كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل

بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى)

توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت)

الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة

فهرس الآيات , البحث في القرآن الكريم

تفسير سورة الأعراف من الآية( 147) من كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل   بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) : 

147 - (وَالّذينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) من بني إسرائيل وغيرهم (وَلِقَاء الآخِرَةِ ) يعني ولم يعترفوا بعالم النفوس والحساب (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) الصالحة الّتي عملوها في دار الدنيا ، أي ذهبت أدراج الرياح لأنّهم أنكروا البعث والحساب (هَلْ يُجْزَوْنَ ) في الآخرة (إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) من سيّئات ، لأنّ أعمالهم الصالحة ذهبت فلم يبقَ لهم غير السيّئات .

148 - (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ ) أي من بعد ذهابه إلى جبل الطور ليأتي بالألواح ، إتّخذوا (مِنْ حُلِيِّهِمْ ) الّتي استعاروها من نساء قوم فرعون ليلة خروجهم من مصر ، إتّخذوا (عِجْلاً جَسَدًا ) أي تمثالاً مسبوكاً من الذهب (لَّهُ خُوَارٌ ) أي له صوت كصوت البقر ، وقد صنعهُ السامري (أَلَمْ يَرَوْاْ ) بنو إسرائيل (أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ) أي طريقاً ، فلو كان إلاهاً كما زعموا لكلّمهم ولهداهم إلى شيء غابَ عن فكرهم (اتَّخَذُوهُ) معبوداً (وَكَانُواْ ظَالِمِينَ ) لأنفسهم ولقومهم .

149 - (وَلَمَّا) رجع موسى وأنّبهم على فعلهم هذا (سُقِطَ) العجلُ (فَي أَيْدِيهِمْ ) يعني أصبح لا قيمة لهُ عندهم . تقول العرب "سقطَ زيدٌ من عيني" أي أصبح لا قيمةَ لهُ عندي (وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ ) عن الحقّ ، حينئذٍ (قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا ) آثامنا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .

150 - (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى ) من الجبل (إِلَى قَوْمِهِ ) وكان (غَضْبَانَ) على الّذينَ عبدوا العجل ، لأنّ الله تعالى أخبره بذلك ، وكان (أَسِفًا) عليهم أن يصدر منهم ذلك الإشراك بعدما رأوا تلك الآيات الّتي جاء بها موسى وبعد أن أنجاهم الله من فرعون وخلّصهم من الاستعباد ، فبعد هذا كلّه يتّخذون عِجلاً من الذهب ويعبدونه (قَالَ) موسى لقومهِ (بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ) أي بئسَ القوم كنتم بعدي إذ خلّفتكم وذهبتُ إلى الجبل لآتيكم بالألواح (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ) يعني هل استعجلتم مجيئي والألواح الّتي أمرَ بها ربّكم ؟ (وَأَلْقَى الألْوَاحَ ) من يدهِ على الأرض بعنفٍ وكانت من حجر الكلس فتكسّرت (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ ) هارون (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ) ويلومه على أفعال القوم من شِدّةِ غضبهِ (قَالَ) هارون لموسى (ابْنَ أُمَّ ) لا تَلُمْني ولا تأخذْ برأسي (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي ) مُشتركاً (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) بفعلهم هذا فقد نهيتهم ووعظتهم فلم يسمعوا لقولي .

151 - (قَالَ) موسى (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ) بعد موتنا ، أي في جنّتك (وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) .

152 - (إِنَّ الّذينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ ) معبوداً (سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ) الّذينَ يفترون على الله الكذب .

153 - (وَالّذينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ) من بني إسرائيل (ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ ) بالآيات الّتي جاء بها موسى (إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا ) أي من بعد إيمانهم بها (لَغَفُورٌ) للتائبين (رَّحِيمٌ) بالنادمين منهم .

154 - (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ ) تقديرهُ ولَمّا سكتَ موسى عن تأنيبهم وسكن عنهُ الغضبُ (أَخَذَ الأَلْوَاحَ ) الحجريّة الّتي تكسّرت (وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى ) يعني وفيما كتبنا فيها هداية لهم (وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) أي يخشعون ويخضعون .

155 - ثمّ أخبرَ سُبحانهُ عن قصّة السبعين من قومه الّذينَ قالوا له أرِنا اللهَ جهرةً فقال (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا ) يعني للوقت الّذي حدّدناهُ لموسى فأخذهم معه وصعد بهم فوق الجبل وقال ربِّ أرِني أنظرْ إليك ، فنزلت عليهم صاعقة من السماء وُزلزِلَ الجبل وتهدّم (فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ) أي رجفة الجبل (قَالَ) موسى (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ) أي أهلكتهم بالموت من قبل مجيئنا إلى هذا المكان لئلاّ نتكلّم بهذا الكلام ونغيظك به (أَتُهْلِكُنَا) جميعاً (بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ ) أي ما هيَ (إِلاَّ فِتْنَتُكَ ) أي اختبارك (تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء ) أي تضلُّ من يستحقّ الضلالة وتهدي من كان مهيّأً للهداية . وإنّما قال موسى : ما هيَ إلاّ فتنتك ، لأنّ الله تعالى قال له ،كما في سورة طـاها {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ } ، وقوله (أَنتَ وَلِيُّنَا ) يعني متولّي أمرنا وسيّدُنا (فَاغْفِرْ لَنَا ) خطايانا (وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ) .

156 - (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً ) أي نِعمة حسَنة (وَفِي الآخِرَةِ ) حياة حسَنة (إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ ) أي رجعنا بتوبتنا إليك ، و"الهَود" الرجوع . (قَالَ) الله تعالى (عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء ) يعني ممّن يستحقّ العذاب (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) أي وسعت كلّ مادّة ، والمعنى : وسعت الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض ، ورحمتهُ هي الجنّة ، ومثل هذه الجُملة في آية الكرسي قوله تعالى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } ، فالكرسي هو الجنان السبع والعرش فوقهُنّ (فَسَأَكْتُبُهَا) يعني الجنّة (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) الشِّرك والمعاصي (وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالّذينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) أي يُصدّقون .

------------------------------------
<<الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة الصفحة التالية>>



كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم