كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة النّور من الآية( 62) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

62 - ولَمّا حفروا الخندق حول المدينة كان المؤمنون يستأذنون من النبيّ إذا أرادوا الذهاب إلى شؤونهم وقضاء حوائجهم ، أمّا المنافقون فلا يسـتأذنون ، فنزلت هذه الآية في مدح المؤمنين وهي قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ ) في الحقيقة (الّذينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ ) أي مع رسوله (عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ ) كحفر الخندق أو الجهاد أو غير ذلك (لَمْ يَذْهَبُوا ) لقضاء حوائجهم (حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الّذينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ ) يا محمّد في الذهاب (أُوْلَئِكَ الّذينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) إيماناً صادقاً (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ ) أي واطلب لهم المغفرة من الله (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ) للمؤمنين (رَّحِيمٌ) بالمتّقين .

63 - ثمّ خاطبَ المسلمين فقال تعالى (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ ) إذا دعاكم إلى عملٍ تقومون بهِ (كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا ) فإنّ أمرهُ واجب الإطاعة والذهاب عنهُ بدون إذنٍ منه حرام (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الّذينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ ) أي يذهبون خُفيةً واحداً بعد الآخر تاركين عملهم (لِوَاذًا) أي مُستترين بالنخيل أو بغيرهم من أصحابهم ، من قولهم "لاذَ يلوذُ لِواذاً" إذا لجأ إلى نخلةٍ أو جدارٍ واستتر خلفهُ (فَلْيَحْذَرِ الّذينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) يعني عن أمر الرسول ولا يمتَثِلون (أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ) في الدنيا كمرض أو فقر أو بليّة (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة .

64 - ولَمّا نزلت الآية السابقة قال بعض المسلمين في نفسهِ نحنُ فُقراء ، إن نذهب نبيع ونشتري لنكسب المال . فنزل قوله تعالى (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) مُلكاً وتصرّفاً فيغنيكم من فضله في المستقبَل فلا تعجلوا على تحصيل المال ، فحفظ النفس أوجب من جمع المال (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ ) من الفقر فاصبروا ولا تستعجلوا . ثمّ أخذَ سُبحانهُ في تهديد المنافقين الّذينَ يُخالفون أمر الرسول ويتسلّلون مُنهزمين عن العمل فقال تعالى (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ ) تقديرهُ ستُصيبهم فتنة في الدنيا ويوم يُرجَعون إليه يندمون (فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ) أي فيعاقبهم على أعمالهم السيّئة ، وذلك لأنّ الكافرين والمنافقين لا يُحاسَبون بل تُنبّئهُم الملائكة بأفعالهم وتذكّرهم بها على وجه التوبيخ والتأنيب (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) لا يَخفَى عليه شيء من أعمالهم.


                                        تمّ بعون الله تفسير سورة النور، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة السورة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم