كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
40 - (قَالَ) زكريّا (رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ) أي كيف يكون لي ولد (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ) أي بلغتُ سِنّ الشيخوخة (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ ) الملَك (كَذَلِكَ) أي كما قلتُ لك يكون (اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ) لا يعجزهُ شيء .
41 - (قَالَ) زكريّا (رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً ) يعني علامة على ذلك (قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ) يعني العلامة على أنّ زوجتكَ قد حبَلتْ أنّك لا تستطيع الكلام (ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا ) يعني بالإيماء والإشارة (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا ) بالحمد والثناء (وَسَبِّحْ) لهُ (بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ) يعني على الدوام .
42 - (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ ) أي اختاركِ لعبادتهِ (وَطَهَّرَكِ) من أعمال الشرك (وَاصْطَفَاكِ) لولادة المسيح عيسى (عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ) في زمانكِ .
43 - (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ ) أي انقطعي إليهِ في الطاعة والعبادة (وَاسْجُدِي) أي انقادي لأوامره ، فكلمة "سجود" تكون مرّةً بمعنى الانقياد والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة النحل {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ } ، فكلمة "ما" تُستعمَل لغير العاقل ، والمعنى : تنقاد الدوابّ للغريزة التي غرزها الله فيها . وقوله (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) لأنّ صلاة اليهود فيها ركوع وليس فيها سجود .
44 - (ذَلِكَ) إشارةً إلى ما تقدّم من حديث مريم وزكريّا ويحيى (مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ ) أي من أخبار ما غابَ عنك عِلمهُ (نُوحِيهِ إِلَيكَ ) يا محمّد بواسطة جبرائيل (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ ) أي ما كنت حاضراً عندهم (إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ ) في الماء يقترعون بِها (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) أي يكون كفيلاً لها يقوم بنفقتها (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) في أمرها .
45 - (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ) أي من جهته من السماء ، يعني من ملائكته التي في السماء ، وكان المسيح يُكنّى في السماء "كلمة الله" ، فنزل إلى الأرض ودخل جسم الجنين الّذي تكوّن في رحم مريم فكان (اسْمُهُ) عند الناس (الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) يعني إسمه عيسى بن مريم وكنيتهُ المسيح ، ومعنى المسيح مسحوا رأسهُ بزيت العِطر والّذي مسحه هو يوحنّا المعمداني ، وكانت هذه عادة في بني إسرائيل لِمن يكون نبيّاً أو ملِكاً يمسحون رأسه بالعِطر (وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا ) عند الناس ، أي مُحترَماً (وَالآخِرَةِ) أي وكذلك في الآخرة وجيهاً (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) عند الله في السماوات الأثيريّة .
46 - (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ) لكي يبرّئ اُمّهُ من تهمة الفاحشة (وَكَهْلاً) يعني ويُكلّمهم وهو كهل في أمور دينهم (وَمِنَ) الأنبياء (الصَّالِحِينَ ) الّذينَ لم يُذنِبوا في وقت شبابهم .
47 - (قَالَتْ) مريم (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ) أي كيف يكون لي ولد (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ ) الملَك جبرائيل (كَذَلِكِ) أي كما قلتُ لكِ يكون (اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء ) في الأرحام (إِذَا قَضَى أَمْرًا ) يعني إذا أنهى أمراً وعزمَ على فعله (فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) كما قضَى لا يستحيل عليه شيء .
48 - (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ ) أي يعلّمهُ ما في الألواح المكتوبة ، لأنّ كلّ شيء فيه كتابة يُسمّى كتاباً (وَالْحِكْمَةَ) أي الموعظة (وَالتَّوْرَاةَ) يعني مجموعة التوراة (وَالإِنجِيلَ) يعني ويُعطيه الإنجيل بالتعليم .
49 - (وَ) يبعثه (رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) فيقول لهم (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) أي بمعجزةٍ من ربّكم (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ ) وهو الّذي وُلِدَ أعمى ، ومن ذلك قول سويد بن أبي كاهل :
كَمِهَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى اِبْيَضَّتَا فَهُوَ يَلْحَى نَفْسه لَمّا نَزَعْ
(والأَبْرَصَ) أي الّذي في جسمهِ برَص ، ويُسمّى "وضح" أيضاً ، وهي بُقع بيضاء تكون في جسم الإنسان (وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وإنباء المغيّبات (لآيَةً لَّكُمْ ) أي دلالة لكم على صِدقي بأنّي رسولٌ لكم من الله (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) يعني إن كنتم مُصدّقين .
50 - (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ) يعني مِمّا جاءَ في التوراة الأصليّة وهي الألواح الّتي كتبها الله لموسى بقلم قدرتهِ (وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ) من اللّحوم (وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) أي بمعجزة من ربّكم (فَاتَّقُواْ اللّهَ ) في تكذيبي (وَأَطِيعُونِ) ولا تعصونِ .
51 - (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ) ولا تعبدوا غيره (هَـذَا) الّذي جئتكم بهِ (صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) أي طريق مُستقيم يوصلكم إلى الجنّة .
52 - (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ ) أي فلمّا شعرَ وعلِمَ من بني إسرائيل الكفر والنفاق وتكذيبَهُ (قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ ) يعني من منكم ينصرني ويساعدني في دين الله (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ) أي الّذينَ آمنوا به ولازموا حارتهُ ، يعني إلتفّوا حوله ، من قولهم "حارَ يحورُ" إذا استدارَ في الحارة ، ومن ذلك قول الحارث بن حلّزة :
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ تَبْكِينَ غَيْرَنا ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
فقول الشاعر "فقل للحواريّات" ، يعني الدائرات حول الميّت الباكيات في حارتِهِ .
وقوله (نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ ) يعني أنصار دين الله (آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون لأمر الله ولِما جئتَ به من عند الله ، وهم إثنا عشر رجلاً فقالوا :
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |