كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
112 - (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) بالله وبرُسُلهِ وبالآخرةِ (فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ) أي لا يخاف ظلماً من الشياطين في عالم البرزخ لأنّ الملائكة تحرسه ، ولا هضماً يوم القيامة بأخذ حسناتهِ وإعطائها لغيره إن كان غير ظالم لحقوق الناس .
113 - (وَكَذَلِكَ) أي كما أخبرناك بالقيامة وعلائمها كذلك (أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) ليفهموهُ (وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ ) أي وكرّرنا فيه من الوعيد بأساليب مُختلفة (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) الشِرك والمعاصي (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ) يعني أو يُجدّد القرآن لهم عِظةً واعتباراً بالاُمَم السالفة فيتركوا الأنداد ولا يعبدوها .
114 - (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ) أي ارتفعت صِفاته عن صفات المخلوقين الّذينَ جعلوهم شُركاء لله (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) أي لا تعجل بتلاوتهِ قبل أن يفرغ جبرائيل من إبلاغهِ . لأنّ النبيّ كان يقرأ معه مخافةَ أن ينساهُ (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) بما أنزلتهُ على أنبيائك في الكتب السماويّة وأخبارهم . وبعد التهديد والوعيد ذكّرَهم بقصّةِ آدم وخروجه من الجنّة فقال تعالى :
115 - (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ ) بأن لا يُخرجهُ الشيطان من الجنّة بإغرائهِ إلى الاقتراب من الشجرة والأكل من ثمرتها (فَنَسِيَ) آدم قول الله إنّ هذا عدوّ لك ولزوجك (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) على الثبات فيما أمرناهُ ولا حزماً . وهذا تهديد أيضاً لأهل مكّة ، ومعناه إن لم يتوبوا ويتركوا عبادة الأصنام فسنُشتّت شملهم ونُخرجهم من مكّة كما أخرجنا آدم من الجنّة لَمّا عصَى أمر ربّه
116 - ثمّ أخذَ سُبحانهُ في تفصيل ما أجملهُ من قصّة آدم وحذّرهم من إبليس فقال تعالى (وَإِذْ) أي واذكر لهم قصّة آدم وإبليس إذْ (قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى ) أن يسجد .
117 - (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا ) إبليس (عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ ) حوّاء (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ) بوسوستهِ وإغوائهِ (فَتَشْقَى) في حياتك الدنيويّة ، أي تتعب .
118 - (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا ) أي في الجنّة لكثرة أثمارها (وَلَا تَعْرَى ) عن اللّباس لِما فيها من أنعام تسرح وتمرح فتصنع من أصوافها وجلودها ثياباً .
119 - (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا ) عن الماء لِما فيها من عيون وشلالات (وَلَا تَضْحَى ) أي ولا يُصيبك حرّ الشمس لكثرة أشجارها واعتدال مناخها .
120 - (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ) في وَسوَسَتهِ (يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) إن أكلتَ منها تبقَى مُخلّداً في هذه البستان لا يُخرجك منها أحدٌ (وَ) هذا (مُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) أي لا يَفنَى ولا يزول ، ومن ذلك قول حسّان :
وَأَيُّ جَدِيدٍ لَيْسَ يُدْرِكُهُ البِلَى وَأَيُّ نَعِيمٍ لَيْسَ يَوْماً بِزائِلِ
121 - (فَأَكَلَا مِنْهَا ) أي من شجرة توت العلّيق ، يعني آدم وحوّاء (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ) بعد أن تمزّقت ثيابهما بأشواك الشجرة ، يعني بدت عورة حوّاء لآدم وعورة حوّاء لآدم ، لأنّ آدم لم يدخل بها قبل ذلك الوقت (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ ) ثيابهما ، أي يُرقّعان ثيابهما وهيَ (عَلَيْهِمَا) دون أن ينزعاها (مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ) أي من ورق التين (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ ) باقترابهِ من الشجرة وأكله من ثمرتها (فَغَوَى) زوجتهُ حوّاء بمدحهِ ثمرتها فأكلت هي أيضاً من توت الشجرة . ومضمون القِصّة إنّ الله تعالى يُحذّر الناس من اتّباع إبليس لئلاّ يمنعهم من دخول الجنّة في الآخرة كما أخرج أبويهم من الجنّة في الدنيا .
122 - (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ) أي اختارهُ للنبوّة (فَتَابَ عَلَيْهِ ) أي قبِلَ توبتهُ (وَهَدَى) أي هداهُ إلى الكلمات الّتي دعا بها فتاب عليهِ .
123 - (قَالَ) الله تعالى لآدم وحوّاء بعد ذلك (اهْبِطَا مِنْهَا ) أي من البستان وكانت فوق جبل (جَمِيعًا) يعني آدم وحوّاء والأنعام والطيور الّتي كانت فوق ذلك الجبل ، لأنّ المياه الّتي كانت تسقي الأشجار وجدت طريقاً لها في باطن الجبل فصارت تنبع من أسفلهِ ، وسقطت بذور من تلك الأشجار في الوادي فنبتت ، فأصبحت أشجار وأنهار وخضار في ذلك الوادي بسبب المياه المنحدرة أوّلاً من الجبل والمنبعثة من الينابيع الّتي انفجرت من أسفلهِ أخيراً ، أمّا الأشجار الّتي فوق الجبل فقد يبست ولم يبقَ فيها أثمار للأكل ولا ماء فوق الجبل للشرب ، فشكى آدم إلى ربّهِ جوعه وعطشه ، فقال الله تعالى إهبطا منها إلى الأرض المنبسطة يعني إلى الوادي تجدون ما تأكلون وتشربون ، فنزلوا كلّهم إلى أسفل الجبل . وقوله (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) أي سيكون بعضكم لبعض عدوّاً ، فصار أولاد آدم بعضهم يُعادي بعضاً ، وصار إبليس عدوّاً لهم يُريد إهلاكهم وتعذيبهم (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى ) بواسطة الأنبياء والرُسُل (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ ) الّذي جاءت بهِ الرُسُل (فَلَا يَضِلُّ ) في الدنيا (وَلَا يَشْقَى ) في الآخرة .
124 - (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي ) أي عن موعظتي الّتي جاءت بها الرُسُل ولم يؤمن بها (فَإِنَّ لَهُ ) في عالم البرزخ (مَعِيشَةً ضَنكًا ) أي عيشاً ضيّقاً مُكدّراً مُنغصّاً بالعذاب والآلام ، ومن ذلك قول الخنساء :
أبني سُلَيْمٍ إنْ لَقِيتُمْ فَقْعَساً في مَحْبَسٍ ضَنْكٍ إلى وَعْرِ
وقال عنترة :
إنَّ المنِيَّةَ لو تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ مِثْلِي إذا نَزَلُوا بِضَنكِ المنزلِ
(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) عن طريق الخروج من جهنّم .
125 - (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ ) في الدنيا (بَصِيرًا) أرى جميع الأشياء ؟
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |