كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
156 - (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً ) أي نِعمة حسَنة (وَفِي الآخِرَةِ ) حياة حسَنة (إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ ) أي رجعنا بتوبتنا إليك ، و"الهَود" الرجوع . (قَالَ) الله تعالى (عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء ) يعني ممّن يستحقّ العذاب (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) أي وسعت كلّ مادّة ، والمعنى : وسعت الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض ، ورحمتهُ هي الجنّة ، ومثل هذه الجُملة في آية الكرسي قوله تعالى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } ، فالكرسي هو الجنان السبع والعرش فوقهُنّ (فَسَأَكْتُبُهَا) يعني الجنّة (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) الشِّرك والمعاصي (وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالّذينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) أي يُصدّقون .
157 - (الّذينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ ) محمّداً (الأُمِّيَّ) وهو الّذي لا يكتب ولا يقرأ الكتاب (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ ) أي مكتوبة أوصافه (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ) من اللّحوم (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ ) منها (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ) أي ثقلهم وهي الأحكام الثقيلة الّتي كانت عليهم سابقاً ، وذلك كالصوم عند اليهود وهو ثلاث وعشرون ساعة في اليوم واللّيل ، وتحريم بعض اللّحوم والشحوم ، واعتزال النساء وقت الحيض أربعة عشر يوماً حتّى أنّهُ إذا لمس ثوبها يتنجّس ، وقرض الثياب الملطّخة بالدم ، وغير ذلك من أحكام شاقّة (وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) وهي التقاليد الباطلة والعادات السيئة الّتي وجدوا آباءهم سائرين عليها . وانتهى ما في التوراة والإنجيل من وصف الرسول محمّد ، ثمّ قال الله تعالى (فَالّذينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ ) أي ساعدوهُ بالقول والعمل (وَنَصَرُوهُ) على أعدائهِ (وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ ) وهو القرآن ، والمعنى : أُنزِلَ عليه وهو اليوم معهُ (أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) أي الفائزون بالجنّة ونعيمها .
وإليك بعض ما جاء في النبيّ وعلائمه في التوراة والإنجيل :
فقد جاء في مجموعة التوراة في الإصحاح الثامن عشر من التثنية قال الله تعالى لموسى [أقيمُ لهم نبيّاً من بين أخوتهم مثلكَ وأٌلقي كلامي في فيهِ فيخاطبهم بجميع ما آمرهُ بهِ ، وأيُّ إنسانٍ لم يُطع كلامي الّذي يتكلّم بهِ باسمي فإنّي أحاسِبهُ عليهِ] ، فقوله تعالى " أقيمُ لهم نبيّاً من بين أخوتهم" يعني يقيم من بين اليهود ، فالنبيّ كان يقيم في مدينة يثرب واليهود كثيرٌ منهم مقيمون فيها وحولها . أقول لم يأتِ في هذا الفصل إسم النبيّ الّذي يُقيمهُ الربّ ، وقد جاءت أنبياء كثيرة من بعد موسى ولكن قوله "مثلكَ" أي مثل موسى في المنزلة ، وهذا يدلُّ على أنّ الّذي قصدهُ الله تعالى إمّا أن يكون عيسى بن مريم وإمّا أن يكون محمّد بن عبد الله ، ولكن قوله تعالى "من بين إخوتك" دليل على أنّهُ محمّد ، فلو قال تعالى "مِن إخوتكَ" لدلّ ذلك على أنّه من بني إسرائيل ، ولكنّه قال "من بين أخوتك" ، وقد ضاعت صفات محمّد في التوراة الّتي مزّقها ملِك بابل .
وجاء في سِفر التكوين في الإصحاح السابع عشر قال : [وأمّا إبن الأمَةِ فقد باركتُ عليهِ جدّاً جدّاً وسيلدُ اثني عشر عظيماً وأؤخّرهُ لأمّةٍ عظيمةٍ ] ، فابنُ الأمَةِ هو إسماعيل ، أمّا الثاني عشر من هؤلاء العظماء فهو محمّد ، وأمّا الاُمّة العظيمة فهم المسلمون .
وأمّا في الإنجيل فقد جاء في النشيد الملائكي في الإصحاح الثاني من إنجيل لوقا [ الحمدُ للهِ في الأعالي ، وعلى الأرضِ سلام ، وللناس أحمد ] فغيّروا معناها بالترجمة من اللغة السريانيّة إلى اليونانيّة ثمّ إلى العربيّة فكتبوا [ الحمدُ للهِ في الأعالي ، وعلى الأرضِ السّلام ، وللناس المسرّة ] راجع كتاب "الإنجيل والصليب" صفحة 38 لمؤلّفه القِس عبد الأحد داوُد . أقول أيُّ سلام على الأرض وأيُّ مسرّة حدثت فيها أفي الحرب العالميّة الأولى كان السلام أم في الثانية أم بالقنابل الذريّة أو الهيدروجينيّة ، وأيُّ مسرّةٍ كانت للناس بالحروب والزلازل أم بالأعاصير الّتي دمّرت القرى ومن فيها ؟
158 - ثمّ خاطبَ الله رسوله محمّداً فقال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) اليهود والنصارى والصابئة والمشركين من العرب وغيرهم (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) يعني مُلك الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض (لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) وحده (يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ ) ولا يُشرك بهِ شيئاً (وَكَلِمَاتِهِ) أي ويؤمن بكلمات الله العشر الّتي جاءت في الألواح (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) إلى طريق الحقّ .
159 - (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ ) أي جماعة كانوا يؤمنون بالله أيضاً وكلماتهِ العشر كما آمن محمّد بها ، وكانوا (يَهْدُونَ) قومهم (بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) بين المتخاصِمين ، يعني وبالحقّ يحكمون بين المتخاصِمين ، وهم الأنبياء الّذينَ جاؤوا بعد موسى .
160 - (وَقَطَّعْنَاهُمُ) أي فرّقنا قوم موسى وقسّمناهم (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا ) والأسباط هم أولاد يعقوب كانوا اثنَي عشرَ ولداً ، فكلّ سِبط من بني إسرائيل ينتمي إلى أحد أولاد يعقوب لأنّهم من نسلهِ ، فكانوا (أُمَمًا) كثيرة ، يعني جماعات (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ ) يعني طلبوا منه الماء ليشربوا (أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ) البارز من الجبل فضربهُ موسى (فَانبَجَسَتْ مِنْهُ ) أي من الحجر ، و"الانبجاس" خروج الماء بقلّة ، و"الانفجار" خروجه بكثرة ، وكان يبتدئ الماء من الحجر بقلّة ثمّ يتّسع حتّى يصير إلى الكثرة ، فلذلك ذكرَ الله سُبحانهُ في هذه الآية الإنبجاس وذكرَ في سورة البقرة الإنفجار ، والآية مفسّرة في سورة البقرة ، وهي (اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ) من الماء ، وهذه العيون تقع بالبرّ من القناة قريبة من السويس وهي شهيرة بِ"عيون موسى" وقلّ اليوم ماء هذه العيون وبعضها طمست آثاره . (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ ) من تلك الأسباط (مَّشْرَبَهُمْ) أي موضع شربهم (وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ) وقلنا لهم (كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) بسوء أعمالهم وعصيانهم أمرَ ربّهم .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |