كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
138 - (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ ) في الآخرة (عَذَابًا أَلِيمًا ) أي مؤلماً .
139 - (الّذينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء ) يعني يوالون المشركين من أهل مكة (مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) يعني بدل المسلمين الموحِّدين أصحاب النبيّ (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ ) يعني أيطلبون بموالاة المشركين العِزّ والفخر ، كلاّ لا عِزّةَ للكافرين (فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا ) فمن أراد العِزّ فليتّقِ الله يكن عزيزاً .
140 - (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ) أي في القرآن الّذي كتبتموهُ (أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ) أي يكفر بها المشركون (فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ ) أي مع الْمُستهزئين (حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِه ) أي حتّى يأخذوا في حديثٍ غير الاستهزاء بالدِين والقرآن . والْمُنزل في الكتاب هو قوله تعالى في سورة الأنعام {وَإِذَا رَأَيْتَ الّذينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ } ، ( إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ) يعني إذا جالَستُموهم ورضيتم بخوضهم وكفرهم فأنتم كفّار مثلهم (إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) يوم القيامة .
141 - ثمّ أخذَ الله تعالى في ذمّ المنافقين وتقلّباتهم فقال (الّذينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ ) أي ينتظرون بكم ما يتجدّد لكم من نصر أو إخفاق ، والخطاب للمؤمنين (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ ) وظفَر على الأعداء (قَالُواْ) أي قال المنافقون للمؤمنين (أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ) نجاهد عدوّكم ونغزو فأعطونا نصيباً من الغنيمة (وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ ) بإصابتهم من المؤمنين (قَالُواْ) أي قال المنافقون للكافرين ، يعني لِمُشركي مكّة (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ) أي ألم نستولِ عليكم ونتغلّبْ في الموضع الفلاني ولكن لم نقتلكم كي تنتصروا على المؤمنين (وَنَمْنَعْكُم) أي ونحرسكم (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وسطوتِهم بأن نُخبركم ونُراسلكم بِما يُريدون أن يفعلوهُ معكم كي تأخذوا الحذر منهم فلنا المنّة عليكم (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) أيّها المنافقون (يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ويُعاقبكم على أفعالكم هذهِ (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) إلى الغلَبة عليهم مهما أفشيتم أسراراً للمؤمنين ومهما خذلتم المسلمين .
142 - (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ ) في إسلامهم المزيّف لأنّهم يُظهرون غير ما يُبطنون (وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) كما يُخادعونهُ ، وذلك بأن يُمهلهم ويُعطيهم من المال والأولاد فيظنّوا أنّ الله راضٍ عنهم ولذلك أعطاهم من مال الدنيا وزينتها وبذلك يزداد إثمهم فيدخلوا جهنّم في الآخرة (وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى ) أي متثاقلين (يُرَآؤُونَ النَّاسَ ) يعني يُصلّون لتراهم الناس وليس صلاتهم إطاعة لله بل خوفاً من الناس (وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ ) في حركاتهم وسكناتهم (إِلاَّ قَلِيلاً ) .
143 - (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ ) أي مُتردّدين بين الكفر والإسلام (لاَ إِلَى هَـؤُلاء ) الكفّار لإظهارهم الإسلام (وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء ) المؤمنين لكفرهم ونفاقهم (وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) إلى الهُدَى .
144 - كان بعض المسلمين يُحبّون أقرباءهم من الكافرين ويوالونهم فنهاهم الله تعالى عن ذلك فقال (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ ) أي أحبّاء (مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) أي بدل المؤمنين فالأحرى بكم أن توالوا المؤمنين وتدافعوا عنهم (أَتُرِيدُونَ) بفعلكم هذا (أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا ) أي حُجّةً ظاهرة ، ومعناه أتريدون أن تجعلوا لله سبيلاً إلى عذابكم ، ثمّ بيّنَ سُبحانهُ بأنّ من يوالي الكافرين فهو مُنافق وأنّ الله يُعذّب المنافقين يوم القيامة أشدّ العذاب ، فقال :
145 - (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) أي الذي هو أسفل طبقة من النار ومَوقد نارها وشدّة حرارتِها ، أمّا غيرهم فيكون عذابهم حولها لا في دركها الأسفل ، وذلك قوله تعالى في سورة مريم في منكري البعث {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا } ، فهنا قال تعالى {حَوْلَ جَهَنَّمَ } ولكن للمنافقين قال (فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) ، (وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) ينصرهم ويُخلّصهم من عذاب الله . ثمّ استثنَى من تاب من المنافقين فقال تعالى :
146 - (إِلاَّ الّذينَ تَابُواْ ) من نفاقهم (وَأَصْلَحُواْ) أعمالهم وضمائرهم (وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ ) يعني ووثَقوا به فجعلوهُ عَوناً لهم في الْمُهِمّات وملجئاً من الآفات وأهلاً للعِبادات (وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ ) فتركوا الرياء والإشراك ، والمعنى : جعلوا عبادتهم خالصةً لله لا يشركون به أحداً من المخلوقين ولا يُراؤون الناس ليقولوا عنهم أنّهم عابدون (فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) يُحشَرون وبالجنّة يتنعّمون (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) في الآخرة .
147 - لَمّا نزلَ قوله تعالى إنّ الله لا يغفرُ أن يُشرك بهِ ويغفرُ ما دون ذلك لِمَن يشاء ، قال بعض أصحاب النبيّ يا رسول الله إنّا كنّا مشركين ونخاف أنّ الله تعالى لا يغفر لنا إشراكنا ويُعذّبنا يوم القيامة . فنزلت هذه الآية (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ ) نعماءهُ (وَآمَنتُمْ) برُسُله ، أي لا يعذّبكم بعد إسلامكم (وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا ) أي مُجازياً لأعمالكم مُؤدِّياً حُقوقَكم (عَلِيمًا) بما تقرّ بهِ عيونكم من النعيم في الآخرة .
148 - (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ ) يعني إن أصابكم سوء من مرض أو فقر أو غير ذلك من هموم الدنيا فلا تجاهِروا بِها عند الناس فتظهروا لهم سوء أحوالكم ومعاشكم وما أصابكم من ضيق وحُزن ، فإنّكم إن فعلتم ذلك فكأنّما شكوتم الله عند الناس (مِنَ الْقَوْلِ ) الّذي لا يحبّ الله أن تجهروا بهِ (إِلاَّ مَن ظُلِمَ) من جهة الناس فلا بأس عليه أن يجهر بالقول فيقول سرقني فلان ، وأهانني زيد ، وغصبَ حقّي عمرو ، وذلك لكي تُساعدهُ الناس على إرجاع حقّهِ (وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا) لأقوالكم (عَلِيمًا) بأحوالكم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |