كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الفرقان من الآية( 26) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

26 - (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ) أي الملْك الحقيقي الّذي يبقَى ولا يزول هو الأثيري فهو مُلكٌ (لِلرَّحْمَنِ) يهبهُ لمن يستحقّهُ بأعماله ، وهو ما في الجنان الأثيريّة (وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ) لشدّةِ أهوالهِ .

27 - (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ) ندماً وأسفاً على ما فاته ، ومن ذلك قول عنترة :

                                 وكَمْ فارِسٍ يا عَبْلَ غادَرْتُ ثاوِياً      يَعُضُّ على كَفَّيْهِ عَضَّةَ نادِمِ

وقال كعب بن زُهير يصف صيّاداً أفلتَ منهُ حُمُر الوحش وذهبَ سهمهُ بلا إصابة :

                                         يعضُّ بإبهامِ اليدَينِ تندُّماً      ولَهَّفَ سِرّاً أُمَّهُ وهو نادِمُ

(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) أي ليتني اتّبعتُ محمّداً واتّخذتُ معهُ سبيلاً إلى الهُدى.

28 - (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) وفلان كناية عن أحد رؤسائهم وقادتهم الّذينَ أضلّوهم ومنعوهم عن الإيمان بالنبيّ .

29 - (لَقَدْ أَضَلَّنِي ) فُلان (عَنِ الذِّكْرِ ) أي عن القرآن الّذي هو موعظة وتذكير (بَعْدَ إِذْ جَاءنِي ) بهِ محمّد من عند الله ، وأغواني الشيطان (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) أي يتبرّأ منهُ بعد أن يوقعهُ في المهالك .

30 - (وَقَالَ الرَّسُولُ ) محمّد (يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) يعني متروكاً لم يؤمنوا بهِ ولم يقبلوه .

31 - (وَكَذَ‌ٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ) ليشيع أمر النبي ويذاع خبره ، كما قال الشاعر :

                           وإذا أرادَ اللهُ نشرَ فضيلةٍ      طُوِيَتْ أتاحَ لها لسانَ حَسودِ

( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) أي حسبك الله هادياً وناصراً لك ولمن آمن برسالتك .

32 - (وَقَالَ الّذينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) أي دفعة واحدة مكتوباً في كتاب ، فردّ الله عليهم قولهم فقال (كَذَلِكَ) أي كما أنزلناهُ متفرّقاً كذلك نُنزلهُ عليك يا محمّد في المستقبَل ولا ننزلهُ جملة واحدة كما يقترحون ، والغاية من ذلك (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ) على الإيمان والاطمئنان بالرسالة ولتحفظهُ ولا تنساهُ (وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) أي وفصّلناهُ تفصيلاً .

33 - (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ) يضربونهُ لك في إبطال أمرك ومُخاصمتك (إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ ) أي بالجواب الحقّ الّذي يُبطل أمثالهم ويدحضها (وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) أي وأحسن شرحاً وكشفاً عن المقصود .

34 - (الّذينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ ) أي مُتّجهين (إِلَى جَهَنَّمَ ) لا يميلون عنها يميناً ولا شمالاً ، لأنّ جاذبيّتها تجذبهم إليها (أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا ) مكانهم فيها وتمكينهم من الطعام والشراب (وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) أي وأخطأ طريقاً .

35 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ في حديث الأنبياء وقصصهم تسليةً وتثبيتاً لرسوله محمّد فقال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) أي التوراة (وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ) أي مُساعداً يُساعده على التبليغ للرسالة .

36 - (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الّذينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ) يعني إلى فرعون وقومه ، فلم يؤمنوا (فَدَمَّرْنَاهُمْ) في البحر (تَدْمِيرًا) .

37 - (وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ ) وإنّما جمعَ كلمة "رُسُل" وهو واحد ، أراد بذلك نوحاً والملائكة الّتي نزلت عليهِ بالوحي وبالإرشادات لصناعة السفينة (وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ) أي عِبرةً وعِظةً (وَأَعْتَدْنَا) أي هيّأنا (لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ) غير ما حلّ بهم في الدنيا .

38 - (وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ ) أهلكناهم جميعاً بتكذيبهم للرُسُل ، و"الرسّ " هو السيل ، وأصحاب الرسّ هم الّذينَ دمّرهم السيل وأهلكهم. والشاهد على ذلك قول زُهير :

                             لِمَنْ طَلَلٌ كَالوَحْيِ عافٍ مَنازِلُهْ      عَفا الرَّسُ مِنْها فالرَّسِيسُ فَعاقِلُهْ

العف محو الآثار من الديار ، وقوله " عَفا الرَّسُ مِنْها" أي محَى آثارها السيل ، والرسيس هو المرض ، وقوله " فعاقِلُهْ " يعني فعاقَ المرض لهُ ، أي عاقهم المرض عن الرحيل حتّى جاءهم السيل فأغرقهم . وقال ذو الرمّة :

                                 خَناطيلُ يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ      ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرّوائِسُ

الغثاء هو القشّ ، وقوله " نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرّوائِسُ " يعني أزالت القشّ مياه السيول الّتي جاءت من الروائس أي من رؤوس الجبال . وقال كعب بن زُهير يصفُ حمار وحش :

                             أتى دُونَ ماءِ الرَّسِّ بادٍ وحاضِرٌ      وفيها الجِمامُ الطامِيَاتُ الخَضارِمُ

والمقصود في الآية هم أهل سبأ أتاهم سيل العرِم فهدّم السدّ وأغرقهم وأتلفَ مزارعهم وبساتينهم ، وقوله (وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ) أي وأهلكنا أيضاً كثيراً من الناس بين عاد وأصحاب الرسّ بسبب ظلمهم وكفرهم .

39 - (وَكُلًّا) منهم (ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ) بِمَن مضَى قبلهم وأنذرناهم ونصحناهم فلم يؤمنوا بل ازدادوا طغياناً وكفراً (وَكُلًّا) من المعاندين (تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ) أي دمّرناهم تدميرا . والشاهد على ذلك قول حسّان :

                                       حَتَّى تُبارَ قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ      قَوَداً وَتُخْرَبَ بِالدِّيارِ دِيارُ

40 - (وَلَقَدْ أَتَوْا ) أهل مكّة (عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ) وهي قُرى لوط الأربع (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ) أهل مكّة في أسفارهم حين مرّوا بها فيخافوا ويعتبروا (بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا ) يعني بل رأوها وإنّما لم يعتبروا لأنّهم لا يعتقدون بالبعث ولا بالعالَم الثاني عالَم النفوس لكي يخافوا من العقاب ويأملوا الثواب .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم