كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
121 - (الّذينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ) يريد بهم الّذينَ أسلموا من علماء اليهود والنصارى كعبد الله بن سلام وشعبة بن عمرو وتمّام بن يهوذا وأسد وأسيد ابنَي كعب وبنيامين هؤلاء من اليهود ، وأمّا النصارى فهم الرُّهبان الثمانية الّذينَ ركبوا مع جعفر بن أبي طالب في السفينة وقدموا إلى الحجاز وغيرهم ، والكتاب يريد به القرآن (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ) أي يقرؤونه على الناس ويعطونهُ حقّهُ ولا يخافون أحداً (أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) ويوقنون أنّهُ مُنزَل من الله (وَمن يَكْفُرْ بِهِ ) من اليهود أو النصارى أو غيرهم (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) في الآخرة .
122 - (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) سبق تفسيرها في آية 47 .
123 - (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ) سبق تفسيرها في آية 48 .
124 - (وَإِذِ ابْتَلَى ) أي اختبر (إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ) وذلك حين كان إبراهيم يسأل ويبحث عن خالقهِ ، فبعث الله له جبرائيل فقال : "سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّ الملائكةِ والرُّوح" ، (فأتمّهنّ) إبراهيم فقال : "سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّنا ورَبُّ الملائكةِ والرُّوح" (قالَ) الله تعالى (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) يُقتدَى بك (قَالَ) إبراهيم (وَمِن ذُرِّيَّتِي ) أي واجعل من ذرّيتي أئمّةً أيضاً (قَالَ) الله تعالى (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) يعني أعطيتك ما سألتَ ولكن لا ينالها منهم من كان ظالماً للناس ، وإنّما قال (عَهْدِي) معناه لقد عاهدتُكَ أن يكون من ذُرّيتك أئمّةً ولكن لا ينال عهدي الظالمين منهم
125 - (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ) أي واذكر لهم يا محمّد إذ جعلنا البيت الحرام محلّ ثواب لمن حجّ فيهِ وصلّى ، وجعلناهُ أيضاً محلّ أمنٍ للخائفين . فكان الرجُلُ من العرب إذا لقيَ قاتل أبيهِ في البيت فلا يتعرّض له بسوء (وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) أي صلّوا في مقام إبراهيم ركعتين ، والمقام موجود في مكّة ومعروف لدى الناس وتصلّي فيه الحُجّاج كلٌّ منهم ركعتين (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) أي أمرناهُما وأكّدنا على ذلك وقلنا (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) أي الّذينَ يطوفون حول الكعبة (وَالْعَاكِفِينَ) أي المقيمين فيه للعبادة (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) يعني المصلّينَ الّذينَ يركعون ويسجدون . والطهارة تشمل الجميع من الأوساخ والإشراك والنجاسات .
126 - (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ) تقديرهُ واذكروا نعمة الله عليكم يا أهل مكّة إذ قال إبراهيم (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا ) يعني مكّة (وَارْزُقْ أَهْلَهُ ) أي ساكنيهِ (مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) اي وآمَن بيوم القيامة ، لأنّ الأرض تتمزّق في ذلك اليوم فلا يبقَى بعد ذلك ليل أو نهار في الأرض (قَالَ) الله تعالى (وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ ) في الدُنيا (قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) مصيرهُ .
127 - (وَإِذْ) تقديرهُ واذكروا نعمة الله عليكم يا أهل مكّة إذْ (يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ) أي يبني على قواعدهِ فيرتفع البناء ، والقواعد هيَ الاُسُس ، لأنّ البيت بناه آدم ثمّ تهدّم من بعدهِ وبقيت قواعدهُ فأعاد بناءهُ إبراهيم (وَإِسْمَاعِيلُ) يساعدهُ على البناء ، ويقولان (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ) هذا العمل (إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ ) لدُعائنا (الْعَلِيمُ) بنيّاتنا . وملخّص الآية يقول الله تعالى : يا أهل مكّة ، اُذكروا نعمة الله عليكم إذ أوحينا إلى إبراهيم أن يبني هذا البيت فبناهُ فصارَ عِزّاً لكم وفيه شرفكم وبسببهِ تحصلون على رزقكم وفيهِ مأمنٌ لكم فاشكروا الله على هذهِ النِّعمة ولا تُشركوا بهِ أحداً .
128 - (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ) أي مُستسلمَينِ لأمرك مُنقادَينِ لدينك (وَمِن ذُرِّيَّتِنَا ) يعني واجعل من ذرّيتنا (أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ) أي وعلّمنا مواضِع عبادتنا ، فكلمة "أرِنا" مأخوذة من الرأي وهو العِلم ، و"المنسك" هو المعبد و"النُسُك" العبادة ، ومن ذلك قول الأعشى :
وذا النُّصُبِ المنصوبَ لا تَنسُكَنّهُ ولا تعبدِ الشيطانَ واللهَ فاعبُدَا
(وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) .
129 - (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ ) أي في أهل البيت المحرّم وهي مكّة (رَسُولاً مِّنْهُمْ ) وهو محمّد (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ) أي يقرأ عليهم آياتك ، وهو القرآن (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ ) أي يُعلّمهم أحكام الكتاب (وَالْحِكْمَةَ) أي الموعظة (وَيُزَكِّيهِمْ) أي يُطهّرهم من الذنوب والمعاصي بإرشاداتهِ وتعاليمهِ (إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) .
130 - (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ) يعني لا يترك دين إبراهيم وشريعته ويرغب لغيرها إلاّ مَن كان سفيهاً ، ومن ذلك قول جرير :
لستُ بِمُعطي الحُكمَ عن شفِّ منصبٍ ولا عن بناتِ الحنظليّينَ راغِبُ
يعني ولا راغبٌ لغيرهنّ . (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُنيا ) أي اخترناهُ للعبادة وللنبوّة (وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) أي من عبادنا الصالحين في الجنّة .
131 - (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
132 - (وَوَصَّى بِهَا ) أي بكلمة الإسلام (إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ) وهم إسماعيل من هاجر جارية سارة وهي مصريّة ، وإسحاق من سارة بنت عمّهِ وهيَ عراقيّة ، وزُمران ويقشان ومدان ومديان ويشباق وشوجا هؤلاء من قطورة تزوّجها بعد وفاة سارة اُم إسحاق ، (وَيَعْقُوبُ) بن إسحاق أيضاً أوصى بنيهِ الأسباط وهم إثنا عشر رجُلاً فقال (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ) أي اختار لكم دين التوحيد بأن تعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً (فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) أي مُستسلمون لأمر الله منقادون لطاعتهِ .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |