كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
48 - (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ ) أي يعلّمهُ ما في الألواح المكتوبة ، لأنّ كلّ شيء فيه كتابة يُسمّى كتاباً (وَالْحِكْمَةَ) أي الموعظة (وَالتَّوْرَاةَ) يعني مجموعة التوراة (وَالإِنجِيلَ) يعني ويُعطيه الإنجيل بالتعليم .
49 - (وَ) يبعثه (رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) فيقول لهم (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) أي بمعجزةٍ من ربّكم (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ ) وهو الّذي وُلِدَ أعمى ، ومن ذلك قول سويد بن أبي كاهل :
كَمِهَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى اِبْيَضَّتَا فَهُوَ يَلْحَى نَفْسه لَمّا نَزَعْ
(والأَبْرَصَ) أي الّذي في جسمهِ برَص ، ويُسمّى "وضح" أيضاً ، وهي بُقع بيضاء تكون في جسم الإنسان (وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وإنباء المغيّبات (لآيَةً لَّكُمْ ) أي دلالة لكم على صِدقي بأنّي رسولٌ لكم من الله (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) يعني إن كنتم مُصدّقين .
50 - (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ) يعني مِمّا جاءَ في التوراة الأصليّة وهي الألواح الّتي كتبها الله لموسى بقلم قدرتهِ (وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ) من اللّحوم (وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) أي بمعجزة من ربّكم (فَاتَّقُواْ اللّهَ ) في تكذيبي (وَأَطِيعُونِ) ولا تعصونِ .
51 - (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ) ولا تعبدوا غيره (هَـذَا) الّذي جئتكم بهِ (صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) أي طريق مُستقيم يوصلكم إلى الجنّة .
52 - (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ ) أي فلمّا شعرَ وعلِمَ من بني إسرائيل الكفر والنفاق وتكذيبَهُ (قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ ) يعني من منكم ينصرني ويساعدني في دين الله (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ) أي الّذينَ آمنوا به ولازموا حارتهُ ، يعني إلتفّوا حوله ، من قولهم "حارَ يحورُ" إذا استدارَ في الحارة ، ومن ذلك قول الحارث بن حلّزة :
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ تَبْكِينَ غَيْرَنا ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
فقول الشاعر "فقل للحواريّات" ، يعني الدائرات حول الميّت الباكيات في حارتِهِ .
وقوله (نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ ) يعني أنصار دين الله (آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون لأمر الله ولِما جئتَ به من عند الله ، وهم إثنا عشر رجلاً فقالوا :
53 - (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتَ ) على عيسى من أحكام (وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ ) عيسى بن مريم (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) لك بالوحدانيّة ولرسولك بالرسالة . وهذه أسماؤهم في إنجيل متّي في الإصحاح العاشر: الأوّل سمعان الّذي يقال له بُطرس ، وأخوه أندراوس ، يعقوب بن زبدي ، وأخوه يوحنّا ، فيلبس ، برثولماوس ، توما ، متّي العشّار ، يعقوب بن حَلفي ، لبّاوس الملقَب تَدّاوس ، سِمعان القانونيّ ، يهوذا الإسخريوطيُّ الّذي أسلمهُ .
54 - (وَمَكَرُواْ) اليهود مع عيسى فأرادوا قتلهُ (وَمَكَرَ اللّهُ ) بهم إذ جعل رجلاً شبيهاً بعيسى فصلبوه ونجا عيسى منهم (وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) أي أنصفهم وأعدلهم ، لأنّ المكر نوعان مكرٌ حسن ومكرٌ سيّء ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة فاطر {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ } ، فالمكر السيّء هو الغدر والنفاق ، أمّا المكر الحسَن فهو أن تدعوَ إنساناً إلى الخير والصلاح فلا يقبل منك لجهله فتمكر بهِ فيصيب الخير بسبب مكرك معه وهذا حسن وممدوح .
55 - (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ) أي مُميتكَ (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) يعني رافع روحك إلى السماء ، وإنّما قال تعالى (رَافِعُكَ) ولم يقل رافع روحك لأنّ النفس هي الإنسان الحقيقي ، أمّا الجسم فيتمزّق ويكون تراباً (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الّذينَ كَفَرُواْ ) يعني مُنجّيك منهم فلا يمدّون أيديَهم النجسة إليك ليُصيبوكَ بأذىً ، لأنّ الكافر والمشرك نجس ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة التوبة {يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } . (وَجَاعِلُ الّذينَ اتَّبَعُوكَ ) أي النصارى (فَوْقَ الّذينَ كَفَرُواْ ) يعني فوق اليهود بالسُلطة والغلَبة والعِزّة (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثمّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) يعني إلى عالم النفوس يكون مرجعكم بعد موتكم فاُحاسبكم (فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) من أمر عيسى بن مريم ، فإنّ عيسى مات وصعدت نفسه الأثيريّة إلى السماء . وكانت المدّة من زمن المسيح إلى نبوّة محمّد (ع) 570 سنة ، ومن زمن خروج موسى من مصر مع قومه إلى زمن عيسى 1515 سنة .
56 - (فَأَمَّا الّذينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) فعذابهم في الدنيا هو إذلالهم بالقتل والأسر والسبي بأيدي أعدائهم والطرد من بلادهم وأخذ الجزية منهم ، أمّا في الآخرة فعذاب النار (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ينصرونهم ويُخلّصونهم من عذاب الله .
57 - (وَأَمَّا الّذينَ آمَنُوا ) بعيسى رسولاً (وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ ) الله (أُجُورَهُمْ) في الآخرة (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الّذينَ يظلمون الناس ويغصبون حقوقهم .
58 - (ذَلِكَ) الحديث (نَتْلُوهُ عَلَيْكَ ) يا محمّد (مِنَ الآيَاتِ ) الدالّة على صدقك ورسالتك إذْ أخبرتهم بما جرى عندهم من قبل ولم تكن تعلم بهِ لأنّك اُمّي لا تقرأ الكتُب ولم تسمع بقصصهم لولا أن تلوناها عليك (وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ) أيضاً آية لك على صِدقك ، وهو القرآن وإنّما سمّاهُ الذِكر الحكيم ، يعني فيه المواعظ الّتي كلّها حِكمة لمن سمعها وعملَ بها .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |