كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
6 - (قُلْ) لهم يا محمّد (أَنزَلَهُ) أي الله أنزل القرآن (الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فأخبركم فيهِ عن الماضي والمستقبل فكيف تنسبونهُ إلى محمّد وهو لا يعلم الغيب (إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا ) لمن تاب (رَّحِيمًا) بمن أسلمَ وآمَن .
7 - (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ) كما نأكل (وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ) لطلب المعاش كما نمشي (لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ) أي معيناً لهُ على الإنذار .
8 - (أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ ) يستغني بهِ عن طلب المعاش (أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ) أي بستان يأكل من أثمارها (وَقَالَ الظَّالِمُونَ ) أي المشركون للمؤمنين (إِن تَتَّبِعُونَ ) أي ما تتّبعون (إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ) يعني سحروهُ فجُنّ .
9 - (انظُرْ) يا محمّد (كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ ) فقالوا مسحور وقالوا مُحتاج متروك وقالوا مجنون (فَضَلُّوا) بهذا القول عن الهُدى (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ) إلى إبطال أمركَ ودحضِ حُجّتك .
10 - (تَبَارَكَ) أي تكاثر عليك الخير من الله (الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ ) في الدنيا (خَيْرًا مِّن ذَلِكَ ) أي ممّا قالوهُ من الكنز والبُستان ، فيجعل لك (جَنَّاتٍ) كثيرة بدل الواحدة (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا ) كثيرة ، ولكن لا فائدة في مال الدنيا لأنّك غير مُخلّد فيها بل تنتقل إلى الآخرة والآخرةُ خيرٌ وأبقَى .
11 - (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ) أي بالقيامة والبعث (وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ) هي جهنّم
12 - (إِذَا رَأَتْهُم ) خزَنَتها (مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ) زادوا في سعيرها حتّى (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ) أي الكافرون يسمعون صوت زفيرها وشهيقها من بعيد ، فالتغيّظ هو صوت غليانها ، ومن ذلك قول الفرزدق يصف الطبّاخين الّذينَ يطبخون اللّحم :
إذا اسْتَحْمَشُوهَا بِالوَقُودِ تَغَيَّظَتْ عَلَى اللَّحْمِ حَتَّى تَتْرُكَ العَظْمَ بَادِيَا
و"الزفير" صوت الغازات واللّهب المتدَفِّق منها . ومِثلها في سورة هود قوله تعالى {فَأَمَّا الّذينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } .
13 - (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا ) أي من جهنّم فيضيق عليهم المكان لكثرتهم (مُقَرَّنِينَ) أي مُقيّدين بجاذبيّة الشمس لا يمكنهم الإفلات منها (دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ) أي دعَوا على أنفسهم بالهلاك ، يعني يدعون من الله أن يعدمهم من الوجود ليرتاحوا من العذاب . فتجيبهم الملائكة قائلةً :
14 - (لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ) والمعنى : لا ينفعكم دُعاؤكم وإن كثُرَ منكم
15 - (قُلْ) لهم يا محمّد (أَذَلِكَ) العذاب (خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً ) على أعمالهم (وَمَصِيرًا) يصيرون إليها ويسكنون فيها ؟
16 - (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ ) ويشتهون (خَالِدِينَ) أي مُخلّدين فيها إلى الأبد (كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولًا ) يعني وعدهم في الدنيا بنعيم الآخرة فوفَى لهم بوعدهِ كما سألوهُ بقولهم [كما في سورة آل عمران : ] {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ } .
17 - (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ) أي يجمعهم (وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) يعني الملائكة الّتي عبدوها من دون الله (فَيَقُولُ) الله تعالى لهؤلاء المعبودين (أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ ) عن طريق الحقّ (أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ) أي ضلّوا الطريق ؟
18 - (قَالُوا) أي قال المعبودون (سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ) أي لا يليق بنا أن نتولّى أحداً غيرك فكيف نأمر أحداً بأن يتوَلّانا (وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ ) بأنواع النِعَم وطول العُمر في الدنيا فاستغرقوا في الشهوات (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ ) أي غفلوا عن القرآن ولم يتّعِظوا بهِ (وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) أي فارغين من العقل والتفكير ، والشاهد على ذلك قولُ ابن الزبعري:
يَا رَسُولَ الْمَلِيكِ إِنَّ لِسَانِـي رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنَا بُــورُ
وقال حسّان يذمّ اليهود :
هُمُ أُوتُوا الكِتابَ فَضَيّعوُهُ فَهُمْ عُمْيٌ مِنَ التَّوْراةِ بُورُ
يعني : فارغون من العقول .
19 - ثمّ وجّه الكلام إلى المشركين فقال تعالى (فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا ) كنتم (تَقُولُونَ) من أنّهم شُفعاؤنا عند الله ، فلم يشفعوا لكم بل تبرّأوا منكم (فَمَا تَسْتَطِيعُونَ ) اليومَ (صَرْفًا) للعذاب عنكم (وَلَا نَصْرًا ) لكم . ثمّ خاطبَ المسلمين فقال تعالى (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ ) أحداً من المسلمين أو يظلم نفسه بأن يُشرك في عبادته غير الله أو يرتكب جرائم (نُذِقْهُ) في الآخرة (عَذَابًا كَبِيرًا ) أي شديداً دائماً .
20 - ثمّ عادَ سُبحانهُ إلى مُخاطَبة النبيّ فقال (وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ) كما تأكل أنت (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ) كما تمشي ، فلماذا يستنكرون عليك الأكل والمشي (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ) أي جعلنا الرُسُل لأقوامهم فتنة وجعلنا الأقوام لرُسُلهم فتنة ، و"الفتنة" معناها الاختبار ، والمعنى : نُرسل الرسول إلى قومهِ لنختبرهم هل يؤمنون أم يصدّون عن الإيمان ، ونختبر الرسول بأذى قومهِ هل يصبر على أذاهم أم يجزع ، فالمراد من الرُسُل الصبر على أذى قومهم ، والمراد من القوم الإيمان برسولهم ، وبذلك نختبر بعضهم ببعض (أَتَصْبِرُونَ) أيّها الرُسُل أم تجزعون ، هذا اختبارنا لكم (وَكَانَ رَبُّكَ ) يا محمّد (بَصِيرًا) بعبادهِ فيختار منهم للرسالة من كان صبوراً لا يجزع .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |