كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الحاقة من الآية( 13) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

13 - (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ) الصور هو القشرة التي تتكوّن للشمس حين انتهاء حياتها وبرودة وجهها ، والنفخ ينبعث من جوفها ، وهي الغازات تخرج من صدع يكون في الشمس فيظهر له صوت عظيم يسمعه أهل الأرض وأهل الكواكب السيارة . وقد شرحت عن الصور في كتابي الكون والقرآن شرحاً وافياً .

14 - (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) أي تهدّمتا دفعة واحدة . فالدك معناه التهدّم ، والشاهد على ذلك قول عنترة :

وتطلبُ أنْ تلاقيني وسيفي ..... يُدَكُّ لوقْعه الجبلُ الثَّقيلُ
وقال الآخر :
ليتَ الجبالَ تداعتْ عندَ مصرعِها ..... دكّاً فلم يبقَ مِن أحجارِها حَجرُ
يعني تهدّمت ، والدكداك هي الأحجار الصغيرة المتكسرة من الجبل ، ومن ذلك قول لبيد :
وكتيبةُ الأحْلافِ قد لاقَيْتُهُمْ ...., حيثُ استفاضَ دكادِكٌ وقَصيمُ

15 - (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) أي تقوم القيامة .

16 - (وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ) يريد بالسمّاء هنا الطبقات الغازية التي للأرض ، أي الغلاف الجوي فإنّه يتمزق مع الأرض وتختلط تلك الغازات ببعضها فتكون دخاناً (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ) أي متمزقة متشققة . والشاهد على ذلك قول حسّان :

لا يرقعُ الناسُ ما أوهتْ أكفّهمُ ..... عندَ الدفاعِ ولا يوهونَ ما رَقعُوا
وقالت الخنساء :
ومَنْ لِمُهمٍّ حلَّ بالجارِ فادحٍ ..... وأمْرٍ وَهَى مِن صاحِبٍ ليسَ يُرْقَعُ

17 - (وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا) أي والملائكة على جوانبها تسوق الناس إلى المحشر . فالأرجاء هي الجوانب ، ومن ذلك قول امرئ القيس :

كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً ..... بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ
(وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ) أيّ فوق النفوس (يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (ثَمَانِيَةٌ) أي ثمان سماوات أثيرية ، يعني روحانية . أما اليوم تحمله سبع سماوات ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة المؤمنون {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } .

18 - (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) للعيان في الفضاء (لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ) نفس كانت (خَافِيَةٌ) في الأرض ، لأنّ الأرض تتمزق فإلى أين تصيرون وفي أيّ مكان تختفون ؟ وقد سبق شرح هذه الآيات في كتابي الكون والقرآن بالتفصيل .

19 - (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) يعني في يده اليمنى (فَيَقُولُ) لأهل المحشر (هَاؤُمُ) أي تعالَوا (اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) وإنّما يقوله مسروراً به لعلمه ليس فيه إلا الطاعات فلا يستحي أن ينظروا فيه ويقرؤوه .

20 - (إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ) والمعنى إني كنت مستيقناً في دار الدنيا بالجزاء في الآخرة فعملت لها .

21 - (فَهُوَ) يومئذ (فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ) أي يرضى بها .

22 - (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ) في السماوات الروحانية السبعة .

23 - (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ) أي ما يقطف من أشجارها من أثمار قريبة ممّن يتناولها . فحينئذ يقال لهم :

24 - (كُلُوا) من أثمار الجنة (وَاشْرَبُوا) من أنهارها (هَنِيئًا) لكم (بِمَا أَسْلَفْتُمْ) أي بما قدّمتم سلفاً من أعمال صالحة (فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) أي الماضية .

25 - (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ) وهو نادم متحسر (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ) .

26 - (وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ) .

27 - (يَا لَيْتَهَا) يعني ليت الموتة التي مُتّها في الدنيا (كَانَتِ الْقَاضِيَةَ) تقضي على حياتي إلى الأبد فلا أرى الكتاب ولا أدري ما الحساب .

28 - (مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ) أي لم تنفعني أموالي اليوم ولم تدفع عني شيئاً من عذاب الله .

29 - (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) أي ذهب عنّي من كنتُ أتقوّى بهم وأستعين في يوم الشدّة من أصحاب وأعوان وأولاد فلا أحدٌ منهم ينفعني اليوم ولا ينجيني من العذاب أحد . ثمّ يقول الله تعالى للملائكة :

30 - (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) أي أوثِقوه بالغلّ .

31 - (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أي كبّوه على رأسه ، وهذا عذاب البرزخ قبل عذاب القيامة ، والجحيم هو البركان ، لأن كل نار قويّة كثيرة تسمى جحيم ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في قصّة إبراهيم في سورة الصّافّات {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ } أي في النار . فكلّ آية تأتي في القرآن مثل هذه بأن تأخذهم الملائكة إلى النار أو تسوقهم أو نظير ذلك فهذا خاص في البرزخ .أما يوم القيامة فجاذبية الشمس تجذبهم إليها فلا دخل للملائكة في إدخالهم جهنّم ، ولذلك قال الله تعالى في سورة الطور {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } يعني يهجمون على النار جماعات . وذلك بسبب تلك الجاذبية وليس بإرادتهم . وقال تعالى في سورة مريم {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا . ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا }، وهذا يكون يوم القيامة لأنّ الشمس تجذّبهم جميعاً المؤمنين والكافرين ، وقوله تعالى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا } يعني تجنّبوا الإشراك فلم يُشركوا مع الله شيئاً في العبادة ولكنّهم مذنبون فتنجيهم الملائكة من النار بعد أن يستوفوا عقابهم فيها . أما الذين يموتون قبل القيامة تشملهم هذه الآية لأنهم يستوفون عقابهم على الأرض ثم تأخذهم الملائكة إلى جنة المأوى إن كانوا من المؤمنين الموحدين .

والعذاب في الأرض أنواع منهم من يسجن في داره ومنهم يسجن في الصحراء تحت أشعة الشمس وحرارتها ومنهم يسجن في قبره مع جسمه الميت ومنهم يعذّب في النار في البراكين ، وهذا على حسب سيئاتهم .

32 - (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا) بالطول (سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) أي أدخلوه فيها ، يعني لفّوها عليه .

33 - (إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ) .

34 - (وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ) يعني كان لا يطعم المساكين ولا يحثّ الناس على إطعامهم .

35 - (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ) يعني ليس له صديق ينفعه ولا قرابة تنجيه من العذاب .

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم