كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
20 - (فَإنْ حَآجُّوكَ ) النصارى وخاصموك ، وهم وفدُ نجران (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ ) أي استسلمتُ لأوامر الله واتّجهتُ بنفسي إلى دينِهِ وتعاليمهِ فلا أحيد عنها شئتم هذا أم أبَيتم (وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أيضاً استسلموا لأوامر الله (وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) أي اليهود والنصارى (وَالأُمِّيِّينَ) أي الّذينَ لا كتاب لهم ، وهم مشركو العرب (أَأَسْلَمْتُمْ) كما أسلمنا (فَإِنْ أَسْلَمُواْ ) كما أسلمتم (فَقَدِ اهْتَدَواْ ) إلى طريق الحقّ (وَّإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك ولم يُسلموا (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ ) وقد بلّغتهم وليس عليك هُداهم (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) فيهدي من كان أهلاً للهداية ويُضلُّ من يستحقّ الضلالة .
21 - (إِنَّ الّذينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) أي يكفرون بالكتب السماوية ويجحدونَها (وَيَقْتُلُونَ النبيّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) أي بغير ذنب اقترفوه ولا جريمة اكتسبوها ، وهم اليهود كانوا يقتلون الأنبياء ومن ذلك زكريا ويحيى وأرادوا صلب المسيح (وَيَقْتُلُونَ الّذينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل (مِنَ النَّاسِ ) وهم كهنة بني إسرائيل (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) يعذّبون فيه في الآخرة .
22 - (أُولَـئِكَ الّذينَ ) كفروا والّذينَ قَتلوا الأنبياء والوعّاظ (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) الصالحة ، أي ضاعت فلا يؤجَرون عليها (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) لأنّهم كفروا بما اُنزل على محمّد كما قَتل آباؤهم الأنبياء والكهنة (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) يدفعون عنهم العذاب في الآخرة .
وإليك ما جاء في التوراة من قتلهم الأنبياء والكهنة ، فقد جاء في الاصحاح التاسع عشر من الملوك الأوّل قال "وكان كلام الربّ إليه يقول له ما لك ها هنا يا إيليّا ، فقال قد غرتُ غيرة للربّ إلاه الجنود لأنّ بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها" .
أمّا ما جاء في قتل الآمرين بالقسط ففي الإصحاح الثاني والعشرين من صموئيل الأوّل قال "فقال الملك لداواغ دُر أنت وقع بالكهنة ، فدار داواغ الأدومي ووقع بالكهَنة وقتل في ذلك اليوم خمسةً وثمانين رجلاً لابسي أفود كتّان ، وضربَ نوب مدينة الكهَنة بحدّ السيف " .
23 - تشاجر جماعة من اليهود وتخاصموا في ميراث أبيهم ، فقال الولد البكر إنّ لي حصتين من إرث أبي ، قال إخوته ليس لك إلا حصّة واحدة مثلنا لأنّك ابن أمَة وليست اُمّك حرّة كاُمّنا ، والحكم في توراة عزرا للولد البِكر حصّتان ، يعني أوّل مولود يولد لأبيه . فذهبوا إلى الكوهين حيي بن أخطب فلم يوافقوا بحكمهِ ، فدعاهم أحد المسلمين إلى حُكم القرآن ، فجاؤوا إلى رسول الله وشرحوا له قِصّتهم ، فقال النبيّ (ع) حكم الله في القرآن البنون يرثون أباهم بالتساوي ، ولكن إن كان فيهم بنات فللذكر منهم مثل حظّ الاُنثيين ، أمّا اختلاف الاُمّهات لا تأثير له في الميراث لأنّ الإرث جاء من أبيكم ، فوافق الإخوة على حكم القرآن ولكنّ كبيرهم لم يوافق على ذلك وقال بحكم التوراة لي حصّتان لأنّي بكرُ أبي ، ورجعوا من حيث أتَوا ، فنزلت فيهم هذه الآية :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ) أي اُعطوا حصّة من الكتُب السماويّة وهي التوراة (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ ) يعني إلى القرآن (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) في ميراث أبيهم (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ) بعد المحاكمة عن الحُكم ولم يُوافقوا بحُكمهِ ، وهو الولد البِكر وأخوالُهُ (وَهُم مُّعْرِضُونَ ) عن القرآن بما فيه من حُكم الميراث .
24 - (ذَلِكَ) شأنهم في الإعراض (بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ ) يوم القيامة (إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) وهي سبعة أيام التي عبدوا فيها العجل في زمن موسى (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) أي غرّهم افتراء علمائهم عليهم بأن قالوا لهم أنتم شعب الله المختار ، وأنتم أبناء الله وأحبّاؤه ، وجميع الشعوب عبيد لكم ، فغرّتهم هذه الكلمات فكفروا وتكبّروا على أنبياء الله وجحدوا آياته فخسروا ، كما تكبّر إبليس على الملائكة فخسرَ منزلته في السماء وطُرِدَ من الجنّة وخسرَ آخرتَه .
25 - (فَكَيْفَ) يكون حالهم (إِذَا جَمعناهُمْ ) في عالم النفوس وحشرناهم (لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ) أي لا شكّ فيه لمن نظر الأدلّة ، وهو يوم القيامة (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ) أي واستوفت كلّ نفس جزاء عملها الذي كسبته يداها في دار الدنيا من خير أو شرّ (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) فلا يُنقَص من حسنات أحد ولا يزاد في سيّئات أحد إلاّ باستحقاق .
26 - (قُل) يا محمّد في دعائك (اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) أي مالك ما في الدنيا والآخرة (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ ) من عبيدك (وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء ) من الناس (وَتُعِزُّ) من الناس (مَن تَشَاءُ ) أن يكون عزيزاً فيما بينهم (وَتُذِلُّ) من الناس (مَن تَشَاءُ ) أن يكون ذليلاً (بِيَدِكَ الْخَيْرُ ) كلّهُ (إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) لا يعجزك شيء من ذلك . ويجب على من يقرأ هذه الآية في الدعاء أو في الصلاة أن يبدأ بقوله (اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) ، إلى آخر الآية ويترك كلمة (قُل) لأنّ الخِطاب لله تعالى فلا يُخاطبه بكلمة (قُل) ، وكذلك من يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } في الصلاة أو {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } أو {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ، فيجب أن يترك كلمة (قُل) ، ويبدأ بما بعدها .
27 - (تُولِجُ اللّيل فِي الْنَّهَارِ ) أي تدخل اللّيل في النهار (وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللّيل ) وذلك بواسطة دوران الأرض حول نفسها فيكون في جهةٍ منها ليل وفي الجهة الاُخرى نهار ، وهكذا يتعاقب اللّيل والنهار بسبب دوران الأرض حول نفسها فيتداخل بعضهما في بعض (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ) يعني تُخرج الأحياء من الجمادات ، وذلك كالنبات من الأرض ، فالنبات حيّ والأرض ميّتة ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة ي س {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } ، والفرخ من البيضة ، فالفرخ حيّ وقشر البيضة لا حياةَ فيه ، وآدم من تراب : فآدم حيّ والتراب لا حياة فيه ، وما أشبه ذلك (وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ ) يعني تخرج الجماد من مخلوق حيّ وذلك كاللّؤلؤ من الحيوان الصدَفي ، والعاج من الفيل ، والعسل من النحل ، والقزّ من دودة القزّ ، والمسكُ من الغزال ، والصوف من الغنم ، والشعر من المعز ، والوبَر من الإبل ، والصدف من حيوان مائي إلى غير ذلك مِمّا يستفيد به الإنسان (وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ) أي بغير تقتير .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |