كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
113 - (قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا ) تبرّكاً بهِ (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا ) بزيادة اليقين بقدرتهِ (وَنَعْلَمَ) أي ونزداد عِلماً (أَن قَدْ صَدَقْتَنَا ) في النبوّةِ عياناً (وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ) بما رأينا لمن بعدنا .
114 - (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً ) يوم نزولها (لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ) يعني يستمرّ العيد لحاضرنا ولمن يأتي بعدنا إلى آخر الدهر (وَآيَةً مِّنكَ ) أي وعلامة منك على صدقي (وَارْزُقْنَا) غيرها من نباتات الأرض وأثمار الأشجار (وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .
115 - (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ ) نزولها (مِنكُمْ) أيّها الحواريّون (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ ) في الآخرةِ (عَذَابًا) شديداً (لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا ) غيره (مِّنَ الْعَالَمِينَ ) ، فلمّا سمعوا بهذا الشرط وهو العذاب الشديد لمن يكفر بعد نزولها تركوا طلبتهم هذه فقالوا لا نريد المائدة مع العذاب الشديد لمن يكفر .
116 - (وَإِذْ قَالَ اللّهُ ) لعيسى بعد وفاتهِ وصعودهِ إلى السماء (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ ) واعبدونا (مِن دُونِ اللّهِ قَالَ ) عيسى مُجيباً (سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي ) أي لا يجوز لي (أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ) يعني ليس من حقّي أن أقول هذا ، فلم أقلْ أنا إبن الله ولا قلت لهم أنا الله فاعبدوني بل قلتُ لهم أنا عبد الله ورسولهُ أرسلني إليكم ، وقلتُ لهم أنا إبن الإنسان وقد أكثرتُ من قولي هذا في الإنجيل بأنّي إبن الإنسان لئلاّ ينسبوني إبن الله ، فأخذ الناس بقول المجنون الّذي دخله الشيطان وتركوا قولي (إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ) فإنّك (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ) من أسرار (وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) من إضمار (إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) .
117 - (مَا قُلْتُ لَهُمْ ) أي للحواريّين وللنصارى (إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ ) أنا (عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) أشاهدهم وأراقبهم وأعلّمهم التوحيد (مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ) حيّاً (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي ) أي فلمّا أمتّني ورفعتَ نفسي إلى السماء (كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) تراقبهم وتراقب أعمالهم وأقوالهم ولا عِلمَ لي بما جرى بعدي وبما غيّروا وبدّلوا من دينهم (وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) تشاهد الأشياء وتراقبها لا تَخفَى عليك خافية .
118 - (إِن تُعَذِّبْهُمْ ) بسبب كفرهم (فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ) ولك أن تتصرّف فيهم كيفَ تشاء (وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ ) يعني تغفر لمن قال برسالتي ولم يقل بأنّي إبن الله (فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ ) في مُلكك الغالب على خلقك (الْحَكِيمُ) في مخلوقاتك ، والمعنى : إنْ عذّبتَ فعدلٌ منك وإن غفرتَ ففضلٌ منك . وإنّما سأله الله تعالى وخاطبه بهذا ليُظهِرَ للناس براءتهُ فيعلموا أنّ المسيح لم يقل لهم إنّي إبن الله ، بل قال لهم أنا إبن الإنسان ، وأكثرَ من قولهِ هذا في الإنجيل ، ولكنّهم بدّلوا وغيّروا بأهوائهم وغالوا في المسيح حتّى قالوا هو إبن الله ، وقالت فِرقة منهم هو الله . كما غالت بعض فِرق الإسلام في المشايخ والأئمّة فجعلوهم خلفاء الله في الأرض ووكلاءهُ ونوّابهُ فأخذوا يعبدونهم كما عبدت النصارى المسيح واُمّه ، وكما عبدت قريش الملائكة وقالت هي بنات الله تشفع لنا عند الله .
119 - (قَالَ اللّهُ ) تعالى مجيباً عيسى (هَذَا) أي قولك هذا صِدقٌ وقد نفعكَ (يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ) يعني وكذلك يوم القيامة ينفع الصادقين صِدقُهم ، ويريد بهم الأنبياء والمرسلين ، ويريد بصدقهم ما أمرهم الله بهِ من تبليغ لقومهم بأن بلّغوا ما أرسِلوا بهِ لم يكذبوا عليهم بشيء ولم يُجاملوهم ويُجاروهم بشيء من عقائدهم خوفاً منهم بل تكلّموا بالصِدق ولو كان فيه إهانتهم والسُخرية منهم . ثمّ بيّنَ سُبحانهُ ما لهؤلاء الصادقين عند الله من الكرامة في الآخرة فقال تعالى (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ) بما قاموا بهِ من تبليغ الرسالة وتحمّل الأذى في سبيل الله وإعلاء كلمتهِ (وَرَضُواْ عَنْهُ ) بما أعطاهم من الكرامة والمنزلة في الجنان (ذَلِكَ) العطاء هو (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
120 - ثمّ أخذ سُبحانهُ في تهديد المكذّبين للرُسُل والمغيّرين لدينهم وشرائعهم فقال (لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي الكواكب السيّارة ومن جُملتها الأرض (وَمَا فِيهِنَّ ) من مُهلِكات كالأعاصير والصواعق والنيازك والشهُب والمذنّبات والبراكين والزلازل والسيول والبحار وغير ذلك فلو شاء لدمّرهم بإحدى الْمُدمِّرات (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ) من هذه (قَدِيرٌ) لا يعجزهُ شيء من ذلك .
تمّ بعون الله تفسير سورة المائدة ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
ويليه تفسير سورة الأنعام
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |