كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
119 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ ) في التخلّف عن النبيّ (وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) الّذينَ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فقاتِلوا المشركين في سبيله واخرجوا مع النبيّ في غزواتهِ .
120 - (مَا كَانَ ) أي لا ينبغي (لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ ) عند خروجه إلى تبوك (وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ ) عن الحرِّ ومشقّة السفر (عَن نَّفْسِهِ ) بل يجب أن يواسوهُ ويُساعدوهُ ولا يتخلّفوا عنهُ (ذَلِكَ) النهي عن التخلّف (بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ) أي عطش (وَلاَ نَصَبٌ ) أي تعب (وَلاَ مَخْمَصَةٌ ) أي مجاعة (فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ ) يعني ولا يطؤون أرضاً أو بلداً يغيظ الكفّار وطؤهم لهُ (وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً ) يعني ولا يُصيبون من المشركين أمراً من قتلٍ أو جروحٍ أو مالٍ (إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) .
121 - (وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً ) في سبيل الله (صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ ) بالمسير (وَادِيًا) من الأوديةِ (إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ ) عملٌ صالح (لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ ) في الآخرة (أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .
122 - لَمّا كثر عدد المسلمين صار النبيّ يبعث سرايا للجهاد فكان كلّ واحد من المسلمين يقول أنا أذهب مع السرايا للجهاد ، فنزل قوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ ) للجهاد (كَآفَّةً) أي جميعاً (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ ) يعني من كلّ قبيلة جماعة يذهبون للقتال (لِّيَتَفَقَّهُواْ) الباقون (فِي الدِّينِ ) يعني ليتعلّم الباقون أحكام الدِين والقرآن ويتبصّروا بهِ (وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ ) من الجهاد ، يعني ليُنذروهم عن المحرّمات ويُبصّروهم بالواجبات (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) المحرّمات ويتجنّبونها .
123 - (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الّذينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ ) أي الّذينَ يميلون عليكم في ميدان القتال ويُقاتلونكم بشدّة ، فقاتلوهم أنتم بشدّة وقسوة ولا تولّوهم الأدبار . ومِثلها في المعنى في سورة الأنفال قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الّذينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ } يُقال "ألوى يلوي ليّاً " أي مالَ يميلُ مَيلاً ، ومن ذلك قولهم "ألوى عنان جوادهِ" ، أي مالَ الفارسُ بجوادهِ إلى جهةٍ ، ومن ذلك قول الأعشى :
فإنْ تَعْهَدِينِي ولِي لِمَّةٌ فإنَّ الحوادِثَ ألْوَى بِهَا
يعني حوادث الدهر أمالتها وأزالتها من الوجود . و"اللِمّة" خُصلةٌ من الشعر تكن خلف الاُذُنين . وقال الله تعالى في سورة النساء في الآية 135{وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يعني وإنْ تميلوا بشهادتكم عن الحقّ فإنَّ الله خبيرٌ بما تتكلَّمون من تغيير الشهادة . وقال تعالى في سورة النساء أيضاً {مِّنَ الّذينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } أي مَيلاً بألسنتهم من الكلام الحسَن إلى الكلام المكروه . قال حسّان يُخاطب المشركين :
كُنَّا مِنَ الرَّسْلِ الّذينَ يَلُونَكُمْ إذْ تَقْذِفُون عِنَانَ كُلِّ جَوادِ
أي من الّذينَ يميلون عليكم بالضرب بشدّة وقت القتال فانهزمتم أمامنا ، وقوله (وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً ) أي قسوة في القتال والضرب ، فالغِلظة عكس اللِّين ، ومن ذلك قول حاتم الطائي :
كَسَيْنا صُرُوفَ الدَّهْرِ لِيناً وغِلْظَةً وكلاً سَقاناهُ بِكَأْسَيْهِما الدَّهْرُ
(وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) بالنُصرة .
124 - ثمَّ عادَ سُبحانهُ إلى ذمّ المنافقين فقال (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ ) على محمّد (فَمِنْهُم) أي من المنافقين (مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ ) السورة (إِيمَانًا) فردَّ الله عليهم فقال تعالى (فَأَمَّا الّذينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) بنزولها .
125 - (وَأَمَّا الّذينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) أي نفاق وهو مرض نفسي (فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ) أي زادتهم مرضاً إلى مرضهم (وَمَاتُواْ) بغيظهم (وَهُمْ كَافِرُونَ ) .
126 - (أَوَلاَ يَرَوْنَ ) هؤلاء المنافقون ، أصلها ألا يرون ، والواو للتحذير ، والمعنى : ألا يرون ما يصيبهم في كلّ عام من بلاء فيحذروا عِقاب الله (أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ ) أي يُعذَّبون بالمرض والفضيحة (فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ ) عن غيّهم ونفاقهم (وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) أي ولا هم يتعظون .
127 - (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ ) تُنبِئُ بما أخفَوهُ في صدورهم من أسرار (نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ) نظر تعّجب قائلين (هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ) فيُخبر محمّداً بذلك فيقول فينا آية (ثُمَّ انصَرَفُواْ ) إلى كيدهم ونفاقهم (صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم ) عن الإيمان (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون ) أي لا يعلمون عاقبة كيدهم ونفاقهم إلى أين يقودهم .
128 - ثمَّ خاطبَ جميع العرب فقال تعالى (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ ) عربيّ (مِّنْ أَنفُسِكُمْ ) أي من لغتكم ومن ساداتكم ، هو محمّد (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ) يعني يعزُّ عليه ما أصابكم من عَنَت ، أي من ضيق وشِدّة ووَهن (حَرِيصٌ عَلَيْكُم ) أي حريصٌ على إيمانكم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |