كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الواقعة من الآية( 1) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 - (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) . الواقعة معناها الحادثة الخطيرة الشديدة الوقع على الإنسان . ومن ذلك قول عنترة :

سَلِي يا عبلَ قومَكِ عنْ فِعالي ..... ومَنْ حضَرَ الوقيعَةَ والطّرادا
والمعنى إذا حدثت الحادثة الخطيرة فماذا يكون مصيركم أيها المكذِّبون بها، ويريد بالواقعة القيامة .

2 - (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) أي ليس لما أخبرناكم عنها أخبار كاذبة .

3 - ثمّ أخذ سبحانه يصف الحوادث التي تقع في ذلك اليوم فقال (خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ) أي تخفض جرماً وترفع آخر ، والمعنى تقلبُ النظام فتمزق الشمس لتجعلها كواكب سيّارة ، وتمزّق الكواكب الحالية فتجعلها نيازك، إلى غير ذلك من تقلبات كونية . وقد شرحت عنها في كتابي الكون والقرآن شرحاً وافياً.

4 - ثمّ أخذ سبحانه يصف بعض الحوادث التي تقع قبل القيامة وهي من علائمها فقال (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) يعني إذا اهتزّت هزاً شديداً .

5 - (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا) يعني وتفتّت الجبال تفتيتاً .

6 - (فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا) أي فكانت تراباً وغباراً وانتشرت على الأرض .

7 - (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً) أي أصنافاً ثلاثة .

8 - ثمّ أخذ سبحانه يبيّن مصير كلّ من هؤلاء الثلاثة فقال (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) أي الذين يأخذون كتابهم بيمينهم وتبشّرهم الملائكة باليُمن والسعادة (مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) يعني ما يدريك كيف يكون جزاؤهم ؟

9 - (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) اي أصحاب الشمال الذين يُعطَون كتابهم بشمالهم فيتشائمون منه ومما يصيرون إليه من العذاب (مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) يعني ما يدريك كيف يكون عقابهم ؟

10 - (وَالسَّابِقُونَ) إلى تصديق الرسُل (السَّابِقُونَ) إلى الطاعات وفعل الخيرات .

11 - (أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) عند الله .

12 - (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) يتنعّمون .

13 - (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) أي كثيرٌ من الأوّلين الذين سبقوا قومهم إلى الإيمان برسولهم وساروا على نهجه.

14 - (وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) الذين سبقوا قومهم إلى الإيمان برسولهم محمد. لأنّ الذين سبقوا إلى الإيمان كانوا قليلين . أما أصحاب اليمين فهم كثيرون، وهذه الآية تخص السابقين إلى الإيمان بالرسول .

15 - (عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ) أي متراصفة بعضها إلى بعض . والشاهد على ذلك قول الأعشى يصف دروعاً :

وَمِـــنْ نَسْــج دَاوُدَ مَوْضُونَــةً ..... تُســاقُ مَــعَ الحَـيّ عِـيرًا فعِـيْرًا
فقول الشاعر "موضونة" يعني ضيّقة الزرد متراصفة بعضها إلى بعض . ومما يؤيد هذا قوله تعالى في سورة الطور {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} . والسُرُر جمع سرير.

16 - (مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا) أي على الأسرّة (مُتَقَابِلِينَ) وجهاً لوجه يتحدّثون .

17 - (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) للخدمة (وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ) في الجنة لا يخرجون منها ولا يموتون ولا يكبرون .

18 - (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ) لشرب الماء . أكواب جمع كوب يشربون فيه الماء ، وأباريق جمع إبريق يوضع فيه الماء ثم يُصَب منه في الكوب للشرب . ومن ذلك قول عنترة :

أحبّ اليّ من قرعِ الملاهي ..... على كأسٍ وإبريقٍ وزهرِ
(وَكَأْسٍ) من خمر (مِّن مَّعِينٍ) أي من نهر يجري . ومما يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة محمد {وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ} .

19 - (لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا) أي لا يفرقهم عنها احدٌ .

فالصدع هو كسر الزجاجة وتفريق أجزائها. ومن ذلك قوله تعالى في سورة الروم {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} . أي يتفرّقون . وقد سبق شرح كلمة الصدع في سورة الحجر آية 94 عند قوله تعالى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}.
(وَلَا يُنزِفُونَ) يعني ولا ينزف شرابهم . يُقال "نزف ماء البئر" يعني لم يبق فيه ماء . ومن ذلك قول حسّان يرثي النبي (ع) :
أَيَا عَيْنُ فَابْكِي سَيّدَ الناسِ وَاسْفَحِي ..... بِدَمْعٍ فَإِنْ أَنْزَفْتِهِ فَاسْكُبِي الدّمَا

20 - (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ) من أثمار الجنة .

21 - (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ) .

22 - (وَحُورٌ عِينٌ) يعني بنات بيض الوجوه واسعات العيون .

23 - (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) يعني أجسامهنّ شفّافة برّاقة كاللؤلؤ قبل خروجه من بطن الحيوان الصدفي ، لأنه يكون شفافاً قبل خروجه فإذا أخرجوه من الصدَفة ولامسَ الهواء يكون لونه أبيض فضيّاً . والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الصافات {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} . أي بَيضٌ مصون في قشره ، فإنّ بياض البيضة يكون شفافاً قبل نضجه فإذا نضج يكون لونه أبيض .

24 - (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) في الدنيا من أعمال صالحة .

25 - (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا) أي في الجنة (لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا) يعني لا صوت صياح ولا مُشاجرة ولا ما يأثمون عليه من كلام الغيبة والنميمة .

26 - (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) يعني إلا قول بعضهم لبعض سلامٌ عليكم ، سلام تحية مرةً وسلام وداع مرة أخرى .

27 - ثمّ وصف سبحانه بعض ما أعده لأصحاب اليمين فقال (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ) يعني ما يدريك كيف يكون جزاؤهم ؟ وهذا تعظيم لشأنهم وما يلاقونه عند الله من الجزاء والكرامة .

28 - (فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ) أي منفوض من الشجرة ، يعني الوِلدان ينفضونها لهم ويأتونهم بثمرتها . لأنّ بعض الأثمار تُقطف باليد وذلك من الشجرة القصيرة ، أما الأشجار العالية تنفض بالعصا بالضرب على اغصانها ، ومن تلك الأشجار شجرة النبق والجوز والتوت فتتساقط أثمارها ، فيقال "خُضِدَت الشجرة" أي جُمعت أثمارها بضرب العصا على أغصانها . والشاهد على ذلك قول طرفة بن العبد :

كأَن البُرِينَ والدَّماليجَ عُلِّـقَـت ..... على عُشَرٍ، أَو خِرْوَعٍ لم يُخَضَّد
البرين والدماليج أدوات الزينة ، يقول الشاعر كأنها عُلِّقت على إبل مضى عليها عشرة أشهر من حملها . والسدر هو شجرة النبق .

29 - (وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ) الطلح هو الموز ، وكلمة منضود ، يعني متراكم بعضه فوق بعض .

30 - (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ) أي متصل على الدوام ، لأن الجنة ثابتة في الفضاء لا تدور حول نفسها كالأرض لكي تنتقل عليها أشعة الشمس .

------------------------------------
<<السورة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم