كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الرحمن من الآية( 11) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

11 - وجعل (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) مفردها كمّامة ، وهو الغلاف الذي يكون على الطلع حين خروجه من النخلة .

12 - (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) تقديره وذو الريحان ، ذكر الله تعالى في هذه الآية نوعين من الحبوب لأن أهل الحجاز كانوا يستعملونها بكثرة ، الأولى هي الحبوب التي تستعمل للأكل كالحنطة والشعير والرز ، أما النوع الثاني هي الحبوب التي تستعمل للعطر والرائحة كالفلفل والقرنفل والكزبرة والهيل وغير ذلك فقال تعالى {ذُو الْعَصْفِ} يعني الحبّ ذو التبن ، وهو البُر أي الحنطة . فالعصف هو التبن ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الفيل {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} أي كتبن أكلته الدواب وراثته.

وقوله تعالى (وَالرَّيْحَانُ) أي وذو الريحان ، وقد جمع فيها كل حبّ يُستعمل للعطر والرائحة .

13 - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يعني بأي نعمة من نعم الله تُكذّبان أيها الجن والأنس، فالآلاء معناها النِعم .

14 - (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ) الصلصال هو الطين المتكوّن من صلصلة الماء ، أي من ماء قليل . وقد سبق الكلام عنها في سورة الحجر.

(كَالْفَخَّارِ) يعني كالطين الذي يصنع منه الفخّار ، والإنسان يريد به آدم .

15 - (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ) يعني من غازات خرجت من النار . وقد سبق تفسير مثل هذه الآية في سورة الحِجر عند قوله تعالى {وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ}.

16 - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ؟

17 - (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) قال المفسرون أنّ الآية تشير إلى تغيير شروق الشمس صيفاً وشتاءً ، وكذلك غروبها يختلف وقت الصيف عن وقت الشتاء .

وأقول ليس المراد بذلك شروق الشمس وغروبها ، بل المراد بذلك البشر الذين يسكنون جهة المشرق والذين يسكنون جهة المغرب ، وهما نوعان يسكنان جهة المشرق الجنس الأبيض وهم أولاد آدم والجنس الأصفر وهم سكان الصين . وكذلك الذين يسكنون جهة المغرب وهما الجنس الأسود وهم الحبشة والسودان والهنود الحمر وهم سكان أمريكا الأصليّون . فهذه أربعة أجناس إذ المقصود من ذلك البشر الذين يسكنون تلك المناطق . كما سبق مثل هذا التوجيه في قصة إسكندر في سورة الكهف قوله تعالى { حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا }. وقد شرحت في كتابي الكون والقرآن عن  أجناس البشر الأربعة الذين يسكنون ارضنا .

18 - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ؟

19 - (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) يعني أمواج البحرين يلتقيان في المستقبل .

20 - (بَيْنَهُمَا) أي بين البحرين ، وهما البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط (بَرْزَخٌ) أي حاجز ، وهي الأرض التي شُقّت فيها قناة السويس (لَّا يَبْغِيَانِ) يعني لا يتعدّى أحدهما على الآخر بسبب هذا الحاجز . وقد صدق الله تعالى بما أخبر ، فقد حفروا تلك البقعة من الأرض سنة 1862 ميلادية في زمن نابليون الثالث وأوصلوا البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط فصارت قناة السويس . وقد ذكرتُ معنى "المرج" في سورة الفرقان عند قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} آية 53 .

21 - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ؟

22 - (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) يعني من البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط .

23 - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ؟

24 - (وَلَهُ الْجَوَارِ) أي السفن (الْمُنشَآتُ) أي المصنوعات والموضوعات (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) أي كالجبال التي عليها الأعلام في أحجامهنّ . مفرد الأعلام علم وعلامة ، وجمعها أعلام وعلامات ، وهو بناء مرتفع في الصحراء كالمئذنة يوضع في الجبل ليهتدي إليه الضالّ عن الطريق في البحر أو في الصحراء . قال الله تعالى في سورة النحل {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} . وقالت الخنساء:

                           وإنّ صخراً لتأتمّ الهداةُ بِهِ      كأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ

والمعنى: أنّ السفن يهتدي إليها الضالّ في البحر والغريق كما يهتدي الضالّ في الصحراء بالأعلام ، وكذلك الضال في الصحراء إذا رأى شراع السفينة من بعيد يهتدي إلى طريق البحر وإلى وجود الماء .

25 - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ؟

26 - (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ). كلمة " فَانٍ" معناها الزوال والانتهاء والتلاشي . والمعنى كل حيّ على الأرض يزول منها ويبتعد عنها ، وكل جسم من الأجسام الحيّة يتمزق ويتلاشى بالموت ولا يبقى أحد من النفوس على الأرض بل تنتقل إلى الفضاء ويكون مصيرها يوم القيامة إلى النار أو إلى الجنة . لأنّ الأرض تتمزق فتكون نيازك .

27 - (وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) . الوجه معناه الجهة، أي المكان الذي تتجه إليه . والشاهد على ذلك قول أمية بن أبي الصلت:

                      إذا اكتسبَ المالَ الفتَى من وُجوهِهِ      وأحسنَ تدبيراً لهُ حينَ يَجمعُ

وقال الأعشى:
                              سَيَذْهَبُ أقْوَامٌ كِرَامٌ لوَجْهِهِمْ      وتُتركُ قتلى ورَّمُ الكمراتِ

والمعنى: يتلاشى كل جسم مادي على الأرض ويبقى كل مخلوق روحاني في جهة السماء . فالملائكة أحياء لا يموتون ، والرسل والأنبياء في الجنة أحياء لا يموتون وكل النفوس لا تموت ولكن بعضها منعّمة في الجنة وبعضها معذّبة . والشاهد على ذلك قوله تعالى في المؤمنين المتقين {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} ، وقال في الكافرين { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا }.

28 - ( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ؟

29 - (يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي من في الكواكب السيّارة ومن في الأرض ، وسؤالهم (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) من شؤونهم . فضمير "هو" يعود لسؤالهم وليس كما ذهب إليه المفسرون من أنه يعود إلى الله . ومثلها في سورة عبس قوله تعالى {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.

------------------------------------
الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم