كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
101 - (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ ) أي خرجتم لقتال عدوّكم (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ) أي لا حرجَ عليكم (أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الّذينَ كَفَرُواْ ) والمعنى : لا حرجَ عليكم أن تُصلّوا بدل الأربع ركعات ركعتين إن كنتم في حرب مع الأعداء وكنتم خائفين منهم أن يغتنموا صلاتكم فُرصة لهم فيرموكم بِسهامهم أو يسلبوكم أمتعتكم أو غير ذلك مِمّا يصيبونكم بأذىً .
فالفتنة معناها الأذى والعذاب ، ومن ذلك قول الشاعر :
كُلَّ امْرِئِ مِنْ عِبَادِ اللّهِ مُضْطَهَدٍ بِبَطْنِ مَكّةَ مَقْهُورٍ وَمَفْتُونِ
فصلاة القصر رُخصة للمسافر وليست واجبة وذلك إن كان خائفاً ، ولكن يُباح للمسافر أن يجمع بين الصلاتين (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا ) فاحذروهم ولا تغفلوا عنهم .
102 - (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ ) يا محمّد (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ) يعني فأقمتَ لأصحابك الصلاة في حال الخوف من العدوّ (فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ ) وطائفةٌ من ورائهم تحرسكم من عدوّكم (وَلْيَأخذَواْ أَسْلِحَتَهُمْ ) يعني وليأخذ المصلّون أسلحتهم معهم فيتقلّدون سيوفهم وإن كانوا في الصلاة (فَإِذَا سَجَدُواْ ) المصلّون وأكملوا صلاتهم (فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ ) يحرسونكم ، والخطاب هنا للنبيّ والّذينَ لم يُصلّوا ، والمعنى : إذا أكملَت الفرقة الْمُصلّية صلاتها فلتَكنْ وراء الفرقة الثانية التي لم تصلّ فيحرسوها عند صلاتهاخلف النبيّ ، وهذا معنى قولهِ تعالى (وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ اُخرى لَمْ يُصَلُّواْ ) أي الّذينَ كانوا يحرِسون (فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ ) يا محمّد (وَلْيَأخذَواْ) معهم (حِذْرَهُمْ) وهي الدروع والتروس والخوَذ (وَأَسْلِحَتَهُمْ) وهي السيوف والرماح وتبقى النبال بيد الحرَس (وَدَّ الّذينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم ) أي يحمِلون عليكم (مَّيْلَةً وَاحِدَةً ) أي حملةً واحدة وأنتم مُتشاغلون بصلاتكم أو بشيءٍ آخر فيصيبون منكم (وَلاَ جُنَاحَ ) أي ولا حرجَ (عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ ) إلى جنبكم على شرط أن تكونوا مُنتبهين لعدوّكم غير غافلين (وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ ) أي آلات حِذْرِكم وهي الدروع والتروس والخوَذ (إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ) أي فيه إهانة لهم .
103 - (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ ) أي صلاة القَصر التي سبق ذكرها (فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ) أي في حال قيامكم وقعودكم وعند اضطِجاعكم ، يعني اُدعوا الله واذكروهُ في هذه الأحوال لكي ينصركم على عدوِّكم (فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ ) من عدوِّكم وذهب الخوف عنكم (فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ) بكاملها ولا تَقْصِروا فيها (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ) أي كتبناها عليكم في القرآن تؤدّونَها بأوقاتِها .
104 - (وَلاَ تَهِنُواْ ) أيّها المسلمون ، أي لا تضعفوا ، "الوهن" هو انحطاط القوى (فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ ) يعني في طلب القوم الّذينَ هم أعداء الله وأعداؤكم (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ ) مِمّا ينالكم من الجراح والأذَى (فَإِنَّهُمْ) أي المشركين (يَأْلَمُونَ) أيضاً مِمّا ينالهم منكم (كَمَا تَأْلَمونَ ) أنتم (وَتَرْجُونَ) أيّها المسلمون (مِنَ اللّهِ ) الظفَر عاجلاً والثواب آجِلاً على ما ينالكم منهم (مَا لاَ يَرْجُونَ ) هم على ما ينالهم منكم فأنتم أولَى بالصبر والثبات على قتالهم (وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا ) بِمصالح خلقه (حَكِيمًا) في تدبير شؤونهم .
105 - نزلت هذه الآية في بني اُبيرق وكانوا ثلاثة إخوة وهم بشر وبشير ومبشّر ، وكان بشير يُكنّى أبا طعمة وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب النبيّ ثمّ يقول قاله فلان وكانوا أهل حاجة في الجاهلية والإسلام ، فنقب أبو طعمة عُلّية رفاعة بن زيد وسرق منه درعين ، فشكى ذلك إلى ابن أخيه قتادة بن النعمان وكان قتادة بدرياً فتجسّسا في الدار وسألا أهل الدار فقال بنو اُبيرق "ما صاحبكم إلاّ لبيد بن سهل" - اتّهموه بالسرقة وهم السارقون - فأصلت عليهم لبيد سيفهُ وخرج إليهم وقال "يا بني اُبيرق أترمونني بالسرقة وأنتم أولى بِها منّي وأنتم مُنافقون تهجون رسول الله وتنسبون ذلك إلى قريش ؟ لتبيّننّ ذلك أو لأضعنّ سيفي فيكم" ، فدارَوه، وأتى قتادة رسول الله فقال "يا رسول الله إنّ أهل بيت منّا أهل بيت سوء عدَوا على عمّي فخرقوا عُلّيةً لهُ125 من ظهرها وسرقوا منهُ درعين ."
فقال رسول الله : "أنظر في شأنكم ." فلمّا سمع بِذلك رجل من بطنهم ، يعني من بني اُبيرق السارقين واسمهُ اُسيد بن عروة جمع رجالاً من أهل الدار ثمّ انطلق إلى رسول الله فقال "إنّ قتادة بن النعمان وعمّه المسروق منه عمَدا إلى أهل بيتٍ منّا لهم حسب ونسب وصلاح وأنّبوهم بالقبيح وقالا لهم ما لا ينبغي" ، وانصرفوا .
فلَمّا أتى قتادة إلى رسول الله بعد ذلك ليكلّمهُ جبههُ رسول الله وقال "عمَدتَ إلى أهل بيت حسب ونسب تأنّبهم بالقبيح وتقول لهم ما لا ينبغي ."
فقام قتادة من عند النبيّ ورجع إلى عمّه رفاعة وقال "يا ليتني متّ ولم أكن كلّمتُ رسول الله فقد قال لي ما كرهتُ " . فقال عمّه "الله المستعان".
وكان أبو طعمة طرح الدرعين في منزل يهودي ليبرأ منهما ويؤخذ بِهما اليهودي .
فنزلت فيهم هذه الآيات ، فبلغ بشيراً ما نزل فيه من القرآن فهرب إلى مكّة وارتدّ كافراً ، ونزل على سلافة بنت سعد .
التفسير: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ) يا محمّد (الْكِتَابَ) يعني القرآن (بِالْحَقِّ) أي بأحكام عادلة وقوانين فاصلة (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ) أي بِما أعلمك الله في كتابه (وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا ) تخاصم وتدافع عن بني اُبيرق .والمعنى : لا تحكم حُكماً غيابيّاً بل أحضر الخصمَين واسمع منهم ما يقولون ثمّ اطلب شهوداً وبيّنة ثمّ احكم بينهم .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |