كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
22 - (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) أي غِلاظ شِداد أقوياء لا نستطيع مُحاربتهم وطردهم من أرضهم (وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا ) بدون قتال (فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) إليها .
23 - (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الّذينَ يَخَافُونَ ) عقاب الله ولا يعصونه وقد (أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ) بالصحّة وطول العُمر حتّى دخلا الأرض المقدّسة بعد أربعين سنة ، وهما يوشع بن نون وكالب بن يفنّة قالا (ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ ) أي باب أريحا (فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ) لأنّ الله يُلقي الرُعبَ في قلوبهم فينهزموا . (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) بأنّ الله ينصركم عليهم بإلقاء الرُعب في قلوبهم
24 - (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا ) عنّا (إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) ننتظر خروجهم .
25 - (قَالَ) موسى (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ ) أمرَ هؤلاء القوم (إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) هارون (فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ويريد بالفاسقين الرجال العشرة الّذينَ بعثوهم إلى أريحا ليتجسّسوا أرضها ومزارعها وبساتينها ، فلمّا رجعوا أخذوا في ذمّها وكان ذلك سبباً في عصيان بني إسرائيل وامتناعهم عن الدخول إليها ، فأنزل الله على هؤلاء العشرة الطاعون فماتوا بهِ .
26 - (قَالَ) الله تعالى (فَإِنَّهَا) أي الأرض المقدّسة (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ) لا يدخلونها (أَرْبَعِينَ سَنَةً ) أي حرّمها عليهم جزاءً لعنادهم (يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ ) أي يبقون في الصحراء تائهين لا يدخلون الْمُدُن (فَلاَ تَأْسَ ) أي لا تحزن ، ومن ذلك قول امرئ القيس :
وُقُوفاً بِها صَحْبِي عَلَيّ مَطِيَّهُمْ يَقُولُونَ لا تَهْلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ
(عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) أي الخارجين عن طاعة الله . فبقوا في تلك الصحراء أربعين سنة فمات الآباء بالتدريج ونشأ الأبناء فأصبحوا أقوياء فحاربوا وانتصروا ودخلوا أريحا مع يوشع بعد موت موسى .
27 - ولَمّا بيّنَ سُبحانهُ تعنّت اليهود وعنادهم مع نبيّهم عقّبه ببيان حسَدهم لرسوله محمّد بسبب إنزال الوحي عليه وانقطاعه عنهم ، فقال تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ )أي إقرأ على اليهود (نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ) أي بتبيان الحقّ ، وهما هابيل وقابيل وكيف حسدَ قابيل أخاهُ هابيل لأجل خطيبتهِ لأنّها أجمل من خطيبة قابيل فكانت العاقبة أنّهُ خسِرَ دنياهُ وآخرته بسبب الحسد ، وأمّا أخوهُ هابيل فقد نال الصيت الحسَن في الدنيا والنعيم في الآخرة . فذكّرهم يا محمّد بهذه الحادثة ليتّعِظوا ويتركوا الحسَد ويؤمنوا بما أنزل الله عليك ولا يكونوا مِثل قابيل فيخسروا دنياهم وآخرتهم كما خسر قابيل ، وذلك قوله تعالى (إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا ) وذلك أنّ آدم قال لهما قرّبا قرباناً لله فأيُّكما يُقبَل قربانه يتزوّج الفتاة الجميلة 148 وعلامة القبول أن تنزل نار من السماء على قربانهِ فتأكلهُ ، وكان هابيل راعياً في غنمهِ فقرّب أحسن كبش في غنمهِ ، وكان قابيل فلاّحاً فقدّم حنطةً من حصادهِ ، فنزلت نار من السماء على كبش هابيل وأحرقتهُ ولم تنزل على حنطة قابيل ، فزاد الحسَد بقابيل لأخيه فقتلهُ ، وذلك قوله تعالى (فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا ) أي من هابيل (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ ) أي من قابيل لأنّهُ كان بخيلاً فقدّم شيئاً قليلاً من الحنطة (قَالَ) قابيل لأخيه هابيل (لَأَقْتُلَنَّكَ) لأنّ قربانك قُبِل ولم يُقبل قرباني (قَالَ) هابيل (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) أي من الّذينَ يخافون الله فيتجنّبون معاصيهِ .
28 - (لَئِن بَسَطتَ ) أي مددتَ (إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )
29 - (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ ) أي ترجعَ (بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) في الآخرة (وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ ) الّذينَ يظلمون الناس ويغصبون حقوقهم .
30 - (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ ) أي فسوّلت له نفسه قتل أخيهِ فطاوعها (فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) خسر الدنيا بالذلّ والعار وخسر الآخرة فدخل النار .
31 - (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ ) برجليهِ ووارَى غراباً ميّتاً بالتراب (لِيُرِيَهُ) الغراب (كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ ) أي عورة أخيه المقتول ، فلمّا رأى ذلك من الغراب (قَالَ) قابيل (يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي ) بالتراب (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) على قتلهِ .
32 - (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ) الحادث الّذي وقع بين ابنَي آدم (كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) أي حكمنا عليهم وكتبنا في توراتهم (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ ) قِصاص (نَفْسٍ أَوْ ) بغير (فَسَادٍ) منها (فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) يعني فلهُ من العذاب كمن قتل الناس جميعاً (وَمَنْ أَحْيَاهَا ) بإنقاذها من الغرق أو من الحرق أو من حادث آخر يكون به موتها فأنقذها منهُ (فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) يعني فلهُ أجر من أحيا الناس جميعاً (وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ ) يعني جاءت بني إسرائيل (رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ) الدالّة على صدقهم فكذّبوا رُسُلنا وآذَوهم وقتلوا بعضهم (ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم ) أي من بني إسرائيل (بَعْدَ ذَلِكَ ) أي بعد إرسال الرُسُل وتوضيح البيّنات وتشديد حكم القتل ، بعد ذلك كلّه (فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) في القتل ، وإن شئتَ تأكيد إسرافهم في القتل إقرأ سِفر قضاة في توراتهم في الإصحاح العشرين وما بعده في حادثة وقعت لهم فاقتتلوا فيما بينهم فذهب من كلٍّ من الفريقين قتلى بالآلاف .
------------------------------------148 :وقد تزوّج أولاد آدم من الجنس الأصفر ، أي من الصينيّات ، إذ كان الجنس الأصفر موجوداً قبل آدم ، راجع كتابي الكون والقرآن تحت عنوان الحياة انتقاليةكتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |