بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

2 - (مَا الْقَارِعَةُ) القارعة إسم من أسماء القيامة لأنّها تقرع الآذان بصوتها وتقرع الأفئدة بالفزع ، والقارعة هي المصيبة والداهية ، ومن ذلك قولُ لبيد :

أتجزعُ ممّأ أحدثَ الدهرُ بالفتَى ..... وأيّ كريمٍ لم تُصبْهُ القوارعُ
ويريد بالقارعة الصوت الذي يخرج من الشمس حين تتصدع ، فالغازات التي تخرج من جوفها تقرع القشرة الباردة التي تتكوّن للشمس عند انتهاء حياتها فتصدّعها ، وعند خروج الغازات من ذلك الصدع يكون لها صوتٌ عظيم . فالقرع معناه الضرب على الشيء فيخرج منه صوت ، ومن ذلك قولهم قرعَ الباب . ويفسّرها قوله تعالى في سورة المدّثر {فإذا نُقر في الناقور}. فالناقور هو الصُور .

3 - (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) وهذ تعظيم لشأنها وتهويل لأمرها .

4 - ثمّ وصف سبحانه بعض ما يقع في ذلك اليوم من حوادث مفزعة فقال (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) الفَراش بفتح الفاء هي الحشرات التي تتطاير حول المصباح ليلاً ، والمبثوث معناه المنتشر ، ومن ذلك قول الخنساء :

وَمَبثوثَةٍ مِثلَ الجَرادِ وَزَعتَها ..... لَها زَجَلٌ يَملا القُلوبَ مِنَ الذُعرِ
والمعنى في ذلك اليوم تنتشر النفوس في الفضاء كالجراد المنتشر في جوّ السماء . ومثلها في سورة القمر قوله تعالى {يخرجون من الأجداث كأنّهم جرادٌ منتشر} في الجو .

5 - (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ) يعني كالصوف المنفوش ، والمعنى تكون كالرمال ثم تنسفها الرياح . وقد سبق تعليل ذلك .

6 - (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) يعني فمن طال حسابه . الموازين هي قوانين الحٌكم التي تُحاسب الناس بها ، والشاهد على ذلك قول حسّان بن ثابت الأنصاري :

ويثربُ تعلمُ أنّا بها ..... إذا التبسَ الأمرُ ميزانُها
وقال الآخر :
قومٌ إذا استُخصمِوا كانوا فراعنةً ..... يوماً وإنْ حُكّموا كانوا مَوازينا

7 - (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ) يعني يرضى بها .

8 - (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) أي لم يُحاسب في عالم البرزخ بل سُئل سؤال توبيخ وتقريع ،

9 - (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) يعني فمأواه الهاوية ، يهوي فيها ،

10 - (وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ)

11 - (نَارٌ حَامِيَةٌ) وهي البراكين .

تمّ بعون الله تفسير سورة القارعة ، والحمد لله ربّ العالمين .

سورة التكاثر