|
كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 - (قُلْ) يامحمد لأصحابك (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ) أي استمع القرآن جماعة من الجن (فَقَالُوا) أي قال المستمعون لمن لم يستمع منهم ولم يحضر (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) . 2 - (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ) فيما بعد (بِرَبِّنَا أَحَدًا) .
3 - (وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا) كلمة "جَد" تستعمل عند العرب لتعظيم وإجلال كل كبير ، ومن ذلك قول أمية بن أبي الصلت:
لَكَ الحَمدُ وَالنَعماءُ وَالمُلكُ رَبَّنا فَلا شَيءَ أَعلى مِنكَ جداً وَأَمجَدُ
(مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً) أي زوجة (وَلَا وَلَدًا) كما يزعم هؤلاء المشركون.
4 - (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ) قولاً (شَطَطًا) أي بعيداً عن الحق . فالشطَط هو البعد ، ومن ذلك قول عنترة:
ألا هلْ ترَى إنْ شطّ عنّي مَزارُها وأزعجَها عنْ أهلِها الآنَ مُزعِجُ
و"السفيه" ناقص العقل والمعرفة .
5 - (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) باتّخاذ البنات لله والشفعاء لهم عند الله حتى سمعنا القرآن ينفي ذلك فتبين لنا كذبهم .
6 - (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ) يعني يلجؤون إليهم ببعض أعمالهم ويسخرّونهم ببعض أشغالهم . ومن هؤلاء سليمان سخّر الجن وغير سليمان كثير (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) الرهق هو المشقة . ومن ذلك قول الأعشى:
لا شيءَ ينفعُني مِنْ دونِ رؤيتِها هلْ يَشتفِي وامِقٌ مالم يُصِبْ رَهَقا
والوامق هو المحب ، يقول الشاعر هل يشفي قلب المحب ويحصل على محبوبته بدون تكليف ومشقّات . والمعنى: أنّ الإنس زادوا الجنّ رَهَقاً ، أي زادوهم تكاليف ومشقّات بتسخيرهم إياهم .
7 - (وَأَنَّهُمْ) أي الإنس (ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ) أيها الجنّ (أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا) يرشد الناس إلى طريق الحق ، يعني ظنوا أن لن يبعث الله رسولاً بعد عيسى . وكذلك بعض فرق الإسلام ظنّوا لن يبعث الله مرشداً بعد محمد يرشد الضالين إلى طريق الحق ، وهو المهدي الذي أخبر النبي عنه .
8 - (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ) أي صعدنا في الفضاء حتى وصلنا السماء الأثيرية ، أي الروحانية فلمسناها بأيدينا (فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا) من الملائكة (شَدِيدًا) أي كثيراً وقويّاً (وَشُهُبًا) تحت السماء ، جمع شهاب ، وقد شرحت عن الشهب في كتابي الكون والقرآن شرحاً وافياً .
9 - (وَأَنَّا كُنَّا) قبل مبعث النبي (نَقْعُدُ) قريباً (مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ) أي كنّا نتّخذ مقاعد للسمع قريبة من السماء الروحانيّة التي تسكنها الملائكة لنستمع ما يقولون وما يتكلّمون (فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا) في طريقه يرصده (رَّصَدًا) يعني الشهاب يلحقه ولا يفلت منه المستمع .
10 - (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) فأرسل لهم رسولاً يرشدهم إلى طريق الصلاح. والمعنى: لا ندري هل يعصون رسولهم فيصيبهم الشر أم يطيعون رسولهم فينجون من الشر.
11 - (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ) أي غير ذلك (كُنَّا) في الماضي (طَرَائِقَ قِدَدًا) أي مذاهب مختلفة في الأديان ، ومن ذلك قول الشاعر:
ولقد قلتُ وزيدٌ حاسرٌ يومَ ولّتْ خيلُ زيدٍ قِدَدا
وكلمة "طرائق" جمع طريقة ، وهي المذهب والشريعة والعقيدة .
12 - (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ) أي لن نفوتَه إذا أراد بنا سوءاً (وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا) من الأرض إلى الفضاء .
13 - (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ) الذي في القرآن (آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن) منكم أيّها الكافرون (بِرَبِّهِ) كما آمنّا (فَلَا يَخَافُ بَخْسًا) أي نقصاً ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة { وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا } يعني لا ينقص منه شيئاً .
(وَلَا رَهَقًا) أي ولا تكليف ما لا يطاق عمله. فالرهق معناه التكليف والمشقّة ، تقول العرب "لا ترهقني لا أرهقك الله" يعني لا تكلفني ما لا أُطيقه ، وتقديره لا يحاف نقصاً ولا زيادة ، والمعنى: إنّ الدين الذي جاء به محمد ليس فيه زيادة وتكليف كما في دين موسى ولا نقص وتسهيل كما في دين عيسى بل هو متوسط بين هذا وذاك .
14 - (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) أي المستسلمون لأوامر ربّهم (وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ) أي العادلون ، ومن ذلك قول الشاعر:
قومٌ قتلوا ابنَ هندٍ عنوةً عمرواً وهم قَسَطُوا علَى النعمانِ
يعني عدلوا طريقهم على النعمان. والمعنى: الجاعلون لله عديلاً يعبدونه وندّاً يُقدّسونه . ويدلّ على ذلك قوله تعالى في أولّ سورة الأنعام { ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ } أي يجعلون له عديلاً وندّاً يحبّونه ويعبدونه ، فكلمة "قِسط" معناها العدل ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الرحمان { وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ } يعني بالعدل.
ثمّ أخذ سبحانه يُبيّن عن الماضين من الجن عن لسان المتكلّم منهم فقال: ( فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَـٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا) أي فتَّشوا عن الحقيقة فوجدوها وأصابوا الرشد ، يعني فوجدوا من أرشدهم إليها . فكلمة "تحرّي" معناها التفتيش عن الشيء والبحث عنه .
15 - (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ) من هؤلاء (فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) أي صاروا وقوداً لجهنّم مكان الحطب .
![]() |
![]() |
![]() |
||
| كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
| كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |