كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة البروج من الآية( 1) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 - (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) "الواو" للقسَم وهو قسم ماضٍ ، و"السّماء" يريد بها سماء مصر ، و"ذات البروج" صفة لمصر ، أي ذات القصور العالية المشيّدة ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {أين ما تكونوا يدرككم الموتُ ولو كنتم في بروجٍ مشيّدة} أي في قصور مشيّدة .

2 - (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) وهو يوم الزينة من قصة موسى وفرعون ، وهو قوله تعالى { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } .

3 - (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) أي وناظرٍ ومنظورٍ ، والشاهد هم الناس الذين حضروا تلك الحادثة ، وهذا قسَم تهديد ووعيد وإنذار بالعذاب للمشركين من أهل مكة ، والمعنى : إنْ لم تؤمنوا بي وتصدّقوا رسولي أهلككم بالعذاب كما أهلكتُ فرعون وجنده وأخذتُ منهم تلك البروج وأعطيتها لغيرهم . وإنّما أقسم سبحانه بسماء مصر لأنّ الرجز نزل عليهم من السّماء ، وهو الجراد والقمّل والغبار والظلمة والطاعون وغير ذلك مما سبق في ذكره في سورة الأعراف في آية 133 . ثمّ لعنهم على ظلمهم فقال تعالى :

4 - (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ) وهذه كلمة زجر معناها قاتلهم الله وأبعدهم عن رحمته ، وهم فرعون وأصحابه كانوا إذا أرادوا تعذيب أحدٍ حفروا له أُخدوداً في الأرض وألقَوه فيه وربطوه بأربعة أوتاد وتركوه في الشمس بلا ماء ولا غذاء حتّى يموت .

5 - (النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ) أي لهم نارٌ موقدة جزاءً على ظلمهم ، وهي نار البراكين في البرزخ ونار سقر يوم القيامة .

6 - (إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ) القعود معناه الدوام على الشيء ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة التوبة {إنّكم رضيتم بالقعود أول مرّة فاقعدوا مع الخالفين} ، يعني أبقوا معهم . والمعنى : إنّهم باقون في التعذيب إلى يوم القيامة ثم يدخلون سقر التي هيّ أشد عذاباً من جهنّم ، وذلك قوله تعالى في سورة غافر { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } .

7 - (وَهُمْ) يعني آل فرعون (عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ) يعني بقوم موسى (شُهُودٌ) أي حضور ، والمعنى كانت فرقة من قوم فرعون تقتل الإسرائيليين وتستعبد الرجال منهم والنساء ، والباقون من قوم فرعون يشاهدون بأعينهم ولا ينكرون على قومهم ولا يمنعوهم عن أفعالهم هذه بل كانوا راضين بذلك .

8 - (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ) أي من بني إسرائيل (إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) يعني قوم فرعون نقموا من بني إسرائيل لأنّهم يعبدون الله وحده ويؤمنون به ولا يعبدون آلهة الأقباط فلذلك نقموا منهم .

9 - (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض (وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي حاضر يسمع ويرى . وهنا إنتهت قصة فرعون مع بني إسرائيل ، ثم أخذ سبحانه في تهديد اليهود الذين كانوا يمنعون الناس من الإيمان برسول الله محمد فيقولون لهم إنّه ساحر فلا تؤمنوا له ، فقال تعالى :

10 - (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) عن إغوائهم للناس ولم يؤمنوا بمحمد حين دعاهم إلى الإسلام (فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ) في الآخرة (وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) يوم القيامة . والمعنى : كما كذّب فرعون وقومه بآيات موسى وقالوا سحرٌ ، كذلك كذّب اليهود بآيات القرآن وقالوا سحرٌ .

11 - (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ) في الآخرة (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَ‌ٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) . ثمّ أخذ سبحانه في تهديد المشركين والظالمين فقال :

12 - (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ) إذا بطش بالظالمين (لَشَدِيدٌ) كما بطش بفرعون وجنده فأغرقهم في البحر .

13 - (إِنَّهُ) أي الله تعالى (هُوَ يُبْدِئُ) الخلق من التراب (وَيُعِيدُ) الأجسام إلى التراب.

14 - (وَهُوَ الْغَفُورُ) للتائبين (الْوَدُودُ) للنادمين الراجعين إليه بالتوبة .

15 - (ذُو الْعَرْشِ) أي صاحب العرش (الْمَجِيدُ) تمجدّه الملائكة وتقدّسه .

16 - (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) فلا يعجزه شيء .

17 - (هَلْ أَتَاكَ) يا محمد (حَدِيثُ الْجُنُودِ) الذين تجنّدوا لمحاربة رسل الله ، ومن جملتهم

18 - (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) يعني هل فهمت أخبارهم حين جاءتك في سور القرآن فيما مضى وكيف كذّبوا رسُلي ؟

19 - (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) من مشركي العرب (فِي تَكْذِيبٍ) كما كذّب من كان قبلهم .

20 - (وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ) يعني إنّهم في قبضته وتحت سلطانه لا يفوتونه كالمحاصَر المحاط به من كلّ جوانبه لا يمكنه الهرب .

21 - (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ) تمجدّه الملائكة وتحترمه .

22 - (فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) عندنا من التغيير والتبديل .

تمّ بعون الله تفسير سورة البروج ، والحمد لله ربّ العالمين .

سورة الطارق

------------------------------------
<<السورة السابقة الصفحة الرئيسة السورة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم