كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
139 - (وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ ) من أجنّةٍ ، يعني في بطن السائبة والوصِيلة والبَحِيرة (خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا ) يأكلونها (وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا ) أكلها (وَإِن يَكُن مَّيْتَةً ) في بطنها (فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء ) الرجال والنساء (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ) هذا بالعقاب (إِنَّهُ حِكِيمٌ ) في أفعالهِ (عَلِيمٌ) بما يفعلونهُ .
140 - (قَدْ خَسِرَ الّذينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا ) أي سفاهةً منهم ، يعني بناتهم وهي الموؤودة قتلوها خوف العار ، والّذينَ ذبحوا أولادهم قرباناً للأصنام أو نذراً لها ، وكلمة "ولد" تُطلق على كلّ مولود سواءً ذكراً كان أو اُنثى (بِغَيْرِ عِلْمٍ ) منهم لعواقب الاُمور (وَحَرَّمُواْ) على أنفسهم (مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ ) من الأنعام كالسائبة والوصيلة وغير ذلك (افْتِرَاء عَلَى اللّهِ ) بادّعائهم أنّ الله أمرهم بهذا (قَدْ ضَلُّواْ ) عن طريق الحقّ (وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) إلى الصواب . أقول لقد أعاد التاريخ نفسه فأصبحت بعض فِرق الإسلام تعمل كما كانت تعمل الجاهليّة من تقديم الهدايا والنذور للأصنام الّتي يجعلونها رمزاً للملائكة ، فكذلك اليوم يُقدّمون الهدايا والنذور لقبور المشايخ والأولياء ويجعلونها رمزاً لهم ، ويجعلون لها نصيباً من أنعامهم وحرثهم كما كانوا يفعلون ذلك في زمن الجاهليّة ، ولا يكتفون بهذا بل يقتلون أنفسهم وأولادهم لأجل الحُسين بن علي (ع) ظنّاً منهم أنّ الله تعالى راضٍ بذلك وأنّ الحُسين يشفع لهم عند الله يوم القيامة ، فترى يوم عاشوراء يضربون رؤوسهم بالسيوف والدماء تسيل على وجوهم وعلى أكتافهم وعلى الأكفان الّتي لبسوها فتراهم بحالةٍ تشمئزّ منها النفوس وتقشعرُّ منها الجُلود فيموت كثيرٌ منهم في ذلك اليوم وهم يحسبون أنّهم يُحسنونَ صُنعاً ، فقد قال الله تعالى في سورة الكهف {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }
141 - (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ ) أي بساتين ذات عُروش ، وعرش البستان هو "السيباط" (أو "القمريّة") الّتي يوضع فوقها الكرم ("أو شجرة العنب") ، (وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ ) يعني وبعضها غير معروشات (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ ) يعني وأنشأ لكم النخل لإنتاج التمر ، والزرع لإنتاج الحبّ (مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ ) يعني ما يؤكل منهُ وهو الثمَر ، واختلاف الثمر يكون بالطعم واللّون والحجم والجنس والرائحة (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ ) مختلفاً اُكُله كذلك (مُتَشَابِهًا) ، والمعنى : إنّ ثمر الزيتون يشبه ثمر النخيل من حيث الشكل واللّون والحجم ، وكذلك الرمّان يشبه الزرع في تراكب الحبّ لأنّ حبّ الرمّان متراكب بعضه فوق بعض كالذرة مثَلاً ، وحيث أن الرمّان يعصر ولكن عصير الرمّان حامض ويسمّى "رُبُّ الرمّان" ، وكذلك عصير الزيتون زيت نقي يُستعمل في الأكل والطبخ وقلي اللّحم ولأشياء كثيرة ، وقوله (وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ) يعني غير مُتشابه في الجنس ولا في الطعم ، فالزيتون لا يشبه التمر في الطعم لأنّ الزيتون مُرُّ الطعم ، والتمر حلو الطعم وإنّما التشابه بينهما في اللون والشكل فقط ، فالزيتونة تشبه التمرة وخاصةً منها تمر البربن تماماً ، وكذلك حبّ الرمّان لا يشبه الحبوب النشويّة في الطعم ولا في الجنس وإنّما التشابه بينهما في تراكب الحب فقط (كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ ) للفقراء والمساكين ، يعني أعطوا زكاتهُ (يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ ) بِنَثرِه على الأرض ، يعني لا تُبذّروا الحبّ وتتلفوهُ بإهمالكم وانشغالكم عنهُ فتصيبهُ نار وتُحرقهُ أو تصيبهُ حشرة فتتلفهُ أو يُصيبهُ ماء فيغرقهُ أو مطر فيتعفّن ويفسد (إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) أي المبذّرين .
142 - (وَ) أنشأ لكم (مِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً ) تحمل أثقالكم ، وهي الإبل (وَفَرْشًا) أي ومنها تتّخذون فرشاً تفرشونهُ على الأرض ، وهي الغنم يُتّخذ من أصوافها أفرشة ، ومن وبر الإبل أيضاً يتّخذون أفرشة وذلك كالبُسُط والسجّاد وغير ذلك (كُلُواْ) من لحوم الأنعام واشربوا من ألبانها (مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) حلالاً (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) بتحريم شيء منها أو تَنذرون منها لغير الله أو لا تذكرون اسم الله عليها وقت الذبح (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) فَاحْذَرُوه .
143 - ثمّ بيّنَ سُبحانهُ عدد الأنعام الّتي كانت فوق الجبل ونزلت منهُ إلى الأرض المنبسطة مع نزول آدم وحوّاء ، وقد ذكرها في سورة الزُمَر باختصار فقال تعالى {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } أي ثمانية أفراد ، يعني أربعة منها ذكور وأربعة إناث ، ومعنى الزوج هو الّذي يزدوج مع صاحبهِ فالذَكر زوج الاُنثى والاُنثى زوج الذَكر . ثمّ فصّلها في هذه السورة فقال تعالى (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ ) أي من الغنم (اثْنَيْنِ) ذكر واحد واُنثى واحدة (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ) وهيَ الّتي يكسو جلدها شعر أي التيس والعنزة (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين الّذينَ حرّموا على أنفسهم لحمها وركوبها (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ ) الله عليكم أكل لحمها (أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ) النعجة والعنزة ، يعني أيّهما حرّم عليكم أكل لحم الذكور منها أم الإناث أم الأجنّة الّتي في بطن الإناث (نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) في قولكم بأنّ الله حرّمهما ، يعني أخبروني بخبر حقيقي عن كتاب سماوي بأنّ الله حرّم هذه الأنعام في ذلك الكتاب إن كنتم صادقين في دعواكم
144 - (وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ ) ذكر واحد واُنثى واحدة (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ ) منها عليكم (أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ ) الناقة والبقرة (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء ) أي حضور (إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَـذَا ) التحريم ، كلاّ لم يوصِكم الله بهذا ولم يُحرّمهُ عليكم ولكنّكم تفترون على الله الكذب (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ ) عن طريق الحقّ (بِغَيْرِ عِلْمٍ ) منهُ لكتاب سماوي بل بهوَى نفسه (إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) إلى الصواب .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |