كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
12 - (وَجَعَلْنَا اللّيل وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ) من آيات الله ، أي علامتين على قدرة الله بأن جعل الأرض تدور حول محورها فتقع عليها أشعّة الشمس فتكون تلك الجهة نهاراً ، وأمّا الجهة الثانية فتكون ليلاً ، وهكذا يتداول اللّيل والنهار بسبب دوران الأرض حول محورها ، وذلك من حِكمة الله وإتقانهِ لمصنوعاتهِ ومخلوقاتهِ ، فآية اللّيل ظلامهُ وآية النهار ضوؤهُ (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللّيل ) أي مَحَوْنا ظلمة اللّيل بنور القمر ، أي كشفناها وقلّلناها لتهتدي الناس بضوئهِ إلى طريقهم (وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ) أي وجعلنا النهار مُضيئاً بنور الشمس لكي تُبصروا طريقكم وتقوموا بأعمالكم و (لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ) بالكسب والعمل فيهِ والتجارة (وَلِتَعْلَمُواْ) بتداول اللّيل والنهار (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ ) من أمر الدِين والدنيا (فَصَّلْنَاهُ) في القرآن (تَفْصِيلاً) أي بيّنّاهُ لكم وأوضحناهُ على التفصيل لتفهموا وتتّعِظوا وتعملوا لآخرتكم .
13 - (وَكُلَّ إِنسَانٍ ) كافر (أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) أي كفره وأعماله السيئة ، فكلمة "طائر" يعنون بها التشاؤم ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة يــاء سين {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } ، و"الإلزام" هو تحميل الإنسان ما لا يُطيقهُ جبراً ، والمعنى : كلّ إنسان مُسيء تُحيط بهِ سيّئاته كما يُحيط الطّوق في عُنُق المرأة فيؤنّب ضميرهُ ويلوم نفسهُ على ما فاته من نعيم الآخرة وما أصابه من العذاب بسبب سيئاته . ونظيرها في سورة فاطر قوله تعالى {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ } ، وهذا الإلزام بالطائر يكون بعد الموت ، والشاهد على ذلك قوله تعالى (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا ) كُتِبتْ فيه أعماله (يَلْقَاهُ مَنشُورًا ) أي مفتوحاً ليقرأهُ ، فيُقال لهُ :
14 - (اقْرَأْ كَتَابَكَ ) أي كتاب الأعمال (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ ) أي يوم القيامة (عَلَيْكَ حَسِيبًا ) أي مُحاسِباً ، والمعنى : نحن لا نُحاسبك يكفي أن تُحاسب نفسك وتعترف بجرائمك وتعلم بأنّ الله لم يظلمك بدخولك النار بل أنتَ ظلمتَ نفسك .
15 - (مَّنِ اهْتَدَى ) إلى طريق الحقّ (فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ ) يعني فالنفع في ذلك يعودُ عليهِ (وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) يعني ضرر ضلاله راجع إلى نفسهِ (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخرى ) يعني لا يحمل أحدٌ ذنب غيره (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ) قوماً بعذاب الاستئصال (حَتَّى نَبْعَثَ ) فيهم (رَسُولاً) يُنذرهم عن عبادة الأوثان ويدعوهم إلى إطاعة الرحمان ، فإن لم يسمعوا لقولهِ ولم يعملوا بأمره أهلكناهم بذنوبهم .
16 - (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً) من القرى بسبب ظلمهم وكفرهم (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) أي أمرّنا مترفيها ، وهو من الإمرة وليس من الأمر الذي هو ضد النهي ، والمعنى : جعلنا مترفيها أمراء على ساكنيها (فَفَسَقُوا فِيهَا) أي في تلك القرية ووقعت العداوة بين أمرائها فتقاتلوا (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) بالعذاب والدمار (فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) .
17 - (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ ) أي من القرون الماضية ، والقرن مائة سنة ، وكلّ رئيس يُسمّى قرن (مِن بَعْدِ نُوحٍ ) بسبب تكذيبهم للرُسُل (وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيرًا ) فيعاقبهم عليها لا يفوتهُ شيء منها .
18 - (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ ) أي النِعم العاجلة مُكافأةً لأعماله ، يعني يريد الدنيا (عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ) أي نُعطيهِ من المال والأولاد غير ذلك وليس لهُ في الآخرة من نصيب ، ولكن (لِمَن نُّرِيدُ ) أي نُعطي الدنيا ونُعجّل لهُ في العطاء لمن نُريد أن نُعذّبهُ في الآخرة بسبب نفاقهِ وسوء أخلاقهِ وظُلمهِ للناس (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا ) أي يُعذّب بنارها (مَذْمُومًا) بين النفوس (مَّدْحُورًا) من قَبَل ملائكة العذاب ، أي مدفوعاً إلى النار . ومِثلها في سورة الزمر قوله تعالى {وَسِيقَ الّذينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا } .
19 - (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ ) أي ومن أراد نعيم الآخرة (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ) يعني وعملَ الأعمال الصالحة وأطاع الله في أوامرِه (وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) بالله وبرُسُلهِ (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ) يعني سعيهم مقبول وأجرهم موفور .
20 - (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء ) يعني كلّاً من الفريقين الكافرين والمؤمنين نمدّهم بالخيرات ولكن الكافر نُعطيه في الدنيا ، والمؤمن نُعطيه في الدنيا ونزيده في الآخرة (مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا ) أي محصورا ، يعني عطاؤهُ في الدنيا عامّ للكافرين والمؤمنين ، ولكن في الآخرة خاصّ للمؤمنين .
21 - (انظُرْ) يا محمّد (كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) بالرزق ، فجعلنا بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء وبعضهم موالي وبعضهم عبيداً ، كذلك في الآخرة (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ ) للمؤمنين (وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) من مراتب الدنيا ، فينبغي أن تكون رغبتهم في الآخرة وسعيهم لها أكثر مِمّا يسعَون لدنياهم لينالوا الدرجات الرفيعة والمقام المحمود في الجنان العالية .
22 - (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ ) أيّها الإنسان (فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا ) في الآخرة بين النفوس (مَّخْذُولاً) بين الشياطين . قال الله تعالى في سورة الفرقان {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا } ، يعني : تبقَى حقيراً ذليلاً لا مُساعد لك ولا ناصر ينصرك ويُخلّصك من عذاب الله .
23 - (وَقَضَى رَبُّكَ ) أي وحكم ربّك حُكماً قطعيّاً ، ومن ذلك قول عنترة :
جارُوا فَحَكَّمْنا الصَّوارِمَ بَيْنَنا فَقَضَتْ وأَطْرافُ الرِّماحِ شُهُودُ
(أَلاَّ تَعْبُدُواْ ) أحداً (إِلاَّ إِيَّاهُ ) وحدهُ ، يعني لا تعبدوا غيرهُ (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) يعني وحكم أيضاً أن تُحسِنوا مع الوالدينِ إحساناً (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ ) يعني كبر السنّ بطول العُمر (أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ ) وهي كلمة تضجّر ، والمعنى : لا تؤذِهِما بقليل ولا بكثير ولا بالكلام (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ) أي ولا تزجرهما بكلمةٍ غليظة ولا صياح (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ) أي وخاطبهما بكلامٍ رقيق جميل بتأدّب يكون فيهِ كرامة لهما .
![]() |
![]() |
![]() |
||
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |