كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
57 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الّذينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا ) أي يسخرون من دينكم ويجعلونه لعِباً ، وهم (مِّنَ الّذينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ) يعني من اليهود والنصارى (وَالْكُفَّارَ) يعني ومن مُشركي العرب لا تتّخذوهم (أَوْلِيَاء) أي أحبّاء وأصدقاء (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) في موالاتهم بعد النهي عنها (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) بوعدهِ ووعيدهِ .
58 - (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ ) يعني إذا دعوتم المسلمين إليها بالأذان (اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ) يتضاحكون فيما بينهم (ذَلِكَ) الاستهزاء منهم (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ) ولذا اتّخذوا العبادة لله هُزواً .
59 - (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا ) أي ما تُنكرون منّا (إِلاَّ أَنْ آمَنَّا ) يعني إلاّ إيماننا (بِاللّهِ) وحده لا نُشرك بهِ شيئاً كما أشركتم أيُّها اليهود وعبدتم العجلَ في زمن موسى والبعلَ من بعدهِ ، ولم نُثلّث كما ثلّثتم أيّها النصارى وعبدتم تماثيل المسيح واُمّهِ ، وآمنّا بأنبياء الله جميعاً (وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ) من القرآن (وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ ) إلى الأنبياء من كتاب ، ولكنّكم كفرتم وأشركتم ولذلك تُنكرون علينا إيماننا بالله وحده (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ) علاوةً على كفركم وإشراككم .
60 - (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء اليهود الّذينَ استهزؤوا بصلاتكم ونقَموا منكم (هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ ) أي بشرٍّ مِمّا نقَمتم مِنّا ومن إيماننا فإنّنا آمَنّا بالله وحده ولم نشرك به شيئاً فلنا (مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ ) أي ثواباً وليس لنا شرٌّ كما تزعمون ولكنّ الشرّ لكم ولأسلافكم الّذينَ أشركوا وعبدوا العجلَ والبعلَ وعشتاروث ، فمنهم (مَن لَّعَنَهُ اللّهُ ) أي أبعده الله عن رحمتهِ وأخزاهُ (وَغَضِبَ عَلَيْهِ ) بسبب كفرِه وعبادتهِ للأوثان (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ) الّتي في قطر فلسطين ، يعني خلقها من رِمَم أجسامهم ، وذلك بعد حادثة نبوخذنصّر (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ) أي وجعل منهم عبيداً للطاغوت ، ويريد بالطاغوت نبوخذنصّر فإنّه استعبدهم سبعين سنة كما استعبدهم فرعون مائتي سنة ، هذا في الدنيا أمّا في الآخرة فإنّ أرواح المشركين منهم يخدمون الشياطين في عالم البرزخ (أُوْلَـئِكَ) الّذينَ عبدوا البعل وعشتاروث (شَرٌّ مَّكَاناً ) مكانهم اليوم (وَأَضَلُّ) من غيرهم (عَن سَوَاء السَّبِيلِ ) أي عن الطريق السويّ .
61 - (وَإِذَا جَآؤُوكُمْ ) أي اليهود ، والخطاب موجّه للمسلمين (قَالُوَاْ آمَنَّا ) بمحمّد ولكنّهم كاذبون كافرون (وَقَد دَّخَلُواْ ) عليكم (بِالْكُفْرِ) أي بالإنكار لدينكم (وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ ) من عندكم (بِهِ) يعني خرجوا من عندكم كما دخلوا لم تتغيّر عقائدهم ولم يؤمنوا ولم يأتوا ليسلموا بل جاؤوا لِيتجسّسوا ويسخروا (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ ) لكم من العداوة والحسد .
62 - (وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ ) أي في المعاصي (وَالْعُدْوَانِ) أي الاعتداء على الناس (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ) أي المال الحرام كالرشوة والربا والقمار وغير ذلك من اغتصاب أموال الناس (لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) من أعمال سيئة .
63 - (لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ ) أي العُبّاد المنسوبون للربّ (وَالأَحْبَارُ) وهم علماء اليهود (عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ ) أي الّذي أثِموا بهِ ، فقالوا محمّد ساحر وقد اجتمع إليه الناس بسحرِه (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ) أي وينهوهم عن أكل مال الحرام (لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ) في الماضي من تماثيل فيعبدونها ويُقدّسونها .
64 - (وَقَالَتِ الْيَهُودُ ) يعني بعض اليهود وذلك لَمّا تقتّر عليهم العيش (يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ ) أي مقبوضة عن العطاء مُمسكة عن الرزق ، فنسبوهُ إلى البخل ، فقال تعالى (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ) في عالم البرزخ بأغلال من حديد (وَلُعِنُواْ) أي أبعِدوا من رحمة الله (بِمَا قَالُواْ ) أي بسبب قولهم هذا . ثمّ ردّ الله عليهم قولهم فقال تعالى (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) بالكرم (يُنفِقُ) من خزائنه على عبادهِ (كَيْفَ يَشَاء ) لا يمنعهُ من الإنفاق مانع ولا تنفد خزائنهُ مهما أنفق (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم ) أي من اليهود (مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) في القرآن من ذمّهم وإظهار مخازيهم والكشف عن عيوبهم وكفرهم ونفاقهم ، يزيدهم ذلك (طُغْيَانًا) عليك وعلى المؤمنين بك (وَكُفْرًا) بكتابك (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ) أي بين اليهود والنصارى (الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء ) وستبقى بينهم (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ ) اليهود (نَارًا لِّلْحَرْبِ ) بالفِتَن ، يعني لحرب المسلمين (أَطْفَأَهَا اللّهُ ) أي أخمدها وأبطلها (وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا ) بإثارة الفتن وهتك المحارم وتضليل العوام (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) ولذلك لا يهديهم إلى الإسلام لأنّهم مُفسدون مُنافقون .
65 - (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ ) بما اُنزلَ إليك (وَاتَّقَوْاْ) الكفر والفساد (لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) الماضية (وَلأدْخَلْنَاهُمْ) يوم القيامة (جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) يتنعّمون فيها .
66 - (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) أي ولو أنّهم عملوا بما فيهما في الماضي ولم يغيّروا من توحيد ولم يبدّلوا من أحكام (وَ) أقاموا (مَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ ) من أحكام وواجبات (لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ) يعني لكثّرنا عليهم الخيرات فأكلوا التمر من النخيل والجوز من الشجر والمنّ والطير من الفضاء ومن فوق الأشجار والأثمار من الأشجار ، هذا ما كان فوق رؤوسهم ، وأكلوا الحبوب والخضروات من الأرض الّتي تحتَ أرجلهم (مِّنْهُمْ أُمَّةٌ ) أي جماعة (مُّقْتَصِدَةٌ) أي مُصلِحة ، والشاهد على ذلك قول لبيد يرثي أخاهُ :
إذا اقتَصدُوا فمُقتصِدٌ أريبٌ وإنْ جارُوا سواءَ الحقِّ جارَا
فالاقتصاد عكس الجور ، وقال جرير :
وعاذِلَةٍ تَلُومُ فقلتُ مَهلاً فلا جَوْري عليكِ ولا اقْتِصَادِي
(وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ ) مُسرفون في الذنوب (سَاء مَا يَعْمَلُونَ ) أي ساءت أعمالهم وقبُحَ فعلهم .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |