كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 - (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) . الواقعة معناها الحادثة الخطيرة الشديدة الوقع على الإنسان . ومن ذلك قول عنترة : 2 - (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) أي ليس لما أخبرناكم عنها أخبار كاذبة .
3 - ثمّ أخذ سبحانه يصف الحوادث التي تقع في ذلك اليوم فقال (خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ) أي تخفض جرماً وترفع آخر ، والمعنى تقلبُ النظام فتمزق الشمس لتجعلها كواكب سيّارة ، وتمزّق الكواكب الحالية فتجعلها نيازك، إلى غير ذلك من تقلبات كونية . وقد شرحت عنها في كتابي الكون والقرآن شرحاً وافياً.
4 - ثمّ أخذ سبحانه يصف بعض الحوادث التي تقع قبل القيامة وهي من علائمها فقال (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) يعني إذا اهتزّت هزاً شديداً .
5 - (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا) يعني وتفتّت الجبال تفتيتاً .
6 - (فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا) أي فكانت تراباً وغباراً وانتشرت على الأرض .
7 - (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً) أي أصنافاً ثلاثة .
8 - ثمّ أخذ سبحانه يبيّن مصير كلّ من هؤلاء الثلاثة فقال (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) أي الذين يأخذون كتابهم بيمينهم وتبشّرهم الملائكة باليُمن والسعادة (مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) يعني ما يدريك كيف يكون جزاؤهم ؟
9 - (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) اي أصحاب الشمال الذين يُعطَون كتابهم بشمالهم فيتشائمون منه ومما يصيرون إليه من العذاب (مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) يعني ما يدريك كيف يكون عقابهم ؟
10 - (وَالسَّابِقُونَ) إلى تصديق الرسُل (السَّابِقُونَ) إلى الطاعات وفعل الخيرات .
11 - (أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) عند الله .
12 - (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) يتنعّمون .
13 - (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) أي كثيرٌ من الأوّلين الذين سبقوا قومهم إلى الإيمان برسولهم وساروا على نهجه.
14 - (وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) الذين سبقوا قومهم إلى الإيمان برسولهم محمد. لأنّ الذين سبقوا إلى الإيمان كانوا قليلين . أما أصحاب اليمين فهم كثيرون، وهذه الآية تخص السابقين إلى الإيمان بالرسول .
15 - (عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ) أي متراصفة بعضها إلى بعض . والشاهد على ذلك قول الأعشى يصف دروعاً :
وَمِـــنْ نَسْــج دَاوُدَ مَوْضُونَــةً ..... تُســاقُ مَــعَ الحَـيّ عِـيرًا فعِـيْرًا
فقول الشاعر "موضونة" يعني ضيّقة الزرد متراصفة بعضها إلى بعض . ومما يؤيد هذا قوله تعالى في سورة الطور {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} . والسُرُر جمع سرير.
16 - (مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا) أي على الأسرّة (مُتَقَابِلِينَ) وجهاً لوجه يتحدّثون .
17 - (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) للخدمة (وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ) في الجنة لا يخرجون منها ولا يموتون ولا يكبرون .
18 - (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ) لشرب الماء . أكواب جمع كوب يشربون فيه الماء ، وأباريق جمع إبريق يوضع فيه الماء ثم يُصَب منه في الكوب للشرب . ومن ذلك قول عنترة :
أحبّ اليّ من قرعِ الملاهي ..... على كأسٍ وإبريقٍ وزهرِ
(وَكَأْسٍ) من خمر (مِّن مَّعِينٍ) أي من نهر يجري . ومما يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة محمد {وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ} .
19 - (لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا) أي لا يفرقهم عنها احدٌ .
فالصدع هو كسر الزجاجة وتفريق أجزائها. ومن ذلك قوله تعالى في سورة الروم {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} . أي يتفرّقون . وقد سبق شرح كلمة الصدع في سورة الحجر آية 94 عند قوله تعالى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}.
(وَلَا يُنزِفُونَ) يعني ولا ينزف شرابهم . يُقال "نزف ماء البئر" يعني لم يبق فيه ماء . ومن ذلك قول حسّان يرثي النبي (ع) :
أَيَا عَيْنُ فَابْكِي سَيّدَ الناسِ وَاسْفَحِي ..... بِدَمْعٍ فَإِنْ أَنْزَفْتِهِ فَاسْكُبِي الدّمَا
20 - (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ) من أثمار الجنة .
21 - (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ) .
22 - (وَحُورٌ عِينٌ) يعني بنات بيض الوجوه واسعات العيون .
23 - (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) يعني أجسامهنّ شفّافة برّاقة كاللؤلؤ قبل خروجه من بطن الحيوان الصدفي ، لأنه يكون شفافاً قبل خروجه فإذا أخرجوه من الصدَفة ولامسَ الهواء يكون لونه أبيض فضيّاً . والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الصافات {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} . أي بَيضٌ مصون في قشره ، فإنّ بياض البيضة يكون شفافاً قبل نضجه فإذا نضج يكون لونه أبيض .
24 - (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) في الدنيا من أعمال صالحة .
25 - (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا) أي في الجنة (لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا) يعني لا صوت صياح ولا مُشاجرة ولا ما يأثمون عليه من كلام الغيبة والنميمة .
26 - (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) يعني إلا قول بعضهم لبعض سلامٌ عليكم ، سلام تحية مرةً وسلام وداع مرة أخرى .
27 - ثمّ وصف سبحانه بعض ما أعده لأصحاب اليمين فقال (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ) يعني ما يدريك كيف يكون جزاؤهم ؟ وهذا تعظيم لشأنهم وما يلاقونه عند الله من الجزاء والكرامة .
28 - (فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ) أي منفوض من الشجرة ، يعني الوِلدان ينفضونها لهم ويأتونهم بثمرتها . لأنّ بعض الأثمار تُقطف باليد وذلك من الشجرة القصيرة ، أما الأشجار العالية تنفض بالعصا بالضرب على اغصانها ، ومن تلك الأشجار شجرة النبق والجوز والتوت فتتساقط أثمارها ، فيقال "خُضِدَت الشجرة" أي جُمعت أثمارها بضرب العصا على أغصانها . والشاهد على ذلك قول طرفة بن العبد :
كأَن البُرِينَ والدَّماليجَ عُلِّـقَـت ..... على عُشَرٍ، أَو خِرْوَعٍ لم يُخَضَّد
البرين والدماليج أدوات الزينة ، يقول الشاعر كأنها عُلِّقت على إبل مضى عليها عشرة أشهر من حملها . والسدر هو شجرة النبق .
29 - (وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ) الطلح هو الموز ، وكلمة منضود ، يعني متراكم بعضه فوق بعض .
30 - (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ) أي متصل على الدوام ، لأن الجنة ثابتة في الفضاء لا تدور حول نفسها كالأرض لكي تنتقل عليها أشعة الشمس .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |