كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
4 - (وَآتُواْ النَّسَاءَ ) أي أعطوا النساء ، والخطاب لأولياء النساء وذلك كأبيها أو أخيها أو جدّها أو من قامَ بتربيتها (صَدُقَاتِهِنَّ) أي مهورهنّ (نِحْلَةً) أي عطيّةً من الله أوجبها لهنّ ولا تأخذوهُ منهنّ اغتصاباً (فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا ) والمعنى إن طابت نفوسهنّ بهبةِ شيءٍ من الصداق (فَكُلُوهُ) أي فكلوا الموهوب لكم من بناتكم (هَنِيئًا مَّرِيئًا ) "الهنيء" هو الطيّب الْمُساغ ، و"المريء" هو المحمود العاقبة الذي لا ضررَ فيه . فإنّ الله تعالى قد أباح لوليّ المرأة أن يأكل شيئاً من صداقها إنْ وهبتهُ هيَ شيئاً منه . أمّا الزوج فقد منعهُ أن يأخذ من صداق زوجته شيئاً ، وذلك قوله تعالى في سورة البقرة {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ } .
5 - (وَلاَ تُؤْتُواْ ) أي ولا تُعطوا (السُّفَهَاء) من نسائكم وأولادكم وربائبكم وأيتامكم لا تُعطوهم (أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً ) تقومون بِها في معاشكم وتقضون بِها حوائجكم ، والمعنى : إذا كانت زوجتك ناقصة العقل والتدبير مُبذّرة للمال فلا تسلّم أموالك بيدها تتصرّف بِها كيف تشاء لأنّها تبعثر أموالك وتصرفها في أشياء تافهة لا قيمةَ لها وليست ضروريّة ، وكذلك ابنك أو ربيبك أو اليتيم الذي في بيتك الذي آويتَه في سبيل الله إن كان سفيهاً مُبذّراً للمال فلا تسلّم أموالك بيده يتصرّف بِها كما يشاء ولا تُعطِه مفاتيح حانوتك أو تجعله وكيلاً على أملاكك لأنّهُ يخونك ويسرق من أموالك ويبذّرها وأنت لا تعلم وذلك لأنّه سفيه والسفيه لا تثقْ به ولا تعتمدْ عليه في جميع الأشياء (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ ) والمعنى : يجب أن تقوم أنت بنفسك بأمر معاشهم وكسوتهم فتعطيهم على قدر الحاجة ، فإن أرادوا الزيادة على نفقاتهم أو كسوتهم فاعتذروا إليهم (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ) أي لا تعاملوهم بالقوّة والضرب والشتم بل عاملوهم بلين الكلام وحسّنوا لهم المقال لتنالوا المرام ، لأنّ السفيه ينقاد بالكلام الليّن والوعد الحسن .
ومن أهم اُمور التبذير عند المرأة الملابس وأدوات الزينة التي تتزيّن بِها في الوقت الحاضر وتتجمّل فإذا تركتَ أموالك بيدها تتصرّف بِها كما تشاء فإنّها تواظب على شراء الملابس والأحذية وما تتزيّن به ولا تكتفي بثوب أو ثوبين بل في كلّ شهر تلبس ثوباً جديداً وحذاءً جديداً وتبعثر الملابس القديمة ولا تعتني بِها لأنّها لم تتعب بجمع المال بل حصلت عليه بغير تعب ولا مشقّة و في ذلك قال الشاعر :
فمَنْ أخَذَ البِلادَ بِغَيْرِ حَرْبٍ يَهُونُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ البِلادِ
أمّا إبنك أو ربيبك أو اليتيم الذي عندك فإنّه يبذّر المال إن كان سفيهاً فيشتري ما تشتهي نفسه من ملاعيب وأدوات وملابس وغير ذلك ، وربّما أخذ يلعب القمار ويشرب الخمر وأنت لا تعلم به ، أو يصاحب أولاداً على شاكلته فينفق عليهم الدنانير ويبذّر الأموال وأنت لا تعلم ، فلذلك لا تعتمد على أحد من هؤلاء ولا تسلّم أموالك بيده بل اعتمد على نفسك وأدِر شؤونكَ بنفسك تنجحْ .
6 - (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى ) أي اختبروهم في عقلهم ودينهم (حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ) وذلك في الخامسةِ عشرةَ من أعمارهم ، والنكاح معناهُ الزواج ، والمعنى : إذا بلغوا مبلغ الرجال وأرادوا الزواج (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا ) معناه فإن علمتم وتحقّقتم منهم رشداً بالعقل وقدرة على حفظ مالِهم (فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا ) أي لا تأخذوا من أموالهم زيادة على ما تستحقّونه من الاُجرة على رعي أغنامهم وخدمتها أو فلاحة في بستانهم أو حراثة في أرضهم وسقي زرعهم أو بناء دارهم أو غير ذلك من الأعمال التي تستحقّون بِها الأجرة على العمل . والخطاب لأولياء الأيتام (وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ ) أي ومبادرةً لكِبَرِهم ، ومعناه لا تُبادِروا الأخذ بالكثير من أموالهم زيادةً على أجرتكم خوفاً من أن يكبروا فيذهب المال منكم ويعود إليهم وبذلك تغتنمون فُرصة الوقت ، فالمبادرة هي الإسراع بالأخذ قبل فوات الوقت ، ومن ذلك قول النابغة الذبياني :
يَهدِي كتائبَ خُضراً ليسَ يَعصِمُها إلاّ ابتدارٌ إلى مَوتٍ بإلجامِ
(وَمَن كَانَ غَنِيًّا ) من أولياء الأيتام ، أي الأوصياء (فَلْيَسْتَعْفِفْ) عن أخذ اُجرة العمل وأجره عند الله (وَمَن كَانَ فَقِيرًا ) من أولياء الأيتام (فَلْيَأْكُلْ) اُجرته (بِالْمَعْرُوفِ) لا يزيد ولا ينقص بل يأخذ من مال اليتيم اُجرة على عمله كما يأخذ غيره من العمّال (فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) حين بلوغ الرُّشد (فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ ) شهيدين أو أكثر كي لا يقع جحود بعد ذلك (وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا ) أي مُحاسباً ومُعاقباً فاحذروا عقابه يا أولياء الأيتام ولا تأخذوا من أموالهم ما لا تستحقّونهُ .
ملحوظة : إذا كانت لديك نقود ليتيم وتاجرتَ بِها وربحتَ فله ربع ما ربحتَ من المال غير نقوده ، وإذا خسرتَ ولم تربح تجارتك فليس على اليتيم من خسارة .
7 - كانت العرب في الجاهلية يورّثون الذكور دون الإناث فنزلت هذه الآية تصحيحاً لأغلاطهم (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ ) من الميراث (مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ) بعد موتِهم (وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ ) من الميراث أيضاً (مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ) أي سواء كان الميراث قليلاً أو كثيراً فللذكر مثل حظّ الأنثيين (نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) فرضهُ الله عليكم وأوجبهُ فلا تخالفوا شرائعهُ .
8 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ حال من لا يرث من أقرباء الميّت فقال (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ) أي حين قسمة الأموال المنقولة كالحنطة والزبيب والتمر وغير ذلك (أُوْلُواْ الْقُرْبَى ) أي قرابة الميّت يعني الفقراء منهم الّذينَ لا يرِثون (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ ) الّذينَ حضروا القسمة (فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ ) أي فأعطوهم من ذلك المال ، والخطاب للأوصياء أو الورثة البالغين إن لم يكن فيهم وصيّ ، ويكون ذلك الرزق من ثلث الميّت (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ) وذلك بأن يقول لهم يبارك الله لكم في رزقكم وييسّر لكم في أمركم ويعطيكم من فضلهِ .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |