كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
15 - (هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ ) أي من دون الله (آلِهَةً) يعبدونها (لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم ) يعني على عبادتهم182 (بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ) أي بدليل بيّن وحُجّةٍ ظاهرة (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) فزعمَ أنّ لهُ ولداً أو شريكاً في العبادة . ثمّ قال رئيس الفتية لأصحابه وهو تمليخا :
16 - (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ ) يعني ولَمّا اعتزلتم قومكم المشركين ونجوتم من شرّهم (وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ) يعني واعتزلتم الموحِّدين أيضاً وابتعدتم عنهم . وكانوا نصارى موحِّدين (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ) أي إجعلوهُ مأواكم لئلاّ يظفر بكم الملك فيقتلكم (يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ) فتشربون منها ، يعني المطر (ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا ) أي يُهيّئ لكم رفيقاً يأتيكم بما تحتاجون إليهِ من طعام وشراب وغير ذلك فهيّأ الله لهم راعي الغنم فرافقهم .
17 - (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) أي تميل وقت طلوعها عن كهفهم إلى جهة اليمين ، ومن ذلك قول كعب بن زُهير يصف ناقتهُ :
فإذا رَفَعْتُ لها اليَمِينَ تزاوَرَتْ عن فَرْجِ عُوجٍ بينهُنَّ خَلِيفُ
(وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ) أي تقطعهم مسافة عن كهفهم وتتركهم (ذَاتَ الشِّمَالِ ) يعني مرّة تكون عن يمين الكهف ومرّة عن شمالهِ فلا يصيبهم من حرارتها (وَهُمْ) نائمون (فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ) أي في فسحةٍ من الكهف تَسَعُهم (ذَلِكَ) الّذي نالهم في الكهف من النوم سنين معدودة (مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ) الدالّة على قدرته (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ) لا يقدر أحد أن يًضلّهُ (وَمَن يُضْلِلْ ) يعني ومن يُضْلِلْهُ الله (فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ) يُرشدهُ إلى طريق الحقّ .
18 - (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا ) يعني لو رأيتهم لحسبتهم مُنتبهين (وَهُمْ رُقُودٌ ) أي نيام ، ومن ذلك قولُ امرئ القيس :
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالأثْمُدِ ونَامَ الخَلِيُ وَلَمْ تَرْقُدِ
وقال الأعشى :
أَجِدَّكَ لَمْ تَغْتَمِضْ لَيْلَةً فتَرْقُدَها مَع رُقَّادِها
وقال عنترة :
حرامٌ عليَّ النومُ يا ابنةَ مالِكٍ ومَنْ فَرْشُهُ جَمْرُ الغَضَا كَيْفَ يَرْقُدُ
(وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ) معناهُ ونقلّبهم تارةً عن اليمين إلى الشمال وتارةً عن الشمال إلى اليمين (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ) أي بالمسلك المؤدّي إلى الفجوة ، يعني بين الباب وبين الفجوة ، فالوصيد مكان سدّ الباب ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الهمزة {إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } أي مُطبَقة (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ ) أيّها السائل عنهم (لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ ) أي لأدبرتَ عنهم ممّا يُصيبك من الخوف (فِرَارًا) عنهم (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ) فإنّ الله تعالى ملأ الكهف رُعباً ووحشةً لئلاّ يدخل عليهم أحد فيؤذيهم .
19 - (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ ) يعني كما فعلنا بهم الاُمور العجيبة وحفظناهم تلك المدّة المديدة بعثناهم من سُباتهم (لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ ) عن حالهم ومدّة لبثهم ، فإذا علموا بها ازدادوا يقيناً واعتقاداً بقدرة الله تعالى (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ) في نومكم (قَالُوا) أصحابهُ (لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) فلمّا نظروا إلى طول أظفارهم وشعرهم أحالوا العِلم إلى الله (قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ ) وكانت مدّة نومهم سنين معدودة ، يعني ما بين العشرين والثلاثين ، قالوا (فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ ) أي بفضّتكم ، ومن ذلك قول الخنساء :
لو كانَ يُفدَى لكانَ الأهلُ كلُّهُمُ وما أثمرَ من مالٍ وأوراقِ
وهي الدراهم وكان عليها رسم الملِك المشرِك الّذي كان في زمن هروبهم منه (إِلَى الْمَدِينَةِ ) القريبةِ منّا (فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا ) يعني أطهر وأحسن طعاماً (فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ ) أي من الطعام (وَلْيَتَلَطَّفْ) في القول فلا يُنازع البائع (وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ) أي لا يخبر بكم ولا بمكانكم أحداً من أهل المدينة .
20 - (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ) يعني إن يطّلعوا عليكم ويعلموا بمكانكم (يَرْجُمُوكُمْ) بالحجارة حتّى تهلكوا (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ) أي يردّوكم إلى دينهم (وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ) يعني إن علموا بمكانكم لن تنجحوا في دينكم الّذي أنتم عليه من التوحِيد .
21 - (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ) أي كما أنَمْناهم وبعثناهم أطْلَعْنا أهل تلك المدينة على شأنهم وقصّتهم (لِيَعْلَمُوا) أهل المدينة وغيرهم ممّن يسمع بقصّتهم (أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ ) بالبعث والحساب (حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ ) أي ساعة الموت (لَا رَيْبَ فِيهَا ) يعني لا شكّ فيها ، فإذا مات الإنسان يُبعَث من جسمهِ إلى عالم النفوس وهناك يلقى جزاءهُ .
ولَمّا رجع إلى أصحابه في الكهف وأخبرهم بالقصّة سألوا من الله أن يميتهم لئلاّ يكونوا محطّ أنظار الناس ، فماتوا في كهفهم ، ولَمّا أبطأوا دخل عليهم أهل المدينة فوجدوهم موتَى ، فقالت إحدى الطائفتين نحن نبني قبوراً لهم ، وقالت الاُخرى بل نحن نبني ، وذلك قوله تعالى (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ) يعني يتنازعون في أمر البناء (فَقَالُوا) أهل المدينة ، أي قال بعضهم لبعض (ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ) أي ابنوا باب الكهف عليهم واتركوهم فيهِ (رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ) هل ماتوا أم ناموا ثانيةً (قَالَ) أي قالت الفرقة الثانية (الّذينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ ) يعني غلبوا على أمر الفتية في شأن البناء (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ) أي مكاناً للسجود والصلاة ، فبنَوا فوق الكهف كنيسة .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |