كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة المائدة من الآية( 43) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

43 - (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ ) في خصامهم (وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ) في القاتل والزاني وغير ذلك من أحكام الدِين (ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ ) أي يتراجعون ، يعني بعضهم يقول لبعض فلنولِّ إلى ديارنا ، أي لنرجع (مِن بَعْدِ ذَلِكَ ) التحكيم (وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) أي بالْمُصدّقين والمؤيّدين لحكمك وقولك .

44 - (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى ) لبني إسرائيل (وَنُورٌ) لمن اهتدى بِها منهم (يَحْكُمُ بِهَا النبيّونَ ) السابقون الّذينَ هم من بني إسرائيل (الّذينَ أَسْلَمُواْ ) أي استسلموا لأوامر ربِّهم وانقادوا لدينهِ (لِلَّذِينَ هَادُواْ ) أي يحكمون لليهود بِما في التوراة ويُعلّمونهم أمور دينهم (وَالرَّبَّانِيُّونَ) أي العُبّاد المنسوبون للربّ (وَالأَحْبَارُ) وهم العلماء في الدِين أيضاً يُعلّمونهم أحكام دِينهم من التوراة (بِمَا اسْتُحْفِظُواْ ) أي بِما استودِعوا (مِن كِتَابِ اللّهِ ) يعني التوراة الّذي كتبه الله عليهم (وَكَانُواْ) أي الربّانيّون والأحبار (عَلَيْهِ) أي على الكتاب وحُكم السارق (شُهَدَاءَ) أي حاضرين وشاهدين وقد رأوها بأعينهم بأنّ السارق يجب أن تقطع يده ولكن التوراة الأصلية مزّقها نبوخذنصّر ملك بابل ، وهذا الحكم في السارق كتبهُ عزرا في توراتهِ من تلقاءِ نفسهِ فجعل تخفيفاً في عقاب السارق .

ثمّ أخذَ سُبحانهُ في تحذير أحبار اليهود المعاصرين للنبيّ (ع) وتهديدهم بأن لا يبدّلوا أحكام الله في التوراة كما بدّل عزرا ولا يكذّبوا رسوله محمّداً خوفاً من رؤسائهم أو رغبةً في المال كما فعل بعض الّذينَ من قبلهم فقال تعالى (فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ ) أيّها الأحبار (وَاخْشَوْنِ) أي خافوني في تكذيب رسولي (وَلاَ تَشْتَرُواْ ) أي ولا تستبدلوا (بِآيَاتِي) أي بتكذيب آياتي (ثَمَنًا قَلِيلاً ) أي عِوَضاً يسيراً (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) في الكتُب السماويّة فيغيّر ويبدّل كما بدّل عزرا (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) أي الكاتمون للحقّ .

45 - (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ) أي على بني إسرائيل (فِيهَا) أي في التوراة (أَنَّ النَّفْسَ ) تُقتلُ قِصاصاً (بِالنَّفْسِ) إذا كان القتل بغير حقّ (وَالْعَيْنَ) تُفقأ قِصاصاً (بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ ) تُجدعُ قِصاصاً (بِالأَنفِ وَالأُذُنَ ) تُقطعُ قِصاصاً (بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ ) تُقلعُ قِصاصاً (بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ) أي ذات قِصاص يُقتصّ فيها ، وكلّ هذا في العمد ، أمّا في الخطأ فالدِية من مال الجاني (فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ) أي بالقِصاص فعفَى عن الجاني (فَهُوَ) أي العفو (كَفَّارَةٌ لَّهُ ) عن ذنوبه (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ ) في كتابهِ من الحُكم فيجعل بدل قطع اليد غرامة وبدل السرقة أربعة أمثال ما سرق (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لقومهم ولأنفسهم . وإليك ما جاء في مجموعة التوراة في هذا الخصوص وذلك في سِفر التثنية في الإصحاح التاسع عشر قال : [ لا تُشفِق عينكَ ، نفسٌ بنفسٍ ، عينٌ بعينٍ ، سنٌّ بسنٍّ ، يدٌ بيدٍ ، رِجلٌ برِجلٍ . ]

46 - (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم ) يعني أتبعنا على آثار النبيّين الّذينَ أسلموا لأمر الله (بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) رسولاً من بعدهم (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) أي لِما هو حاضرٌ بين يديهِ (مِنَ التَّوْرَاةِ ) وهي الكلمات العشر الّتي كتبها الله تعالى لموسى في الألواح الحجريّة (وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ ) ليؤمنوا بهِ (فِيهِ هُدًى ) من الضلالة (وَنُورٌ) للهداية (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ) وهذا ليس بتكرار إذ الأوّل تصديق عيسى بالألواح والثاني تصديق الإنجيل بالألواح (وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) الّذينَ يتّقون عذاب الله بطاعتهِ .

47 - (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ ) يعني علماء النصارى (بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ ) من تصديق بالتوراة وبالكتب السماويّة الاُخرى (وَمَن لَّمْ يَحْكُم ) من أهل الإنجيل (بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) في الألواح وفي توراة موسى وقرآن محمّد (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) أي الخارجون عن طاعة الله .

48 - (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ) يا محمّد مع جبرائيل (الْكِتَابَ) أي القرآن (بِالْحَقِّ) أي بتبيان الحقّ (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) يعني جبرائيل مُصدّقاً لك بما نزل بهِ إليك (مِنَ) أحكام (الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) "الهيمنة" هي المحافظة على الشيء والسيطرة عليهِ ، يعني وجبرائيل مُهيمناً على القرآن الّذي نزلَ بهِ إليك (فَاحْكُم بَيْنَهُم ) أي بين المسلمين (بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) إليك مع جبرائيل ولا تحكم بما في توراة عِزرا (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) إذ أنكروا عليك في الحكم وقالوا ليس هذا في كتابنا (عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ ) يعني ولا تحكم بغير الحقّ الّذي جاءك في القرآن (لِكُلٍّ) من اليهود والنصارى والمسلمين (جَعَلْنَا مِنكُمْ ) يا أهل الكتب السماويّة (شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) أي جعلنا لكم ديناً تسيرون عليه ومنهاجاً للحُكم تحكمون بموجبهِ (وَلَوْ شَاء اللّهُ ) توحيدكم (لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) وهذا يتمّ عند ظهور المهدي على الحكم إن شاء الله (وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم ) من كتب وشرايع ، يعني لكن ليختبركم فيما آتاكم فيرى من يُطيع الله في أحكامهِ ومن يعصيهِ (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ) أي تسابقوا على فعل الخيرات قبل فوات الوقت بالعجز أو بالموت (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ) بعد الموت ، يعني إلى حُكمهِ تصير نفوسكم بعد موتكم (فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) من أمر دينكم ، يعني فنعاقب حينئذٍ الّذينَ اختلفوا عن الحقّ ومالوا إلى الباطل .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم