كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
61 - (وَمِنْهُمُ) أي من المنافقين (الّذينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ) بالكلام الخبيث فيما بينهم (وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) أي أُذنٌ سامعة ، يعني يستمع إلى ما يُقال لهُ ويصغي إليهِ ويقبله وإنْ كان كذباً (قُلْ) لهم يا محمّد (أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ ) لأنَّهُ يقبل عُذركم ولا يؤاخذكم (يُؤْمِنُ بِاللّهِ ) يعني لو لم يكن اُذُناً سامعة لما استمع للوحي وآمن بوحدانيّة الله (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يعني ويؤمن بما يأتيهِ من وحيٍ للمؤمنين ، أي بما يأتي من أخبار عن المستقبل لأجل خيرهم وسعادتهم وانتصارهم وظهور دين الإسلام على سائر الأديان وغير ذلك مِمّا هو في شأنهم (وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ ) أيُّها المسلمون (وَالّذينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة .
62 - (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ ) أيُّها المؤمنون (لِيُرْضُوكُمْ) يعني يحلفون لكم ما قالوا شيئاً على النبيّ ولا تكلّموا بكلام يؤذيهِ ولكنهم كاذبون في يمينهم (وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ) .
63 - (أَلَمْ يَعْلَمُواْ ) هؤلاء المنافقون (أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) يعني من يتجاوز حدود الله الّتي حدَّها لهم (فَأَنَّ لَهُ ) في الآخرة (نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) .
64 - بعد عودة جيش المسلمين من غزوة تبوك كان جماعة من المنافقين يتكلّمون في النبيّ وأصحابه استهزاءً ويضحكون ، فقال بعضهم ألا تخافون أن تنزل سورة على النبيّ تخبر عنكم وما أضمرتم في قلوبكم . فنزل جبرائيل على النبيّ بهذه الآية (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم ) من نوايا سيئة (قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ ) فسترون كيف تكون عاقبة استهزائكم (إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ) من كشف أسراركم .
65 - (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ ) عن سبب ضَحِكهم واستهزائهم (لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ) في قِصص الماضين (وَنَلْعَبُ) أي نمزح ونلهو بحديثهم ، وهذا كان عُذرهم (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ ) يعن آيات القرآن (وَرَسُولِهِ) محمّد (كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ) والمعنى : لم تكونوا خائضين في قِصص الماضين بل كنتم تستهزؤون بالله وبآياتهِ وبرسولهِ ، فكيف يكون حال من استهزأ بآيات الله في الآخرة ، أليس في جهنّم وبئسَ المصير ؟
66 - ولَمّا تكلّموا وسخروا سمعهم أحد المسلمين فقال لهم سمعتكم تتكلّمون بكذا ، قالوا نعم تكلّمنا ، لأنَّهم ظنّوهُ من جماعتهم ، ولَمّا سألهم النبيّ عن سبب ضحكهم واستهزائهم اعتذروا وقالوا كنّا نخوض في قِصص الماضين ، فنزل قوله تعالى (لاَ تَعْتَذِرُواْ ) بالمعاذير الكاذبة (قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) يعني قد أنكرتم بعد اعترافكم ، فكلمة "كفر" معناها : الكتمان والإنكار والتغطية ، وكلمة "إيمان" معناها التصديق (إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ ) إذا تابت (نُعَذِّبْ طَآئِفَةً ) اُخرى (بِأَنَّهُمْ) أي بسبب أنَّهم (كَانُواْ مُجْرِمِينَ ) مُستحقّين للعذاب .
67 - (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم ) يتعلّم النفاق (مِّن بَعْضٍ ) كما قيل في المثَل "لا تربط الجرباء قربَ صحيحةٍ ، خوفاً على تلك الصحيحةِ تجربُ" (يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ) أي يأمرون بالأعمال السيئة والأخلاق الرذيلة وينهون عن الأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) عن الانفاق في سبيل الله (نَسُواْ اللّهَ ) وعقابهُ فلم يذكروهُ ولم يطيعوهُ (فَنَسِيَهُمْ) من رحمتهِ (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) أي الخارجون عن طاعة الله .
68 - (وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ) يوم القيامة (هِيَ حَسْبُهُمْ ) أي كفايتهم (وَلَعَنَهُمُ اللّهُ ) أي أبعدهم عن رحمتهِ وأخزاهم (وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) أي دائم .
69 - مثَلكم أيُّها المنافقون (كَالّذينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً ) في الأبدان (وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا فَاسْتَمْتَعُواْ ) هؤلاء (بِخَلاقِهِمْ) أي بنصيبهم (فَاسْتَمْتَعْتُم) أنتم أيضاً (بِخَلاَقِكُمْ) أي بنصيبكم من المحرّمات والشهوات وتركتم الطاعات (كَمَا اسْتَمْتَعَ الّذينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ ) في المحرّمات والشهوات (كَالَّذِي خَاضُواْ ) أي كخوضهم الّذي خاضوا ، فالخوض هو دخول الماء وعبور النهر مشياً على الأقدام ، ثمَّ اسْتُعِيرَ لدخول كلّ حادثة فيها خطر ، ومن ذلك قول عنترة :
وموْكبٍ خُضْتُ أعلاهُ وأسفَلَهُ بالضَّرْبِ والطَّعْنِ بينَ البِيضِ والأسَلِ
وقال أيضاً :
ورَمَيْتُ مُهْرِي في العَجاجِ فخاضَهُ والنارُ تَقْدَحُ من شِفارِ الأَنْصُلِ
خاضَ العَجاجَ مُحَجَّلاً حتّى إذا شَهِدَ الوَقِيعَةَ عادَ غَيْرَ مُحَجَّلِ
(أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا ) فلا يُعوّضون بها (وَ) في (الآخِرَةِ) لا يُثابون عليها (وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) خسِروا الدُنيا والآخرة .
70 - (أَلَمْ يَأْتِهِمْ ) هؤلاء المنافقون (نَبَأُ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) كيف أهلكناهم بسبب كفرهم ونفاقهم فيعتبروا بأنبائهم ويتّعِظوا ويتركوا كفرهم ونفاقهم ، وهم (قَوْمِ نُوحٍ ) أهلكناهم بالغرق (وَعَادٍ) أهلكناهم بالريح الصَرصَر ، أي بالأعاصير ، وهم قوم هود (وَثَمُودَ) أهلكناهم بالزلزال وهم قوم صالح (وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ ) أهلكناهم بالطاعون (وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ ) إبن إبراهيم ، أي قبيلتهُ ورسولهم شُعيب بن تيما بن إسماعيل ، أهلكهم الله بالزلزال (وَالْمُؤْتَفِكَاتِ) أي المنقلِبات ، وهي أربعُ قُرى ، وهم قوم لوط (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ) أي بالأدلّة الواضحة والحُجج الدامغة فكذّبوا بها فأهلكناهم بذنبوهم (فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ) بما أصابهم من دمار (وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |