كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
65 - (فَلاَ) تقديرهُ فلا إيمان في قلوبهم سِوى القول بالسنتهم آمنّا ، ثمّ أقسم الله تعالى فقال (وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ ) يا محمّد (فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) أي حتّى يجعلوك حكَماً فيما وقع بينهم من الخصومة والجدال فحينئذٍ تعلم أنّهم آمنوا بك (ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا ) أي ضيقاً وكراهةً (مِّمَّا قَضَيْتَ ) به ، أي مِمّا حكمتَ بهِ (وَيُسَلِّمُواْ) لأمرك (تَسْلِيمًا) مُطلقاً فلا يعترضون عليك فحينئذٍ تعلم أنّهم آمَنوا إيماناً صادقاً أمّا اليوم فليسوا بمؤمنين .
66 - (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ) أي على هؤلاء المنافقين (أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم ) كما كتبنا على بني إسرائيل فقتلوا أنفسهم بعد عبادتهم العجل وخرجوا من ديارهم من مصر مع موسى ، فلو أمرنا هؤلاء المنافقين بذلك (مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ) وهم الّذينَ سيتوبون في المستقبل ويُصلحون أعمالهم (وَلَوْ أَنَّهُمْ ) أي المنافقين (فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ ) من إطاعة الرسول والاستغفار لذنوبهم ، وذلك من قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ } ، (لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) من بقائهم على النفاق (وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ) لقلوبهم على الإيمان .
67 - (وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم ) يعني لو فعلوا ذلك لأعطيناهم (مِّن لَّدُنَّـا ) أي من عندنا (أَجْراً عَظِيمًا ) في الآخرة .
68 - (وَلَهَدَيْنَاهُمْ ) يوم القيامة (صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) يوصلهم إلى الجنّة .
69 - (وَمَن يُطِعِ اللّهَ ) في أوامره (وَالرَّسُولَ) في إرشاداتهِ وتعاليمهِ (فَأُوْلَـئِكَ) المطيعون نجعلهم (مَعَ الّذينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم ) بدخول الجنّة (مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ) وهم الّذينَ صدّقوا رُسُل الله وآمنوا بهم (وَالشُّهَدَاء) الّذينَ قُتِلوا في سبيل الله (وَالصَّالِحِينَ) الّذينَ صلحت أعمالهم وسرائرهم (وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا ) معناهُ : من يكون هؤلاء رفقاء لهُ فأحسِن بهم من رفيق .
70 - (ذَلِكَ) إشارة إلى دخولهم الجنّة ورفقتهم للنبيّين (الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ ) عليهم (وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا ) بالمطيعين والعاصين .
71 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ خُذُواْ ) آلات (حِذْرَكُمْ) وهي الدروع والخِوذ والجُنن (فَانفِرُواْ) إلى قتال عدوّكم ، أي اُخرجوا (ثُبَاتٍ) أي جماعات مُتفرّقة ، يعني سريّة بعد سريّة (أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا ) يعني أو مجتمعين إن قضت الحاجة لذلك .
72 - (وَإِنَّ مِنكُمْ ) أي من المسلمين (لَمَنْ) تدعوهم إلى قتال العدو (لَّيُبَطِّئَنَّ) أي يتباطأ عن الخروج لإسباب تافهة (فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ ) من قتل أو جراح (قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا ) أي لم أكن حاضراً معهم في القتال فيُصيبني ما أصابهم .
73 - (وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله ) بنصرٍ على الأعداء وغنيمة من أموالهم (لَيَقُولَنَّ) يا ليتني كنتُ معهم في القتال فأفوز بالغنائم فوزاً عظيماً (كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ) وصِلةٌ وكأن لم تدعوهُ إلى الخروج معكم فيقول (يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ) .
74 - (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذينَ يَشْرُونَ ) أي يستبدلون (الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ ) الأعداء فينتصر عليهم (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ ) في الآخرة (أَجْرًا عَظِيمًا ) .
75 - (وَمَا لَكُمْ ) أيّها المسلمون (لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) يعني أيُّ عُذرٍ لكم في ترك القتال (وَ) في مكّة (الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ) ينتظرونكم ويستصرخونكم لتنقذوهم من أيدي المشركين (الّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ ) أي من عندك (وَلِيًّا) يتولّى أمرنا ويُخلّصنا من أيدي المشركين (وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ينصرنا عليهم .
76 - (الّذينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) أمّا المنافقون فيقاتلون في سبيل الغنيمة (وَالّذينَ كَفَرُواْ ) من قريش (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ) يعني في سبيل الطاغية وهو أبو سفيان (فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ ) يعني أتباع أبي سفيان ومن يواليه (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ ) نحو المؤمنين (كَانَ ضَعِيفًا) لأنّ الله خاذله وفاشي سرّهِ للمؤمنين وناصرهم عليه وعلى أتباعِه .
77 - كان جماعة من المسلمين يلقَون أذىً شديداً من المشركين وهم بِمكّة قبل أن يهاجروا إلى المدينة فشكَوا ما بِهم إلى رسول الله وقالوا إئذن لنا في قتالهم ، فقال كفّوا عن قتالهم وأقيموا الصلاة فإنّي لم أؤذَنْ بقتالهم ، فلمّا هاجروا إلى المدينة وأمرهم النبيّ بقتال المشركين شقّ على بعضهم وتثاقلوا ، فنزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ ) يا محمّد (إِلَى الّذينَ قِيلَ لَهُمْ ) بمكّة (كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ ) عن القتال (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ ) بالمدينة بعد الهجرة (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ) أي قِسم منهم (يَخْشَوْنَ النَّاسَ ) أي يخافون من المشركين (كَخَشْيَةِ اللّهِ ) في عقابه (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ) يعني وبعضهم يخشى الناس أشدّ من خشية الله (وَقَالُواْ) من كثرة خوفهم (رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ ) في هذه السنة (لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) يعني إلى السنة القادمة كي نرتاح في هذه السنة ونقضي أشغالنا (قُلْ) لهم يا محمّد (مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ ) بالنسبة للآخرة ، والدنيا دار عمل وعناء لا دار راحةٍ وهناء وعمركم فيها قليل لا تسعكم للراحة فاعملوا في دنياكم وارتاحوا في آخرتكم (وَالآخِرَةُ خَيْرٌ ) من الدنيا (لِّمَنِ اتَّقَى ) المعاصي وأطاع الله (وَلاَ تُظْلَمُونَ ) في جزاء أعمالكم (فَتِيلاً) بل يضاعف لكم في أعمالكم ولا ينقصكم منها شيئاً . و"الفتيل" حبٌّ مفتول ويُسمّى حبّ العُرفط أيضاً وقد سبق شرحه في آية 49 .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |