|
كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 - نزل أوّل السورة في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي اﻷعور السلمي، قدموا المدينة ونزلوا على عبد الله بن اُبيّ بعد غزوة الخندق بأمان من رسول الله ليكلّموهُ فقاموا وقام معهم عبد الله بن اُبيّ وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وطُعمة بن اُبيرق ، فدخلوا على رسول الله فقالوا: "يا محمّد دعنا وآلهتنا وندعك وربّك فلا تذكرها بسوء ولا نحن نذكرك بسوء" . 2 - (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) في نبذ الأصنام وتكسيرها (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) فيجازيكم على أعمالكم في الآخرة .
3 - (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) في نشر دينك ولاتلتفت إلى أقوال المشركين والله ينصرك عليهم (وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) لك على أعدائك . ثم وجّه الخطاب الى المشركين فقال تعالى :
4 - (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) لكي تصرفوا قلباً في محبة الأصنام والآخر في محبة الله ، بل جعل لكلّ انسان قلباً واحداً لكي توجهوا قلوبكم إليه وتملؤوها بمحبّته ، ومن ذلك قول الشاعر :
لَوْ كانَ لي قلبانِ لعشتُ بواحدٍ وخلّفتُ قلباً في هواك معذَّبُ
ولكنّ لي قلباً يميلُ إلى الهوَى فلا العيشُ يصفُو لي ولا الموتُ يَقرُبُ
ثمّ ذمّ عادات اُخرى كانوا يستعملونها فقال تعالى (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ) . كانت العرب تُطلّق نساءها في زمن الجاهليّة بهذا اللّفظ ، وهو أن يقول لها "أنتِ عليّ كظهر اُمّي" ، فلمّا جاء الإسلام نُهوا عن ذلك واُوجِبت الكُفّارة على من ظاهرَ من امرأتهِ ، ومعناهُ أنّ الزوجة ليست اُمّاً وأنّ أمّهاتهم اللاّئي ولدنَهم
(وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ ) جمع دعي ، وهو الّذي يُدعَى لغير أبيهِ إبناً (أَبْنَاءكُمْ) في الحقيقة ، كزيد بن حارثة الّذي تبنّاهُ الرسول قبل النبوّة ، لأنّهُ سُبيَ فاشتراهُ حكيم بن حزام فوهبهُ لعمتّهِ خديجة زوجة النبيّ وهي وهبتهُ للنبيّ ، فجاءَ بعد أيّام أبوهُ وعمّهُ فطلباهُ من رسول الله فقال خيّروهُ فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني دعوهُ عندي ، فقالا رضينا ، فلمّا سألوه اختارَ رسول الله وقال إنّي رأيتُ منهُ شيئاً لم يرهُ أحدٌ من أبويهِ ، فقال حارثة يا معشر قُريش إشهدوا أنّه ليس ابني ، فقال النبيّ (ع) إشهدوا أنّه إبني ، فكان يُدعَى زيد بن محمّد ، فلمّا تزوّج النبيّ زينب بنت جحش بعد أن طلّقها زيد بن حارثة قال المنافقون تزوّج امرأة ابنهِ وهو ينهى الناس عن ذلك ، فقال الله تعالى ما جعل الله من تدّعونهُ ولداً في الحقيقة (ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ) لا مُستندَ لهُ
(وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ ) يعني يقول الحقيقة فالزوجة لا تصير بالظهار اُمّاً ، والدعيّ لا يصيرُ بالتبنّي إبناً (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) أي الله يُرشد إلى الحقيقة ويهدي إليها .
5 - (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ) أي إنسبوهم لآبائهم الّذينَ ولدوهم (هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ) أي أعدل (فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ ) فتنسبوهم إليهم (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) يعني فنادوهُ يا أخي (وَمَوَالِيكُمْ) أي أنصاركم ومُحبّيكم (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ ) أي فيما فعلتموهُ من ذلك قبل النهي مُخطئين أو بعده على النسيان أو سبق لسان (وَلَكِن) الجُناح (مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) فيهِ (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا ) للمُخطئ (رَّحِيمًا) بكم إذْ علّمَكم تفاصيل دينكم .
6 - لَمّا أعدّ النبيّ (ع) لغزوة تبوك وأمر الناس بالخروج ، قال بعضهم نستأذن بذلك آباءنا واُمّهاتنا ، فنزلت هذه الآية (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) فهو أحقّ بالاستئذان من آبائهم (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ) في الميراث (فِي كِتَابِ اللَّهِ ) أي في كتُب الله السابقة واللّاحقة ، يعني في التوراة والقرآن (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ) يعني بشرط أن يكونوا من المؤمنين جميعاً فيرث الأرحام بعضهم بعضاً ، فالمسلم يرث المشرك ولكنّ المشرك لا يرث المسلم (إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ) يعني إلاّ إذا كان أحد أقربائك من المشركين يتودّد إليك ولم يُعادِكَ وهو فقير الحال وتريد أن تُعطيَهُ شيئاً من المال المنقول فلا بأس من ذلك ، أمّا الإرث فلا يرث (كَانَ ذَلِكَ ) الحُكم (فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) أي كما كتبناهُ في الكتُب السماويّة السالفة كتبناهُ عليكم أيضاً .
7 - (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ) أي أخذنا عليهم العهد والميثاق بأن لا يُشركوا بالله شيئاً وأن يُرشدوا قومهم إلى عبادة الله وحده وينبذوا الأصنام ويُحطّموها ويُعلّموهم اُمور دينهم (وَمِنكَ) يا محمّد أخذنا الميثاق على ذلك (وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) على نبذ الأصنام .
8 - (لِّيَسْأَلَ) الله (الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ) وهم الأنبياء ، فإن الله يسئلهم يوم القيامة عمّا أُرسلوا به فيقول لهم هل بلّغتم قومكم بما أُرسلتم به وهل بشّرتم وأنذرتم؟ فيقولون بلى ياربّنا بشّرنا وأنذّرنا ، فيقول ماذا أُجبتم؟ فيقولون سبحانك لا عِلم لنا بالحقائق فبعضهم آمن وبعضهم كفر . ومما يؤيد ذلك قوله تعالى في سورة المائدة {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} . وانما يسألهم الله تعالى عن ذلك لئلا تبقى حجةٌ للمشركين بأن يقولوا لم ترسل لنا من يرشدنا الى عبادتك وينذرنا عن عبادة غيرك . فتكون الأنبياء شهوداً على الكافرين والمشركين بأنهم أنذروهم عن عبادة الأصنام والأوثان ولكن لم يسمعوا لقولهم (وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا) في الآخرة . فالمؤمنون يُحاكَمون يوم القيامة ويُسألون. أما الكافرون والمشركون فلا يُحاكَمون بل يدخلون جهنّم بغير محاكمة .
![]() |
![]() |
![]() |
||
| كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
| كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |