كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة آل عمران من الآية( 20) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

20 - (فَإنْ حَآجُّوكَ ) النصارى وخاصموك ، وهم وفدُ نجران (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ ) أي استسلمتُ لأوامر الله واتّجهتُ بنفسي إلى دينِهِ وتعاليمهِ فلا أحيد عنها شئتم هذا أم أبَيتم (وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أيضاً استسلموا لأوامر الله (وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) أي اليهود والنصارى (وَالأُمِّيِّينَ) أي الّذينَ لا كتاب لهم ، وهم مشركو العرب (أَأَسْلَمْتُمْ) كما أسلمنا (فَإِنْ أَسْلَمُواْ ) كما أسلمتم (فَقَدِ اهْتَدَواْ ) إلى طريق الحقّ (وَّإِن تَوَلَّوْاْ ) عنك ولم يُسلموا (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ ) وقد بلّغتهم وليس عليك هُداهم (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) فيهدي من كان أهلاً للهداية ويُضلُّ من يستحقّ الضلالة .

21 - (إِنَّ الّذينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) أي يكفرون بالكتب السماوية ويجحدونَها (وَيَقْتُلُونَ النبيّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) أي بغير ذنب اقترفوه ولا جريمة اكتسبوها ، وهم اليهود كانوا يقتلون الأنبياء ومن ذلك زكريا ويحيى وأرادوا صلب المسيح (وَيَقْتُلُونَ الّذينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ ) أي بالعدل (مِنَ النَّاسِ ) وهم كهنة بني إسرائيل (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) يعذّبون فيه في الآخرة .

22 - (أُولَـئِكَ الّذينَ ) كفروا والّذينَ قَتلوا الأنبياء والوعّاظ (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) الصالحة ، أي ضاعت فلا يؤجَرون عليها (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) لأنّهم كفروا بما اُنزل على محمّد كما قَتل آباؤهم الأنبياء والكهنة (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) يدفعون عنهم العذاب في الآخرة .

وإليك ما جاء في التوراة من قتلهم الأنبياء والكهنة ، فقد جاء في الاصحاح التاسع عشر من الملوك الأوّل قال "وكان كلام الربّ إليه يقول له ما لك ها هنا يا إيليّا ، فقال قد غرتُ غيرة للربّ إلاه الجنود لأنّ بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها" .

أمّا ما جاء في قتل الآمرين بالقسط ففي الإصحاح الثاني والعشرين من صموئيل الأوّل قال "فقال الملك لداواغ دُر أنت وقع بالكهنة ، فدار داواغ الأدومي ووقع بالكهَنة وقتل في ذلك اليوم خمسةً وثمانين رجلاً لابسي أفود كتّان ، وضربَ نوب مدينة الكهَنة بحدّ السيف " .

23 - تشاجر جماعة من اليهود وتخاصموا في ميراث أبيهم ، فقال الولد البكر إنّ لي حصتين من إرث أبي ، قال إخوته ليس لك إلا حصّة واحدة مثلنا لأنّك ابن أمَة وليست اُمّك حرّة كاُمّنا ، والحكم في توراة عزرا للولد البِكر حصّتان ، يعني أوّل مولود يولد لأبيه . فذهبوا إلى الكوهين حيي بن أخطب فلم يوافقوا بحكمهِ ، فدعاهم أحد المسلمين إلى حُكم القرآن ، فجاؤوا إلى رسول الله وشرحوا له قِصّتهم ، فقال النبيّ (ع) حكم الله في القرآن البنون يرثون أباهم بالتساوي ، ولكن إن كان فيهم بنات فللذكر منهم مثل حظّ الاُنثيين ، أمّا اختلاف الاُمّهات لا تأثير له في الميراث لأنّ الإرث جاء من أبيكم ، فوافق الإخوة على حكم القرآن ولكنّ كبيرهم لم يوافق على ذلك وقال بحكم التوراة لي حصّتان لأنّي بكرُ أبي ، ورجعوا من حيث أتَوا ، فنزلت فيهم هذه الآية :

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ) أي اُعطوا حصّة من الكتُب السماويّة وهي التوراة (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ ) يعني إلى القرآن (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) في ميراث أبيهم (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ) بعد المحاكمة عن الحُكم ولم يُوافقوا بحُكمهِ ، وهو الولد البِكر وأخوالُهُ (وَهُم مُّعْرِضُونَ ) عن القرآن بما فيه من حُكم الميراث .

24 - (ذَلِكَ) شأنهم في الإعراض (بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ ) يوم القيامة (إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) وهي سبعة أيام التي عبدوا فيها العجل في زمن موسى (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) أي غرّهم افتراء علمائهم عليهم بأن قالوا لهم أنتم شعب الله المختار ، وأنتم أبناء الله وأحبّاؤه ، وجميع الشعوب عبيد لكم ، فغرّتهم هذه الكلمات فكفروا وتكبّروا على أنبياء الله وجحدوا آياته فخسروا ، كما تكبّر إبليس على الملائكة فخسرَ منزلته في السماء وطُرِدَ من الجنّة وخسرَ آخرتَه .

25 - (فَكَيْفَ) يكون حالهم (إِذَا جَمعناهُمْ ) في عالم النفوس وحشرناهم (لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ) أي لا شكّ فيه لمن نظر الأدلّة ، وهو يوم القيامة (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ) أي واستوفت كلّ نفس جزاء عملها الذي كسبته يداها في دار الدنيا من خير أو شرّ (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) فلا يُنقَص من حسنات أحد ولا يزاد في سيّئات أحد إلاّ باستحقاق .

26 - (قُل) يا محمّد في دعائك (اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) أي مالك ما في الدنيا والآخرة (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ ) من عبيدك (وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء ) من الناس (وَتُعِزُّ) من الناس (مَن تَشَاءُ ) أن يكون عزيزاً فيما بينهم (وَتُذِلُّ) من الناس (مَن تَشَاءُ ) أن يكون ذليلاً (بِيَدِكَ الْخَيْرُ ) كلّهُ (إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) لا يعجزك شيء من ذلك . ويجب على من يقرأ هذه الآية في الدعاء أو في الصلاة أن يبدأ بقوله (اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) ، إلى آخر الآية ويترك كلمة (قُل) لأنّ الخِطاب لله تعالى فلا يُخاطبه بكلمة (قُل) ، وكذلك من يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } في الصلاة أو {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } أو {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ، فيجب أن يترك كلمة (قُل) ، ويبدأ بما بعدها .

27 - (تُولِجُ اللّيل فِي الْنَّهَارِ ) أي تدخل اللّيل في النهار (وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللّيل ) وذلك بواسطة دوران الأرض حول نفسها فيكون في جهةٍ منها ليل وفي الجهة الاُخرى نهار ، وهكذا يتعاقب اللّيل والنهار بسبب دوران الأرض حول نفسها فيتداخل بعضهما في بعض (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ) يعني تُخرج الأحياء من الجمادات ، وذلك كالنبات من الأرض ، فالنبات حيّ والأرض ميّتة ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة ي س {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } ، والفرخ من البيضة ، فالفرخ حيّ وقشر البيضة لا حياةَ فيه ، وآدم من تراب : فآدم حيّ والتراب لا حياة فيه ، وما أشبه ذلك (وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ ) يعني تخرج الجماد من مخلوق حيّ وذلك كاللّؤلؤ من الحيوان الصدَفي ، والعاج من الفيل ، والعسل من النحل ، والقزّ من دودة القزّ ، والمسكُ من الغزال ، والصوف من الغنم ، والشعر من المعز ، والوبَر من الإبل ، والصدف من حيوان مائي إلى غير ذلك مِمّا يستفيد به الإنسان (وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ) أي بغير تقتير .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم