كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
128 - (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ ) عليهم (وَاصْبِرُواْ) حتّى ينصرنا الله عليهم ويُخلّصنا من أيديهم (إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ ) الحَسَنة (لِلْمُتَّقِينَ) وليس للكافرين .
129 - (قَالُواْ) يا موسى (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ ) موسى في جوابهم (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ ) من بعدهم (فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) هل تشكرون أم تكفرون .
130 - (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ ) الْمُجدِبة (وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) أي لكي يتّعِظوا ويَخضعوا .
131 - (فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ ) يعني إذا أصابهم خصبٌ في الأرض وكثُرَ زرعهم وزادت أثمارهم قالوا هذه من أعمال أيدينا ومُداراتنا للزرع بالماء والأسمدة فزاد محصولنا (وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ) من جدب أو مرض أو قحط (يَطَّيَّرُواْ) أي يتشاءموا (بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ ) أي يتشاءموا بهم ويُهدّدوهم بالقتل والتعذيب إن لم يزُل الضرُّ عنهم ويقولون لهم إنّ الّذي أصابنا كان بسببكم لأنّكم كفرتم بآلهتنا . فقال الله تعالى ردّاً على قولهم (أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهِ ) يعني تشاؤمهم وتهديداتهم بالقتل والتعذيب مُعدٌّ لهم عند الله وعن قريب سيغرقون في البحر ثمّ يجدون العذاب أمامهم في الآخرة (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) عاقبة أمرهم . وإنّما قال تعالى (أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) ، لأنّ بعضهم آمَنَ كمؤمن آل فرعون وزوجة فرعون والسّحَرَة وغيرهم .
132 - (وَقَالُواْ) قوم فرعون لموسى (مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ ) أي من مُعجزة (لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ) لأنّك ساحر عليم وهذه الأعمال من أعمال السّحَرَة ، وإنّنا مُصرّون على ديننا فلا نتبعك فيما تدعونا إليه .
133 - (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ ) أي الأمراض تطوف بأرضهم وبيوتهم وحقولهم فتُميت كلّ دابّةٍ لهم من غنم وبقر وحمير وغير ذلك ، ولا يُصيب دوابّ بني إسرائيل شيءٌ من المرض . ثمّ طاف عليهم غبار ثلاثة أيّام . ثمّ ظُلمة ثلاثة أيّام . ثمّ طاف مرض على الأولاد فماتَ كلّ بكر من أولادهم (وَالْجَرَادَ) يعني ولَمّا لم يخضعوا لموسى بسبب موت ماشيتهم والغبار الّذي أصابهم والظُلمة والثلوج أرسلنا عليهم الجراد فأكلَ زرعهم (وَالْقُمَّلَ) كلمة "قُمّل" تُطلق على جميع الحشرات ، ومن ذلك قول الشاعر :
حَتَّى إذَا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ وَرَأَيْتُمُ أَبْنَاءَكُمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتُمْ ظَهْرَ المِجَنِّ لَنَا إنَّ اللَّئِيمَ العَاجِزَ الخَبُ
يقول الشاعر لَمّا دوّدَتْ بطونكم من كثرة طعامنا وشبعت أولادكم انقلبتم علينا لأنّكم لِئام . والمعنى : ولَمّا لم يخضعوا لموسى بسبب الجراد الّذي أكل زرعهم أرسلنا عليهم القُمّل أي الحشرات ، وهي البعوض والذُباب فدخل بيوتهم بكثرة حتّى تضجّروا من كثرتها ، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل واحدة منها (وَالضَّفَادِعَ) يعني ولَمّا لم يخضعوا لموسى بكثرة البعوض والذباب أرسلنا عليهم الضفادع فخرجت من النيل بكثرة حتّى ملأت بيوتهم وأسواقهم وحوانيتهم وصعدت على أسرّتهم وفُرُشِهم وفي أمتعتهم حتّى ضجروا منها (وَالدَّمَ) يعني ولَمّا لم يخضعوا لموسى بسبب كثرة الضفادع جعلنا ماء النهر الّذي يشربون منه دماً ، فجاء موسى إلى فرعون وقال له : "هكذا قال الربّ إلاهنا إن لم تُطلق بني إسرائيل ليصير النهرُ دماً وينتنّ" ، فلم يسمع فرعون لقول موسى فضرب النهر بعصاهُ وقال : "كن دماً بإذن الله!" فصار الماء دماً ومات السمك الموجود هناك وانتنّ النهر فلم يتمكّن أحدٌ منهم أن يشرب منهُ فحفروا آباراً قرب النهر وشربوا من مائها ولم يخضعوا لموسى ، وكان فرعون يَعِدُ موسى بأن يُطلق له بني إسرائيل إذا زال الضرُّ عنهم كالجراد والقُمّل والضفادع ، ولكن لَمّا يزول عنهم ذلك الشرّ يتعنّتون ويخلفون الوعد مع موسى ، وكان دوام كلّ آيةٍ منها سبعة أيّام ثمّ تزول بدعاء موسى ، تلك (آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ ) في التوراة ، أي مكتوبات ومشروحات على التفصيل (فَاسْتَكْبَرُواْ ) عن الاعتراف بها بأنّها معجزات من الله بل قالوا هذه من سِحر موسى سحرَنا بها (وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ) . وقد جاء ذكرها في مجموعة التوراة في سِفر الخروج مُفصّلاً في الإصحاح السابع وما بعده إلى الحادي عشر .
134 - (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ ) أي العذاب الّذي سبق ذكره (قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ) لرفع العذاب (لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ ) يعني الجراد والقمّل والضفادع وغير ذلك مِمّا أصابهم من شرّ (لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ) بأنّك رسول من الله (وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ) حيثما تريد بهم
135 - (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ ) يعني إلى الوقت الّذي أوعدناهم بهِ ، وهي سبعة أيّام (إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ) الوعد والعهد الّذي عاهدوا به موسى من إرسال بني إسرائيل معهُ .
136 - (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) أي في البحر الأحمر (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ ) أي بسبب أنّهم كذّبوا (بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ) يعني عن وقوع العذاب غافلين .
137 - (وَأَوْرَثْنَا) بني إسرائيل (الْقَوْمَ الّذينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ ) في مصر تحت حكم فرعون ، أورثناهم (مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ) يعني أورثناهم أرض الشام ومشارقها ومغاربها ، أي القرى الّتي تقع شرقها وغربها ، إذ كانت للعمالقة فصارت إرثاً لبني إسرائيل (الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) من الأشجار والأثمار (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى ) أي الّتي وعد الله بها موسى بالنصر والظفر فكان كما وعد به (عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ) من أصنام وتماثيل وأبنية عالية (وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ) لها من سقوف عالية .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |