كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
101 - (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ ) أي يُقرأ عليكم القرآن (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ) يُرشدكم (وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ ) يعني ومن يتمسّك بدين الله (فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يعني هُديَ إلى طريق الحقّ الّذي يوصلهُ إلى الجنّة .
102 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) وقت الأمان ، يعني أدّوا حُقوقه كاملة ولا تعصوه أبداً لا بكبيرة ولا بصغيرة . أمّا قوله تعالى في سورة التغابن {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } يعني تجنّبوا معاصيهِ مهما استطعتم إن كنتم خائفين من عدوّ ، واتّقوهُ حقّ تقاتِهِ إن لم يكن لديكم خوف وكنتم في أمان . ومثال ذلك قوله تعالى في سورة النساء { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الّذينَ كَفَرُواْ } ، فأباح الإقصار من الصلاة وقت الخوف والإتمام وقت الأمان ، (وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون لأوامر ربّكم مُنقادون لطاعتهِ .
103 - (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا ) أي تمسّكوا بالقرآن وأحكامه الّذي هو همزة وصلٍ بينكم وبين الله واعملوا بما فيه من أحكام ، فالحبل رمز إلى الوصل بين اثنين ، ومن ذلك قول عنترة :
أَلا يا عَبلُ ضَيَّعتِ العُهودا وَأَمسَى حَبلُكِ الماضِي صُدُودَا
وقال ذو الرمّة :
هَلْ حَبْلُ خَرْقاء َبعدَ الهَجْرِ مَرْمُوم ُ أمْ هَلْ لَهَا آخِرَ الأيَّام تَكْليمُ
والاعتصام معناهُ التمسّك بالشيء ، ومن ذلك قول حسّان بن ثابت الأنصاري :
مُستَعصِمينَ بِحَبلٍ غَيرِ مُنجَذِمٍ مُستَحكِمٍ مِن حِبالِ اللَهِ مَمدُودِ
وقال النابغة الذبياني يصف السفينة :
يَظلّ مِنْ خَوفِهِ الملاّحُ مُعتصِماً بالخيزرانةِ بعدَ الأيْنِ والنّجَدِ
يعني يبقى مُتمسّكاً ملاّح السفينة بالخيزرانة عند شِدّة الأمواج لئلاّ تغرق .
(وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) أي ولا تتفرّقوا إلى مذاهب وأحزاب كما تفرّق من كان قبلكم فتخسروا وتضعفوا ويستولي عليكم عدوّكم (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) واشكروا (إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً ) قبل الإسلام (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ) بالإسلام (فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) في الدِين (وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ ) بسبب كفركم وعبادتكم للأصنام (فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ) بالإسلام ، والمعنى : كنتم على طرف حُفرة من النار التي في باطن الأرض لم يكن بينكم وبينها إلاّ الموت فأنقذكم الله منها بأن أرسل لكم رسولاً وهداكم للإيمان ودعاكم إليهِ فنجوتم بأجابتهِ من النار (كَذَلِكَ) أي كما جعلكم إخواناً بالإسلام كذلك أنقذكم من النار (يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ ) شرح (آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) إلى الحقيقة .
104 - (وَلْتَكُن مِّنكُمْ ) أيّها المسلمون (أُمَّةٌ) أي جماعة مبشِّرون بدين الإسلام (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ) أي يدعون الناس إلى القرآن والعمل بأحكامه ، فالخير هو الوحي المنزّل على محمّد ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة {مَّا يَوَدُّ الّذينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ } يعني من وحيٍ من ربّكم ، وقوله (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) أي بالطاعات وفعل الخيرات (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) أي عن المعاصي (وَأُوْلَـئِكَ) المبشّرون بدين الإسلام والداعون إلى الخير (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الفائزون بنعيم الجنّة .
105 - (وَلاَ تَكُونُواْ كَالّذينَ تَفَرَّقُواْ ) في الدين ، وهم اليهود والنصارى فأصبحوا فِرقاً عديدة (وَاخْتَلَفُواْ ) في المذاهب (مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) على ألسن الرُسُل وفي التوراة (وَأُوْلَـئِكَ) المختلفون عن الحقّ وعن الحقيقة (لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) في الآخرة .
106 - (يَوْمَ ) القيامة (تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ) بالبشارة بدخول الجنّة وما يصيبها من سرور (وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) لِما يصيبها من حُزنٍ وكآبة . فبياض الوجوه كناية عن سرورها ، وسواد الوجوه كناية عن حزنِها وكآبتِها (فَأَمَّا الّذينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ ) يقال لَهم (أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) وهم الّذينَ ارتدّوا عن دين الإسلام بعد وفاة النبيّ ، والّذينَ اختلفوا عن دين التوحيد فأشركوا وغيّروا دينهم من بعد ما جاءَهم البيّنات ، ويدخل ضمن الآية كلّ منافق ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } ، (فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) .
107 - (وَأَمَّا الّذينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ ) وهم المؤمنون بالله وبرُسُله وعملوا الصالحات ولم يُشركوا بربّهم أحداً (فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ ) وهي الجنّة (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي دائمون فيها لا يخرجون منها .
108 - (تِلْكَ ) الآيات الّتي ذكرناها لك (آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ ) يا محمّد ، أي نقرأها عليك (بِالْحَقِّ ) أي بتبيان الحقّ لا اختلاف فيها (وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ) بأن يتركهم يتخبّطون في الكفر والجهالة ثمّ يُعذّبهم بدون أن يُرسل لهم رسولاً يُعلّمهم ويُرشدهم إلى طريق الحقّ . والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الإسراء {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }
109 - (وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) الغازيّة من طيور تطير ورزقٍ كثير (وَمَا فِي الأَرْضِ ) من مالٍ وفير فيهب منهما لمن يؤمن بالله ويدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر (وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الاُمور ) بعد فراقها من الأجسام ، يعني إلى الله ترجع نفوسكم بعد الموت فيجازيكم على أعمالكم . فالأمر كناية المخلوقات الروحانية : كلّ قسم منها يُسمّى أمر وجمعها أمور .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |