كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة هود من الآية( 104) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

104 - (وَمَا نُؤَخِّرُهُ ) أي يوم القيامة (إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ ) أي محسوب .

105 - (يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ ) بالشفاعة ، وأصلها لا تتكلّم نفسٌ ، فحُذِفَتْ إحدى التائين لتسهيل الكلام (إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) يعني إلّا بإذن من الله لذلك الشفيع أن يشفعَ لمن ارتضاهُ الله فحينئذٍ يَشفع له ، وإذا لم يأذن الله لذلك الشفيع بشفاعةِ أحدٍ من أهل المحشر فلا يحقّ له أن يشفع ولو كان المشفوع لهُ إبن الشفيع أو أباه أو بعض أقاربه ، فإنّ نوحاً لا يحقّ له أن يشفع لابنهِ كنعان ولا إبراهيم لأبيهِ آزرَ (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ ) بسيئاته (وَ) منهم (سَعِيد) بحسناته فيدخل الجنة .

106 - (فَأَمَّا الّذينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) من النار ، أي لهم فيها غازات خانقة .

107 - (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) أي ما دامَ في الكون كواكب سيّارة تدور حول الشمس ، والمعنى : ما دامت في الكون كواكب سيّارة تدور حول شمس ، والمعنى : ما دامت في الكون مجموعة شمسيّة ، ثمّ استثنى سُبحانهُ المذنبين من الموحّدين فقال (إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ) أن يعفوَ عنهم فيخرجهم من النار (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) .

108 - (وَأَمَّا الّذينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) ، ثمّ استثنى سُبحانهُ من يتكبّر في الجنّة أو لم يمتثل أمر الله إذا أمرهُ بشيء فيطردهُ من الجنّة كما طردَ إبليس لَمّا عصى أمر الله وتكبّر على آدم ، وذلك قوله تعالى (إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ) أن يخرجه منها . وذلك الخلود (عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) أي غير مقطوع ولا منقوص ، ومن ذلك قول النابغة الذبياني :

                                 يجذُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضاعِفَ نَسْجُهُ      ويُوقِدُ بِالصُّفَّاحِ نارَ الْحُباحِبِ

109 - قال بعض المشركين من العرب للنبيّ (ع) نحن نعبد الملائكة وهذه الأصنام رمزٌ للملائكة فأنت بسبّكَ لها تسبُّ الملائكة وهل يجوز لك أن تسبّ الملائكة ؟ فنزلت هذه الآية (فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ ) أي في شكّ (مِّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء ) المشركون (مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ ) يعني إنّهم مقلّدون لآبائهم في العبادة وليس ما قالوهُ لك إلاّ تبرير وتمويه (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) في الدنيا (غَيْرَ مَنقُوصٍ ) وما لهم في الآخرة من نصيب .

110 - (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) أي التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ ) أي اختلف قومهُ من بعده وغيّروا وبدّلوا وعبدوا الأصنام والأوثان (وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ) بتأجيل العذاب إلى الآخرة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) بالعذاب ، يعني لأهلكنا الّذينَ اختلفوا في الدين وأبقينا المستقيمين عليه (وَإِنَّهُمْ) أي اليهود والمشركين (لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ) أي من القرآن (مُرِيبٍ) أي مُخيف .

111 - (وَإِنَّ كُـلاًّ) من اليهود والمشركين (لَّمَّا) ينتقلون إلى العالم الأثيري (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ) يعني يعاقبهم ربّك على أعمالهم عقاباً وافياً ، واللّام من قوله (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) لام القسَم (إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) فلا تَخفَى عليه خافية من أعمالهم وأسرارهم .

112 - (فَاسْتَقِمْ) يا محمّد على التبليغ والإنذار (كَمَا أُمِرْتَ ) في القرآن (وَمَن تَابَ ) من قومك من الشرك وأسلم فليستقِمْ (مَعَكَ) على نهجك (وَلاَ تَطْغَوْاْ ) أي لا تتجاوزوا حدود الله فيما أمركم به ونهاكم عنه (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيجازيكم على أعمالكم .

113 - ثمّ نَهى اللهُ سُبحانهُ عن المداهَنة في الدِين والميل إلى الظالمين فقال (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الّذينَ ظَلَمُواْ ) أي لا تميلوا إلى الظالمين بالعطف عليهم ولا تُصدّقوهم فيما يقولون ولا تُناصروهم على ظُلمهم ، وتشمل كلمة "الّذينَ ظلَموا" المشركين من العرب لأنّهم ظلَموا النبيّ فغدروا حقّهُ وحاربوهُ (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) في الآخرة عِقاباً لكم على مُناصَرَتهم (وَمَا لَكُم ) حينئذٍ (مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ) يدفعون عنكم عذاب الله (ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) على أعدائكم إن ركنتم إليهم بشيء من اُمور الدين

114 - (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ ) لأصحابك يا محمّد ، أي صلِّ بِهم جماعة (طَرَفَيِ النَّهَارِ ) أي وقتين من أطراف النهار ، قبل طلوع الشمس وهي صلاة الصُبح ، وقبل الغروب وهي صلاة العصر (وَزُلَفًا مِّنَ اللّيل ) أي قريباً من اللّيل وهي صلاة المغرب (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ) يعني إذا صلّى الإنسان دفع الله عنهُ بليّة وإذا تصدّق على فقير دفع الله عنه مكروهاً وإذا أطعم جائعاً أنجاه الله من شرّ متوقّع ، (ذَلِكَ) القيام بالصلاة (ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) أي ذِكرى لمن يذكر الله ويعبدهُ . أمّا صلاة الظهر والعشاء فقد ذُكِرَتا في سورة الإسراء وهي قوله تعالى {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللّيل } ، فدلوك الشمس زوالها وهي صلاة الظهر ، أمّا غسق اللّيل فهو ظلامهُ وهي صلاة العشاء . ويُباح لمن كان مشغولاً في وظيفة أو في معمل ولا يمكنهُ أن يُصلّي صلاة الظهر بوقتها أن يُصلّيها مع صلاة العصر ، أي قبلها بدقائق .

115 - (وَاصْبِرْ) يا محمّد على الصلاة مع المؤمنين من قومك وأحسِن إليهم (فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) .

116 - (فَلَوْلاَ كَانَ ) يعني فلو كان ، وكلمة "لا" للنفي أي ما كان (مِنَ الْقُرُونِ ) الّتي أهلكناها (مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ ) من الوِجدان والصَلاح (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ ) لَمَا أهلكناهم ، والمعنى : لو كان في القرون الماضية أولو بقيّةٍ من وجدان ينهَون عن الفساد لَما أهلكناهم بالعذاب (إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ) كانوا ينهَون عن الفساد ، يعني إلاّ المؤمنين الّذينَ أنجيناهم كانوا ينهَونَ عن الفساد وهم قليلون (وَاتَّبَعَ الّذينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ) يعني اتّبعوا الشهوات ولذلك كانوا لا ينهَون عن الفساد لأنّهم أهل الفساد (وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ) علاوةً على فسادهم .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم