كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة النساء من الآية( 133) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

133 - ثمّ توعّد الله الكافرين والمشركين بالهلاك إن لم يؤمنوا ويصلحوا أعمالهم فقال تعالى (إِن يَشَأْ ) الله (يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ) أي بقومٍ آخرين مؤمنين صالحين مُنفقين (وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ) أي لم يزل ولا يزال قادراً على الإفناء والإبدال .

134 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ بأنّ من يتّقِ الله ويعمل صالحاً يكسب ثواب الدارَين أمّا في الدنيا فيكون له الصيت الحسَن بين الناس والذِكر الطيّب إلى يوم القيامة وأمّا في الآخرة فله الجنّة والنعيم الدائم ، فقال (مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) يعني فليتّقِ الله وليكسب الإثنين (وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا ) لدعائهِ (بَصِيرًا) بأعمالهِ فيجازيهِ عليها بعد موتِهِ وانتقالهِ للآخرة .

135 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ ) للناس (بِالْقِسْطِ) أي كونوا مُصلحين ومُرشدين الناس ومُقوّميهم على العدل والإنصاف ، وقد سبق معنى "قوّامون" في آية 34 من هذه السورة . وإذا أدّيتم الشهادة لأحدٍ فكونوا (شُهَدَاء لِلّهِ ) لا تميلوا في شهادتكم إلى أحد وقولوا الحقّ (وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِين ) ولا تراقبوا غنيّاً ولا فقيراً (إِن يَكُنْ ) المشهود عليه ( غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا ) منكم وأعلمُ بمصالحهما (فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى ) في شهادتكم بأن تشهدوا للغنيّ لأجلِ مالهِ أو للفقير رحمةً بهِ ( أَن تَعْدِلُواْ ) يعني فلا تتّبعوا الهوى أن لا تعدلوا في شهاداتكم (وَإِن تَلْوُواْ ) ألسنتكم عن النطق بالحقّ وتحريف الشهادة (أَوْ تُعْرِضُواْ ) عن الشهادة إذا دُعيتم إليها (فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) فيعاقبكم على ذلك في الآخرة .

136 - أسلم جماعة من اليهود وهم عبد الله بن سلام وأسد واُسيد إبني كعب وثعلبة بن قيس وإبن اُخت عبد الله بن سلام وبنيامين ، وقالوا نؤمن بك يا محمّد وبكتابك وبموسى والتوراة ولا نؤمن بعيسى والإنجيل . فنزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ ) بمحمّد والقرآن (آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ) عيسى بن مريم (وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ ) يعني الإنجيل (وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ ) أي التوراة ، والمعنى : آمِنوا بجميع الكتُب السماويّة وجميع الأنبياء والرُسُل ولا تكفروا بواحدٍ منهم (وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) يعني بالبعث (فَقَدْ ضَلَّ ) عن الحقّ (ضَلاَلاً بَعِيدًا ) عن الصواب .

137 - تعاقد اليهود الّذينَ هم حول المدينة مع مشركي مكّة بأن يتعاونوا على حرب رسول الله ، فنزلت فيهم هذه الآية (إِنَّ الّذينَ آمَنُواْ ) بِموسى (ثُمَّ كَفَرُواْ ) وعبدوا العجل (ثُمَّ آمَنُواْ ) بِربّهم وانقادوا ليوشع بن نون (ثُمَّ كَفَرُواْ ) وعبدوا البعليم (ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا ) بِعبادتهم للأوثان والشعرى اليمانيّة وعشتاروث (لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ) يوم القيامة كما يزعمون (وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ) أي ولا يرشدهم إلى طريق الجنّة لأنّهم منافقون .

138 - (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ ) في الآخرة (عَذَابًا أَلِيمًا ) أي مؤلماً .

139 - (الّذينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء ) يعني يوالون المشركين من أهل مكة (مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) يعني بدل المسلمين الموحِّدين أصحاب النبيّ (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ ) يعني أيطلبون بموالاة المشركين العِزّ والفخر ، كلاّ لا عِزّةَ للكافرين (فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا ) فمن أراد العِزّ فليتّقِ الله يكن عزيزاً .

140 - (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ) أي في القرآن الّذي كتبتموهُ (أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ) أي يكفر بها المشركون (فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ ) أي مع الْمُستهزئين (حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِه ) أي حتّى يأخذوا في حديثٍ غير الاستهزاء بالدِين والقرآن . والْمُنزل في الكتاب هو قوله تعالى في سورة الأنعام {وَإِذَا رَأَيْتَ الّذينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ } ، ( إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ) يعني إذا جالَستُموهم ورضيتم بخوضهم وكفرهم فأنتم كفّار مثلهم (إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) يوم القيامة .

141 - ثمّ أخذَ الله تعالى في ذمّ المنافقين وتقلّباتهم فقال (الّذينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ ) أي ينتظرون بكم ما يتجدّد لكم من نصر أو إخفاق ، والخطاب للمؤمنين (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ ) وظفَر على الأعداء (قَالُواْ) أي قال المنافقون للمؤمنين (أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ) نجاهد عدوّكم ونغزو فأعطونا نصيباً من الغنيمة (وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ ) بإصابتهم من المؤمنين (قَالُواْ) أي قال المنافقون للكافرين ، يعني لِمُشركي مكّة (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ) أي ألم نستولِ عليكم ونتغلّبْ في الموضع الفلاني ولكن لم نقتلكم كي تنتصروا على المؤمنين (وَنَمْنَعْكُم) أي ونحرسكم (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وسطوتِهم بأن نُخبركم ونُراسلكم بِما يُريدون أن يفعلوهُ معكم كي تأخذوا الحذر منهم فلنا المنّة عليكم (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) أيّها المنافقون (يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ويُعاقبكم على أفعالكم هذهِ (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) إلى الغلَبة عليهم مهما أفشيتم أسراراً للمؤمنين ومهما خذلتم المسلمين .

142 - (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ ) في إسلامهم المزيّف لأنّهم يُظهرون غير ما يُبطنون (وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) كما يُخادعونهُ ، وذلك بأن يُمهلهم ويُعطيهم من المال والأولاد فيظنّوا أنّ الله راضٍ عنهم ولذلك أعطاهم من مال الدنيا وزينتها وبذلك يزداد إثمهم فيدخلوا جهنّم في الآخرة (وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى ) أي متثاقلين (يُرَآؤُونَ النَّاسَ ) يعني يُصلّون لتراهم الناس وليس صلاتهم إطاعة لله بل خوفاً من الناس (وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ ) في حركاتهم وسكناتهم (إِلاَّ قَلِيلاً ) .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم