كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المائدة من الآية( 108) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

108 - (ذَلِكَ) الحُكم من ردّ اليمين على الوَرَثَة (أَدْنَى أَن يَأْتُواْ ) الأوصياء (بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا ) أي على صحّتها لا يكتمون شيئاً من الشهادة ولا يزيدون عليها خوفاً من اليمين (أَوْ يَخَافُواْ ) الأوصياء (أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ ) إلى أولياء الميّت (بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ) فيحلفون على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا ويُغرّموا (وَاتَّقُوا اللّهَ ) أن تحلفوا أيماناً كاذبة أو تخونوا الأمانة (وَاسْمَعُواْ) إلى الموعِظة (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) إلى جنّاتهِ يوم القيامة . ومن حلفَ باللهِ يميناً كاذبة فعليهِ عشر جلدات ويُسجن عشرة أشهر ولا تُقبَل لهُ شهادة بعد ذلك .

109 - (يَوْمَ) القيامة (يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ) لهم (مَاذَا أُجِبْتُمْ ) أي ما الّذي أجابكم قومكم فيما دعوتموهم إليهِ (قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ) بالحقيقة فبعضهم أسلم وبعضهم أنكر وبعضهم كفر واستكبر ، فهذا كان الظاهر ، أمّا الباطن فلا عِلمَ لنا بهِ (إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) أي تعلمُ ما غابَ عنّا وما كتموهُ في قلوبهم من شكٍّ ونفاق .

110 - (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ ) واصبر على أذى قومك في سبيلي ولا تجزع . ثمّ أخذَ سُبحانهُ يُعدّد بعض ما أنعم عليهِ سابقاً ولاحقاً فقال (إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) يعني نصرتك بجبرائيل (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ) وأنتَ طِفلٌ صغير . قلتُ فيما سبق أنّ عيسى كان في السماء وكان روحاً ، أي من فصيلة الملائكة ولَمّا خلق الله تعالى جنيناً في رحم مريم أمرهُ أن ينزل إلى الأرض فيدخل في جسم ذلك الجنين فدخل فكان المسيح ، ولَمّا ولدتهُ اُمُّهُ كان عالماً بالكلام وغيره من علومٍ شتّى وإن كان في نظر الناس طفلاً رضيعاً (وَكَهْلاً) أي وتكلّم الناس أيضاً وأنت كهل ، وكان كلامه معهم بأمور دينية .

ثمّ ذكّره بنِعَم سابقة ونِعَم لاحقة فقال تعالى (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ ) أي الكتُب السماويّة السالفة وهي صُحُف إبراهيم وألواح موسى وزبور داوُد (وَالْحِكْمَةَ) يعني وعلّمتك الموعِظة (وَالتَّوْرَاةَ) أي مجموعة التوراة (وَالإِنجِيلَ) أي وأعطيتك الإنجيل بأن كتبوهُ تلاميذك . ولَمّا انتهى سُبحانهُ من ذكر النّعم العلميّة أخذ في تعداد النّعم المادّية وهي سابقة ولاحقة أيضاً فقال (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) أي بإذنٍ منّي لك (فَتَنفُخُ فِيهَا ) الروح أي في تلك الطينة فتدخل روحاً من أرواح الطيور فيها (فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ) أي بإرادتي وقدرتي (وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ ) وهو المولود أعمَى (وَالأَبْرَصَ) أي الذي في جلدهِ بَرَص ، وهي بُقع بيضاء تُخالف لون الجلد (بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى ) من القبور أحياء ، فقد أحيا أربعة أشخاص في اليوم الذي ماتوا فيهِ بأن أعاد الأرواح إلى أجسادها وذلك باختلاف المكان والزمان (بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ ) يعني عن أذاك وإهانتك فلم يؤذوك كما آذت الاُمَم أنبياءها ، وذلك بأن جعلت رهبةً منك في قلوبهم لئلاّ يؤذوك (إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) أي بالبراهين الواضحة والمعاجز الظاهرة (فَقَالَ الّذينَ كَفَرُواْ ) بك (مِنْهُمْ) أي من بني إسرائيل (إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) يعني ما هذه المعجزات إلاّ سحرٌ مُبين .

111 - (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي ) عيسى بن مريم (قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ ) يا عيسى (بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون لأمرك مُنقادون لدينك .

112 - (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ ) عيسى (اتَّقُواْ اللّهَ ) في اقتراح الآيات (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) بكمال قدرتهِ وصحّة نبوّتي .

113 - (قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا ) تبرّكاً بهِ (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا ) بزيادة اليقين بقدرتهِ (وَنَعْلَمَ) أي ونزداد عِلماً (أَن قَدْ صَدَقْتَنَا ) في النبوّةِ عياناً (وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ) بما رأينا لمن بعدنا .

114 - (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً ) يوم نزولها (لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ) يعني يستمرّ العيد لحاضرنا ولمن يأتي بعدنا إلى آخر الدهر (وَآيَةً مِّنكَ ) أي وعلامة منك على صدقي (وَارْزُقْنَا) غيرها من نباتات الأرض وأثمار الأشجار (وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .

115 - (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ ) نزولها (مِنكُمْ) أيّها الحواريّون (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ ) في الآخرةِ (عَذَابًا) شديداً (لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا ) غيره (مِّنَ الْعَالَمِينَ ) ، فلمّا سمعوا بهذا الشرط وهو العذاب الشديد لمن يكفر بعد نزولها تركوا طلبتهم هذه فقالوا لا نريد المائدة مع العذاب الشديد لمن يكفر .

116 - (وَإِذْ قَالَ اللّهُ ) لعيسى بعد وفاتهِ وصعودهِ إلى السماء (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ ) واعبدونا (مِن دُونِ اللّهِ قَالَ ) عيسى مُجيباً (سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي ) أي لا يجوز لي (أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ) يعني ليس من حقّي أن أقول هذا ، فلم أقلْ أنا إبن الله ولا قلت لهم أنا الله فاعبدوني بل قلتُ لهم أنا عبد الله ورسولهُ أرسلني إليكم ، وقلتُ لهم أنا إبن الإنسان وقد أكثرتُ من قولي هذا في الإنجيل بأنّي إبن الإنسان لئلاّ ينسبوني إبن الله ، فأخذ الناس بقول المجنون الّذي دخله الشيطان وتركوا قولي (إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ) فإنّك (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ) من أسرار (وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) من إضمار (إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم