كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
8 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ حال من لا يرث من أقرباء الميّت فقال (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ) أي حين قسمة الأموال المنقولة كالحنطة والزبيب والتمر وغير ذلك (أُوْلُواْ الْقُرْبَى ) أي قرابة الميّت يعني الفقراء منهم الّذينَ لا يرِثون (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ ) الّذينَ حضروا القسمة (فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ ) أي فأعطوهم من ذلك المال ، والخطاب للأوصياء أو الورثة البالغين إن لم يكن فيهم وصيّ ، ويكون ذلك الرزق من ثلث الميّت (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ) وذلك بأن يقول لهم يبارك الله لكم في رزقكم وييسّر لكم في أمركم ويعطيكم من فضلهِ .
9 - ثمّ حذّرَ الله أولياء الأيتام من أكل مال اليتيم فقال تعالى (وَلْيَخْشَ) أي وليخافوا ويحذروا ، فالمخاطَب بذلك أولياء الأيتام (الّذينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ) أي من بعد موتِهم (ذُرِّيَّةً ضِعَافًا ) أي أولاداً صغاراً لا قدرة لهم على تحصيل العيش (خَافُواْ عَلَيْهِمْ ) الفقر والذلّ بعد موتهم ، والمعنى : لا تأكلوا أموال اليتامى بغير استحقاق ولا تؤذوهم ولا تضربوهم فإنّ لكم أولاداً أيضاً فإن فعلتم ذلك مع الأيتام فإنّ اللهَ سيجعل أولادكم أيتاماً ذليلين حقيرين من بعدكم ، أمّا إذا لم يحِنْ أجلكم فسيصيبكم بفاجعةٍ مؤلمةٍ في دار الدنيا بسبب أكلكم أموال الأيتام وأذاهم ، وهي أن يميت أعزّ أولادكم عندكم وذلك عقاباً لكم في دار الدنيا وفي الآخرة عذاب النار وبئس المصير (فَلْيَتَّقُوا اللّهَ ) في اليتامَى فلا يأكلوا أموالهم ولا يؤذوهم إذا بدا منهم ذنب عن جهلٍ منهم بل يرشدوهم وينصحوهم (وَلْيَقُولُواْ) لهم (قَوْلاً سَدِيدًا ) أي كلاماً معقولاً بلا سبّ ولا إهانة ، يعني قولاً مُصيباً ، ومن ذلك قول لبيد :
آتي السَّدَادَ فإنْ كرهتِ جنابَنَا فَتَنَقَّلِي في عامرٍ وتَمِيمِ
وقال حمزة :
أَمِينٌ عَلَى مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ قَلْبَهُ فَإِنْ قَالَ قَوْلًا كَانَ فِيهِ مُسَدَّدَا
ويجب على وليّ اليتيم أن يجعله في مدرسة ليتعلّم القراءة والكتابة على الأقلّ أو يجعله في صنعةٍ كنجارة أو حدادة أو غير ذلك لتكون الصنعة سبباً لمعاشهِ في مُستقبلهِ ، فقد قيل في المثَل "صنعة في اليد أمان من الفقر" ، ولا يجوز له أن يتركه بلا صنعة كي يستفيد هو من خدمتهِ .
10 - (إِنَّ الّذينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ) أي بغير استحقاق (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ) يعني سيؤدّي بهم ذلك الأكل الّذي أكلوهُ في الدنيا إلى النار في الآخرة (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) يعني يتعذّبون بنارٍ مُستعرة أي مُتوهّجة .
11 - ثمّ بيّنَ الله تعالى ما أجمله فيما تقدّم من قوله {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ..الخ} بِما فصّله في هذه الآية فقال (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ ) أي في ميراث أولادكم (لِلذَّكَرِ) منهم (مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) أي للإبن من الميراث مثل نصيب البنتين إن لم يكن للميّت أب ولا اُمّ ولا أخ42،
ثمّ بيّن الله تعالى القسمة بينهم في حال وجود أبوَين للميّت في قيد الحياة يعني جدّ الأولاد وجدّتهم مع كون الورثة إناثاً وليس فيهم ذكَر فقال (فَإِن كُنَّ نِسَاءً ) لا ذكر فيهنّ وهنّ (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) أي اثنتين فما فوق ، يعني فأكثر من ذلك (فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ) أبوهما من الميراث ، أي لهنّ ثلثا الترِكة يُقسَم بينهنّ ، والثلث الباقي لأبويه لكلّ واحد منهما السدس ، يعني للأب سدس وللاُمّ سدس43
(وَإِن كَانَتْ ) البنت (وَاحِدَةً) وكان للميّت أخ مع وجود الأبوين في قيد الحياة (فَلَهَا النِّصْفُ ) من الميراث (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ) ولأخيه السدس أيضاً ، فيكون المجموع ستّ حصص ثلاث منها للبنت وواحدة للأب ومثلها للاُمّ واُخرى لأخي الميّت الذي هو عمّ البنت44 أمّا إذا لم يكن للميّت أخ في قيد الحياة فتُقسَم ترِكته كما يلي : نصف لابنته وربع لأبيه وربع لاُمّه (مِمَّا تَرَكَ ) أي مِمّا ترك الميّت من المال ، وذلك (إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) يعني إن كان للميّت أولاد ، فكلمة ولد تشمل الذكور والإناث .
ثمّ بيّنَ سُبحانهُ كيفيّة القِسمة إن لم يكن للميّت أولاد بل له أب واُم وأخ في قيد الحياة فقال (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ ) أي للميّت (وَلَدٌ) أي أولاداً يرثونه لا ذكوراً ولا إناثاً (وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ ) أي وصار الإرث لأبويه مع وجود أخ للميّت (فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ ) ولأبيه ثلث ولأخيه ثلث ، فتكون القِسمة بين الأب والاُم والأخ متساوية لكلّ واحد منهم ثلث .
أمّا إذا كان أحد الأبوين ميّتاً والآخر في قيد الحياة فلاُمّه النصف من الميراث والنصف الآخر لأخيه (فَإِن كَانَ لَهُ ) أي للميّت (إِخْوَةٌ) أربعة (فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ) ولأبيه سدس ولكلّ واحد من إخوته سدس ، وبذلك تكون الأسهم متساوية بين الأب والأم والإخوة .
وإذا كان أحد الأبوين ميّتاً والآخر في قيد الحياة فلكلّ واحد منهم خمس ، أي للأب حصّة واحدة ولكلّ واحد من الإخوة حصّة واحدة ، فيكون المجموع خمس حصص ، وهكذا تكون القِسمة بينهم فما زاد من الإخوة أو نقص فالقسمة تكون بينهم وبين الاُم والأب متساوية ، وإذا مات الولد عن أب واُمّ وليس لهُ أخ ولا اُخت في قيد الحياة فالإرث لأبويهِ يُقسَم بينهما بالتساوي ،
وإن كانوا إخوة للميّت أكثر من واحد فهم شركاء في السدس ، هذا إن كان أبوهم واُمّهم في قيد الحياة ، أمّا إن كانا ميّتين فلإخوة الميّت الّذينَ هم أعمام البنت النصف وللبنت النصف أيضاً ، وذلك (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا ) الميّت قبل مماته45 إن لم يكن عليه دَين وإلاّ فالوفاء بالدَّين قبل الإنجاز بالوصيّة (أَوْ دَيْنٍ ) توفون به إن كان مديوناً . فهؤلاء الوارثون لكم هم (آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً ) الآباء أم الأبناء بل الله يعلم ذلك ففرض عليكم هذه القِسمة (فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ ) عليكم ، أي فرضَ الله ذلك فريضةً عليكم (إِنَّ اللّهَ كَانَ ) ولا يزال (عَلِيماً) بمصالحكم (حَكِيمًا) فيما يحكم به عليكم من القسمة وغيرها .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |