كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
102 - (قَالَ) موسى (لَقَدْ عَلِمْتَ) يا فرعون (مَا أَنزَلَ هَـٰؤُلَاءِ) الأصنام التي تحسبونها آلهة (إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) يعني لم تنزل الأصنام بصائر للناس ولا أدلّة على أنّها آلهة إلّا ربّ السماوات والأرض فإنّه أنزل بصائر للناس وكتباً سماوية وبراهين وأرسل رسلاً وأنبياء وهداة فأيّهما أحقُ أن يُتّبع ؟ فالبصائر جمع بصيرة ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأنعام {قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} .
(وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) أي هالكاً بسبب كفرك وظلمك وعنادك . ومن ذلك قوله تعالى في سورة الفرقان {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} . والمعنى يدعون على أنفسهم بالموت ليتخلّصوا من العذاب .
103 - (فَأَرَادَ) فرعون (أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ ) أي أرادَ أن يُزعجهم ويخوّفهم لئلاّ يخرجوا من أرض مصر ليخدموا قومه ، ومن بعض تخويفهِ لموسى قوله في سورة الشعراء {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } ، (فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ ) من الجند (جَمِيعًا) في البحر الأحمر.
104 - (وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ ) أي أرض كنعان وفلسطين (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ ) يعني وعد المرّة الأخيرة من فسادكم (جِئْنَا بِكُمْ ) إلى فلسطين (لَفِيفًا) من كلّ قطرٍ من أقطار الأرض ليكون هلاككم فيها على يد المهدي . و"اللّفيف" معناهُ الجمع الكثير على اختلاف أماكنهم وأنسابهم ولُغاتهم ، وقد جاؤوا في هذا العصر إلى فلسطين من كلّ قطرٍ من أقطار الأرض تاركين بلادهم مُجتمعين في فلسطين بلفيفهم وتعدّد لُغاتهم ، واتّضحَ معنى قوله تعالى (جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) فقد حان وقت إهلاكهم وتخليص البشر من شرّهم بعون اللهِ تعالى .
105 - (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ ) هذه الجُملة معطوفة على قوله تعالى ( مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ ) ، والمعنى : بدين الحقّ أنزلنا الكتاب الّذي جاءَ بهِ موسى ، وهي الألواح (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ) موسى من الجبل وذهبَ إلى قومهِ ، يعني أوصاهم باتّباع الحقّ ، ولكنّهم غيّروا وبدّلوا من بعدهِ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ ) يا محمّد (إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) كما أرسلنا موسى .
106 - (وَقُرْآناً) يعني وأنزلنا عليك قُرآناً كما أنزلنا على موسى التوراة (فَرَقْنَاهُ) أي جزّأناهُ سوراً وآيات مُحكَم ومُتشابِه مكّي ومدني (لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) أي على قومٍ ماكثين معك في قريتك ، يعني مُقيمين معك وهم أهل مكّة ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الكهف {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } ، وقال تعالى في سورة طاء هاء حاكياً عن موسى {فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا } . (وَنَزَّلْنَاهُ) مع جبرائيل (تَنزِيلاً) شيئاً فشيئاً على حسب الحاجة ووقوع الحوادث .
107 - (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ ) فإنّ إيمانكم ينفعكم وينجيكم من عذاب الآخرة ، وترككم الإيمان يضرّكم ويوقعكم في العذاب . وهذا جواب لقولهم {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا } ، (إِنَّ الّذينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ ) يعني علماء أهل الكتاب الّذينَ أسلموا (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) القرآن (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا ) أي يسجدون لله شكراً لهُ وتعظيماً على هدايتهِ لهم ، و"الذقن" معناهُ اللّحية ، وجمعه أذقان .
108 - (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا ) أي تنزيهاً لهُ عن اتّخاذ الشريك والولد والبنات (إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا ) في الحساب والعقاب (لَمَفْعُولاً) يعني إنّ وعدهُ كائن لا خُلفَ فيهِ .
109 - (وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ ) خوفاً من التقصير في طاعتهِ وشوقاً إلى النعيم في جِنانهِ (وَيَزِيدُهُمْ) ما في القرآن من المواعظ (خُشُوعًا) أي تواضعاً لله تعالى واستسلاماً لأمرِه .
110 - كان النبيّ (ع) ذات ليلةٍ بمكّة يدعو يا رحمان يا رحيم ، فقال المشركون : "هذا يزعم أنّ لهُ إلاهاً واحداً وهو الآن يدعو مَثنى مَثنى" . فنزلت هذهِ الآية (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ) يعني الخالق واحد والأسماء كثيرة وكلّها صِفات حُسنى (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ) يا محمّد (وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ) يعني لا ترفع صوتك عالياً ولا تخفض صوتك بحيث من يكون بقربك لا يسمع قراءتك (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ) يعني خذ طريقة الوسط فلا ترفع صوتك كثيراً ولا تخفضهُ كثيراً .
111 - (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ) فيُضاددهُ (وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) فيُنافسهُ (وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ ) فيتعزّز بهِ ، يعني لم يذلّ فيحتاج إلى من يتعزّز بهِ ، والمعنى : إنّهُ القادر بنفسهِ وكلّ ما عُبِدَ من دونهِ فهو ذليل (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) أي عظّمهُ تعظيماً .
تمّ بعون الله تفسير سورة الإسراء ، والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |