كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
13 - (تِلْكَ) الأحكام التي بيّنّاها لكم فيما سبق من أمر اليتامَى والمواريث (حُدُودُ اللّهِ ) حدّها لكم بأن جعل لكلّ إنسان حدّاً في نصيبهِ من الميراث فلا يأخذ أكثر من نصيبهِ (وَمَن يُطِعِ اللّهَ ) في أوامره (وَرَسُولَهُ) في تعاليمهِ وإرشاداته (يُدْخِلْهُ) الله (جَنَّاتٍ) أثيريّة في السماوات العالية (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ) أي من تحت أشجارها (الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ ) الخلود هو (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
14 - (وَمَن يَعْصِ اللّه ) في أوامره (وَرَسُولَهُ) في تعاليمه وإرشاداته (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ) بأن يأخذ من الميراث أكثر من نصيبهِ (يُدْخِلْهُ) الله (نَارًا خَالِدًا فِيها ) يوم القيامة (وَلَهُ) في عالم البرزخ (عَذَابٌ مُّهِينٌ ) أي فيه إهانة لهُ .
15 - (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ ) يعني المتزوّجات إذا زنت إحداهنّ ، وكلمة "اللّاتي" جمع "الّتي" ، وكذلك "اللّواتي" ، ومن ذلك قول الشاعر :
مِنَ اللَّوَاتي والّتِي واللّاتِي زَعَمْنَ أنْ قدْ كَبَرَتْ لِدَاتِي
وقد تُحذف التاء من "اللاتي" فيقال "اللائي" ، ومن ذلك قول الشاعر :
مِنَ اللائِي لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبَةً وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ التَّقِيَّ الْمُغَفَّلا
(فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ ) أي من المسلمين ، والخطاب للقضاة (فَإِن شَهِدُواْ ) الشهود الأربعة بأنّها زنت أو اعترفت هي بلسانها أنّها زنت (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ) ولا تُعطوهنّ غذاءً ولا ماءً (حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ) بالمدّة المقرّرة (أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) للحياة بعد تلك المدّة فيُطلَق سراحها . فالمتزوّجة إذا زنت وثبت ذلك بأربعة شهود أو باعترافها ، فقبل كل شيء يُطلّقها زوجها وليس لها شيء من مهرها المعجّل ولا المؤجّل ، ثمّ تُسجن في بيت مخصوص لهذه الغاية ويدوم سجنها سبعة أيّام بلياليها ولا تُعطى غذاءً ولا ماءً لكي تموت جوعاً وعطشاً ، فإذا انتهت سبعة أيّام وسبع ليالٍ يُفتح باب البيت فإن وُجِدتْ ميّتة فقد ماتت بذنبها ، وإن وُجدت حيّة يُطلق سراحها ولكن لا تعود إلى زوجها الأوّل لأنّها تدنّست ، وإذا عاودت وزنت فحكمها القتل رجماً بالحجارة . والدليل على أنّ سجنها يكون سبعة أيّام هو الألف والواو من قوله تعالى (أَوْ- يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) فإذا حسبتَ الألف والواو بحساب الجُمل يكون الناتج سبعة ، والدليل الثاني قِصّة أبو لُبابة لَمّا خان وأشار إلى اليهود بالذّبح إن نزلوا على حكم سعد ، فقد لبث سبعة أيّام بلياليها لا يأكل ولا يشرب حتّى تابَ الله عليه . أمّا الغرفة الّتي تُسجَن فيها النساء اللّواتي ارتكبنَ الفاحشة فتُبنى داخل السجن وتكون مُحكمة البناء غرفة داخل غرفة ولا يكون فيها أكثر من نافذة واحدة لدخول الهواء فيها ، وذلك لئلاّ يتمكّن أحد أن يرمي لَها طعاماً أو شراباً ، ويجب أن يُقام عليها حارس لهذه الغاية ، وعلى القاضي أن يزيد في عذاب الزاني المتزوّج ، ويقلّل من عذاب الزاني الأعزب ، ثمّ يجعل فرقاً بين من يزني بامرأة زانية ومن يزني بامرأة عفيفة أو متزوّجة ، فيزيد في عذابه إن زنا بامرأة ذات زوج ، وسنشرح في المستقبل حكم كلّ واحد منهم بالتفصيل إن شاء الله .
16 - (وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا ) أي الفاحشة (مِنكُمْ) أيّها المسلمون (فَآذُوهُمَا) باللسان يعني آذوهما بالتأنيب والتوبيخ والكلام اللاذع لكي لا يعودا إلى الفاحشة مرّة اُخرى ويقصد بذلك العادة السرّيّة التي يستعملها بعض الشباب والشابّات (فَإِن تَابَا ) عن هذه العادة (وَأَصْلَحَا) أعمالهما (فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا ) ولا تؤذوهما (إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا ) للتائبين (رَّحِيمًا) بالنادمين . فالأذى يريد بهِ باللسان دون اليد ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الّذينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا } ، يعني باللّسان . وقال تعالى في سورة التوبة {وَمِنْهُمُ الّذينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } ، يعني يؤذونه بالكلام .
أمّا حكم اللّواط لم يأتِ في القرآن لأنّ العرب في زمن الجاهلية لم تكن فيهم هذه العادة ، ولكن جاء حكم اللّواط في التوراة وذلك في سفر لاويين في الإصحاح العشرين قال : (وإذا اضطجعَ رجلٌ مع ذكرٍ اضطجاع امرأةٍ فقد فعلا كلاهما رِجساً ، إنّهما يُقتَلان ، دمُهما عليهما .)
أمّا حكمهما في الإسلام فيرجع إلى القاضي فيحكم عليهما إمّا بالجلد أو السجن بِما هو مناسب من عمر أحدهما إن كان صغيراً أو كبيراً متزوّجاً أو باكراً .
أمّا فعل السّحاق بالنسبة للاُنثى فتجلد كلّ واحدةٍ منهما عشر جلدات .
17 - ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ ) أي التي ضمن على نفسه قبولَها بفضله (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ) أي يعملون السيّئات بجهالة ، يعني جاهلين عقابَها وعاقبتها ، فالإنسان لم يزل جاهلاً حتّى يبلغ الأربعين من عمره فحينئذٍ يزداد عقلهُ بالتجارب والدراسة ويذهب جهلهُ بالتدريج وفي ذلك قال الشاعر :
وماذا يَلْمِزُ الأعْداءُ مِنِّي وقَدْ جاوَزْتُ سِنَّ الأربَعِينَا
(ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ ) أي من وقت قريب لليوم الذي عملوا فيه الذنب (فَأُوْلَـئِكَ) التائبون (يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ ) أي يقبل توبتهم (وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً ) بأعمال العباد وتوبتهم (حَكِيماً) فيما يعاملهم به .
18 - (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ ) المقبولة عند الله هيَ (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) على الدوام (حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ) ملَك (الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ) فأولائك لا تُقبَل توبتهم (وَلاَ الّذينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) فأولائك لا تُقبَل توبتهم (أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا ) أي هيّأنا (لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) في الآخرة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |