كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة النساء من الآية( 70) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

70 - (ذَلِكَ) إشارة إلى دخولهم الجنّة ورفقتهم للنبيّين (الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ ) عليهم (وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا ) بالمطيعين والعاصين .

71 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ خُذُواْ ) آلات (حِذْرَكُمْ) وهي الدروع والخِوذ والجُنن (فَانفِرُواْ) إلى قتال عدوّكم ، أي اُخرجوا (ثُبَاتٍ) أي جماعات مُتفرّقة ، يعني سريّة بعد سريّة (أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا ) يعني أو مجتمعين إن قضت الحاجة لذلك .

72 - (وَإِنَّ مِنكُمْ ) أي من المسلمين (لَمَنْ) تدعوهم إلى قتال العدو (لَّيُبَطِّئَنَّ) أي يتباطأ عن الخروج لإسباب تافهة (فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ ) من قتل أو جراح (قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا ) أي لم أكن حاضراً معهم في القتال فيُصيبني ما أصابهم .

73 - (وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله ) بنصرٍ على الأعداء وغنيمة من أموالهم (لَيَقُولَنَّ) يا ليتني كنتُ معهم في القتال فأفوز بالغنائم فوزاً عظيماً (كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ) وصِلةٌ وكأن لم تدعوهُ إلى الخروج معكم فيقول (يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ) .

74 - (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذينَ يَشْرُونَ ) أي يستبدلون (الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ ) الأعداء فينتصر عليهم (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ ) في الآخرة (أَجْرًا عَظِيمًا ) .

75 - (وَمَا لَكُمْ ) أيّها المسلمون (لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) يعني أيُّ عُذرٍ لكم في ترك القتال (وَ) في مكّة (الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ) ينتظرونكم ويستصرخونكم لتنقذوهم من أيدي المشركين (الّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ ) أي من عندك (وَلِيًّا) يتولّى أمرنا ويُخلّصنا من أيدي المشركين (وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ينصرنا عليهم .

76 - (الّذينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) أمّا المنافقون فيقاتلون في سبيل الغنيمة (وَالّذينَ كَفَرُواْ ) من قريش (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ) يعني في سبيل الطاغية وهو أبو سفيان (فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ ) يعني أتباع أبي سفيان ومن يواليه (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ ) نحو المؤمنين (كَانَ ضَعِيفًا) لأنّ الله خاذله وفاشي سرّهِ للمؤمنين وناصرهم عليه وعلى أتباعِه .

77 - كان جماعة من المسلمين يلقَون أذىً شديداً من المشركين وهم بِمكّة قبل أن يهاجروا إلى المدينة فشكَوا ما بِهم إلى رسول الله وقالوا إئذن لنا في قتالهم ، فقال كفّوا عن قتالهم وأقيموا الصلاة فإنّي لم أؤذَنْ بقتالهم ، فلمّا هاجروا إلى المدينة وأمرهم النبيّ بقتال المشركين شقّ على بعضهم وتثاقلوا ، فنزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ ) يا محمّد (إِلَى الّذينَ قِيلَ لَهُمْ ) بمكّة (كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ ) عن القتال (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ ) بالمدينة بعد الهجرة (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ) أي قِسم منهم (يَخْشَوْنَ النَّاسَ ) أي يخافون من المشركين (كَخَشْيَةِ اللّهِ ) في عقابه (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ) يعني وبعضهم يخشى الناس أشدّ من خشية الله (وَقَالُواْ) من كثرة خوفهم (رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ ) في هذه السنة (لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) يعني إلى السنة القادمة كي نرتاح في هذه السنة ونقضي أشغالنا (قُلْ) لهم يا محمّد (مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ ) بالنسبة للآخرة ، والدنيا دار عمل وعناء لا دار راحةٍ وهناء وعمركم فيها قليل لا تسعكم للراحة فاعملوا في دنياكم وارتاحوا في آخرتكم (وَالآخِرَةُ خَيْرٌ ) من الدنيا (لِّمَنِ اتَّقَى ) المعاصي وأطاع الله (وَلاَ تُظْلَمُونَ ) في جزاء أعمالكم (فَتِيلاً) بل يضاعف لكم في أعمالكم ولا ينقصكم منها شيئاً . و"الفتيل" حبٌّ مفتول ويُسمّى حبّ العُرفط أيضاً وقد سبق شرحه في آية 49 .

78 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ في خطاب هؤلاء المنافقين فقال (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ ) يعني أينما كنتم من المواضع والأماكن ينزل بكم الموت ويلحقكم إذا جاء أجلكم (وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) يعني عامرة ومُرتفعة ، والبروج تكون في أركان الحصون في كلّ ركن واحد ، والبُرج يكون محكم البناء مستدير الشكل يُقيمُ فيه الحُرّاس والمراقبون وقت الحرب . ثمّ وجّه الخطاب للنبيّ فقال تعالى (وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ) من ظفَر وغنيمة (يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ) من مكروه وهزيمة (يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ ) يعني بسوء تدبيرك (قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ ) فإن كانت غنيمة فظفَرٌ وانتصار ، وإن كانت هزيمة فبلاءٌ واختبار (فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ ) أي ما شأن هؤلاء المنافقين (لاَ يَكَادُونَ ) أي لا يُقاربون (يَفْقَهُونَ) أي يفهمون (حَدِيثًا) أي قولاً ، والمعنى : أنّهم لا يقربون من الموعِظة والخُطبة وقراءة القرآن ليتّعظوا وإن اقتربوا لا ينصتوا لهُ وإن أنصتوا لا يعملوا بهِ .

79 - كان النبيّ يملك جُبّة فأتاهُ رجل يلتمس رداءً فخلع النبيُّ جُبّته وأعطاها للرجل فأصاب النبيّ بردٌ ، وكان يوماً عندهُ ثلاثة أرغفة من الخُبز فجاءه سائل فأعطاه الخبز كلّه وبقي مع أهله بلا غذاء فأصابتهُ خصاصة ، فنزلت هذه الآية (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ ) أي من نعمةٍ (فَمِنَ اللّهِ ) أنعمَ بِها عليك (وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ ) يعني من برد ومجاعة (فَمِن نَّفْسِكَ ) لأنّكَ أعطيتَ جُبّتك ولم يكن عندك غيرها فأصابك البرد ، ثمّ أعطيت خبزك كلّه للسائل فأصابتك خصاصة (وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً ) ليقتدوا بك فلا تُعطِ كلّ ما عندك فتعرّض نفسك للمرض (وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا ) على أعمالك وحُسن أخلاقك ، أي كفى بالله شاهداً لك على حُسنِ أخلاقِك .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم