍ خلقهُ عن خلقِ غيرهِ ومنعهُ عن الاستيلاء عليهِ ووقع بينهما التحارب والتغالب كما هو حال ملوك الأرض (وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) في القُدرة والحكمة فتكون الغلبة للأقدر والأعلم (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) أي تنزيهاً لهُ عن اتّخاذ الولد والشريك فهو واحد لا ولد لهُ ولا شريك في الخلق .

92 - (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) أي يعلمُ ما غابَ عنكم وما حضر عندكم (فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) أي لا مُناسَبة ولا مماثَلة بين الخالق والمخلوقين الّذينَ يجعلونهم شُركاء مع الله .

93 - (قُل رَّبِّ إِمَّا ) يعني إنْ (تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ) من الاستدراج بالمرض أو بالموت والقتل والأسر أو بالفقر ، وكلمة "ما" لتنوّع العذاب ، وذلك قوله تعالى في سورة الأعراف {وَالّذينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } .

94 - (رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) بل نجّني منهم بالهجرة إلى مدينة يثرب .

95 - (وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ ) من الاستدراج (لَقَادِرُونَ) ولكن لا نُعاجلهم بالعقوبة لعلّهم يُسلمون .

96 - (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) أي إدفع سيئاتهم معك بإحسانك إليهم . ومِثلها في سورة فُصّلت قوله تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } ، (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) لك من صِفات ذميمة فيقولون مجنون ويقولون ساحر ويقولون كذّاب .

97 - (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ ) أي أعتصم بك (مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) أي من شياطين الإنس وهمزاتهم ، والهمّاز الّذي يعيب الناس ويسخر منهم .

98 - (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ) مجلسي . ثمّ أخبر سُبحانهُ عن حال الكافرين والبُخلاء ساعة الموت فقال :

99 - (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ) يعني لَمّا أشرف على الموت (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) يعني يا ملائكة ربّي ارجعوني إلى الدنيا .

100 - (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) من المال فاُنفقهُ في سبيل الله على الفقراء والمحتاجين ، فقالت الملائكة (كَلَّا) لا رجعةَ لك (إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) ولكن لا صِحّةَ لها ، والكلمة قوله (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) ، (وَمِن وَرَائِهِم ) الشيطان هو (بَرْزَخٌ) لهم ، أي حاجز193 على أموالهم ومانع لهم من الإنفاق ، يعني لو رجعوا (إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) من أجسامهم إلى عالم الأثير ، عالم النفوس فلذلك لا ينفقون. وممّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } .

101 - (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) يعني يوم القيامة ، و الصور هو القِشرة الباردة الّتي تتكوّن على وجه الشمس ، والنفخ يكون من جوفها في صدعٍ يكون لقشرتها ، وذلك بسبب الغازات المنبَعِثة من جوفها فيكون لها صوت عظيم يُزعج أهل السماوات والأرض ، وقد شرحتُ هذا الموضوع في كتابي الكون والقرآن ، وقوله (فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ) والمعنى: كلّ إنسان مشغول بنفسهِ في ذلك اليوم لا يسأل عن قريبهِ ولا عن صديقهِ .

102 - (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) يعني فمن طالت مُحاكمتهُ في المحشر (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) بدخول الجنّة .

103 - (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) يعني ومن قصُرت محاكمتهُ ، ومعناه لا يُحاكم أبداً ولكن يُسأل سؤال توبيخ وتقريع (فَأُوْلَئِكَ الّذينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ) بأن أوقعوها في العذاب (فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) .

104 - (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ) ألسِنةُ (النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) أي سود الوجوه لِما يُصيبهم من دخانها. يُقال "أسود كالح" أي شديد السواد ، ومن ذلك قول الخنساء:

                                      فمَنْ لِلحربِ إذا صارتْ كَلُوحاً      وشَمَّرَ مُشْعِلُوها للنُهوضِ

------------------------------------

193 :"البرزخ" معناهُ الحاجز ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ } يعني بينهما حاجز .

<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم