كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
96 - (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) أي إدفع سيئاتهم معك بإحسانك إليهم . ومِثلها في سورة فُصّلت قوله تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } ، (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) لك من صِفات ذميمة فيقولون مجنون ويقولون ساحر ويقولون كذّاب .
97 - (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ ) أي أعتصم بك (مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) أي من شياطين الإنس وهمزاتهم ، والهمّاز الّذي يعيب الناس ويسخر منهم .
98 - (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ) مجلسي . ثمّ أخبر سُبحانهُ عن حال الكافرين والبُخلاء ساعة الموت فقال :
99 - (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ) يعني لَمّا أشرف على الموت (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) يعني يا ملائكة ربّي ارجعوني إلى الدنيا .
100 - (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) من المال فاُنفقهُ في سبيل الله على الفقراء والمحتاجين ، فقالت الملائكة (كَلَّا) لا رجعةَ لك (إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) ولكن لا صِحّةَ لها ، والكلمة قوله (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) ، (وَمِن وَرَائِهِم ) الشيطان هو (بَرْزَخٌ) لهم ، أي حاجز193 على أموالهم ومانع لهم من الإنفاق ، يعني لو رجعوا (إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) من أجسامهم إلى عالم الأثير ، عالم النفوس فلذلك لا ينفقون. وممّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } .
101 - (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) يعني يوم القيامة ، و الصور هو القِشرة الباردة الّتي تتكوّن على وجه الشمس ، والنفخ يكون من جوفها في صدعٍ يكون لقشرتها ، وذلك بسبب الغازات المنبَعِثة من جوفها فيكون لها صوت عظيم يُزعج أهل السماوات والأرض ، وقد شرحتُ هذا الموضوع في كتابي الكون والقرآن ، وقوله (فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ) والمعنى: كلّ إنسان مشغول بنفسهِ في ذلك اليوم لا يسأل عن قريبهِ ولا عن صديقهِ .
102 - (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) يعني فمن طالت مُحاكمتهُ في المحشر (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) بدخول الجنّة .
103 - (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) يعني ومن قصُرت محاكمتهُ ، ومعناه لا يُحاكم أبداً ولكن يُسأل سؤال توبيخ وتقريع (فَأُوْلَئِكَ الّذينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ) بأن أوقعوها في العذاب (فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) .
104 - (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ) ألسِنةُ (النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) أي سود الوجوه لِما يُصيبهم من دخانها. يُقال "أسود كالح" أي شديد السواد ، ومن ذلك قول الخنساء:
فمَنْ لِلحربِ إذا صارتْ كَلُوحاً وشَمَّرَ مُشْعِلُوها للنُهوضِ
105 - فقال تعالى (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ ) أي تُقرأ عليكم في دار الدنيا (فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) ؟
106 - (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) أي غَلَبَ علينا جهلنا فشقَونا (وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ) عن طريق الحقّ .
107 - (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا ) أي من جهنّم (فَإِنْ عُدْنَا ) إلى ما نهَيتنا عنهُ (فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) نستحقّ حينئذٍ العذاب .
108 - (قَالَ) الله تعالى في جوابهم (اخْسَؤُوا فِيهَا ) وهي كلمة زجر للكلاب ، وإذا قيلت للإنسان تكون له على وجه الإهانة والتحقير (وَلَا تُكَلِّمُونِ ) بكلّ كلام .
109 - (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا ) بما أنزلتَ واتّبعنا الرسول (فَاغْفِرْ لَنَا ) ذنوبنا (وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) لمن يُطيع أوامرك .
110 - (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ) أي كنتم تسخرون بهم وتهزؤون منهم (حَتَّى أَنسَوْكُمْ ) الشياطين194 (ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ ) أي من المؤمنين (تَضْحَكُونَ) .
111 - (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ ) الجنّةَ (بِمَا صَبَرُوا ) على سُخريتكم (أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ) بنعيم الجنّة .
112 - (قَالَ) ملَك العذاب لمنكِري البعث (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) في حياتكم المادّية (عَدَدَ سِنِينَ ) لماذا لم تتفكّروا وتتّعِظوا وتقدّموا لآخرتكم ؟
113 - (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ) أي الّذينَ يعدّون الأيّام ولم يَسَعْنا أن نفكّر في الآخرة ونتزوّد لها. وإنّما قالوا يوماً أو بعض يوم ، لانقضائها بسرعة وانشغالهم بجمع المال فكأنّها يوم واحد .
114 - (قَالَ) الملَك ( إِن لَّبِثْتُمْ ) أي ما لبثتم في دار الدنيا ( إِلَّا قَلِيلًا ) بالنسبة للآخرة ( لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الحقيقة لَما شغلَكم حُبّ الدنيا عن الآخرة ولكنّ جهلكم وعنادكم أوقعكم في العذاب .
115 - (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) بغير غاية ولا نهاية (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) بعد موتكم ، يعني ظننتم أنّكم أجسام بلا نفوس وتنتهي حياتكم عند موتكم ولم تعلموا أنّ النفس هيَ الإنسان الحقيقي وعند انفصالها من الجسم تكون في قبضتنا وتحت حُكمنا .
116 - (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ) أي تعالَى من أن يخلق شيئاً عبثاً بلا فائدة (لَا إِلَهَ ) في الكون (إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) أي صاحب العرش الجميل الْمُتلَئلِئ .
117 - (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) أي لا حُجّةَ لهُ فيما يدّعيهِ (فَإِنَّمَا حِسَابُهُ ) أي عقابهُ (عِندَ رَبِّهِ ) في الآخرة (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) بل يخسرون .
118 - (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ ) للمؤمنين من قومي (وَارْحَمْ) الفقراء من أصحابي (وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) لمن سألك الرحمة .
تمّ بعون الله تفسير سورة المؤمنون ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |