كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
16 - (وَعَلامَاتٍ) يعني وجعل في الأرض علامات من تلول وجبال ووِديان وتغيير بُقعة الأرض من ترابيّة إلى رمليّة إلى حجريّة وإلى غير ذلك لئلاّ تضلّوا الطريق ولتهتدوا بها إلى أماكنكم (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) ليلاً إلى أماكنهم وإلى البلد الّذي يقصدونهُ ، فإنّ العرب الرُحّل إذا ساروا ليلاً في الصحارى يهتدون بالنجوم الثوابت في طريقهم حتّى يصلوا المكان الّذي يُريدونهُ ، والشاهد على ذلك قول لبيد :
وعانٍ فكَكْتُ الكَبلَ عنه ، وسُدفةٍ سَرَيْتُ وأصحابي هَدَيتُ بكوكبِ
سَرَيتُ بهِمْ حتّى تغيَّبَ نَجمُهُمْ وقال النَّعُوسُ نَوَّرَ الصُّبحُ فاذهبِ
وقال علقمة بن النعمان يُخاطب الحارث بن جبلة وقد قصَدهُ ليلاً على ناقتهِ :
هَدانِي إِلَيْكَ الفَرْقَدانِ وَلاحِبٌ لَهُ فَوْقَ أَصْواءِ المِتانِ عُلُوبُ
والفرقدان من النجوم الثوابت .
17 - (أَفَمَن يَخْلُقُ ) هذه الأشياء (كَمَن لاَّ يَخْلُقُ ) شيئاً وهم الّذينَ جعلتموهم شُركاء لله في العبادة (أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) يعني أفلا تتّعِظون؟
18 - (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ) عدَداً لكثرتها (إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ ) لمن يشكر نِعم الله عليهِ فينفق منها على الفقراء والمساكين (رَّحِيمٌ) بمن يرحم الضعفاء والمحتاجين .
19 - (وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ ) في صدوركم من نوايا (وَمَا تُعْلِنُونَ ) بين الناس فاحذروا ولا تخالفوا أوامرهُ .
20 - (وَالّذينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ ) يعني ملوكهم ورؤساءهم الموتَى الّذينَ اتّخذوا لهم تماثيل فعبدوها من دون الله (لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا ) مِمّا هو على وجه الأرض (وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) أي يُخلَق لهم أحفاد وذرّيّات جيلاً بعد جيل . وقد سبق تفسير مِثل هذه الآية في سورة الأعراف في آية 191 ، ثمّ قال تعالى :
21 - (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ) يعني ملوكهم الّذينَ اتّخذوا لهم تماثيل وعبدوها هم أموات ، يعني أرواح لا تتمكّن من شيء لكي تُساعدهم أو تنصرهم على أعدائهم (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) للحساب ، يعني وما تشعر تلك النفوس متى تبعث للحساب ، ومن كان كذلك فكيف يرجون شفاعتها ويعبدونها من دون الله ؟
وقد أعاد التاريخ نفسه في هذا العصر فأصبحت أكثر الناس تعبد الأموات من مشايخ وأئمّة وعلماء ويقدّسون قبورهم وينذرون لهم ويسألون حوائجهم من هؤلاء الأولياء الأموات وأشركوهم مع الله في العبادة ، هذا مع عِلمهم بأنّ الأولياء لم يخلقوا شيئاً مِمّا في الأرض ولا يعلمون متَى يُبعثون للحساب .
22 - (إِلَهُكُمْ) أيّها الناس (إِلَهٌ وَاحِدٌ ) فلا تعبدوا غيره ولا تسألوا حوائجكم إلاّ منهُ (فَالّذينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ) يعني بالحياة الأخيرة الروحانيّة (قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ ) أي جاحدة للحقّ (وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ) عن الانقياد إليهِ .
23 - (لاَ جَرَمَ ) أي لا ريبَ ، وقد سبق معناها في سورة هود (أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) فيُعاقبهم على أقوالهم وأفعالهم (إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) .
24 - (وَإِذَا قِيلَ لَهُم ) أي للمشركين (مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ) على محمّد من الوحي (قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ) أي أحاديث الأوّلين المسطورة في الكتب الّتي لا صِحّةَ لها .
25 - فقال الله تعالى (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ ) أي ذنوبهم (كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لا ينقصُ منها شيء مهما استغفروا لهم أولادهم (وَمِنْ أَوْزَارِ الّذينَ يُضِلُّونَهُم ) يعني ويحملون أوزاراً اُخرى بسبب الّذينَ يُضلّونهم عن الحقّ (بِغَيْرِ عِلْمٍ ) أي جاهلين العاقبة (أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) يعني ساءت أحمالهم الّتي أعدّوها ليوم القيامة .
26 - (قَدْ مَكَرَ الّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ) مِثل مكرهم ، أي من قبل هؤلاء المشركين مكروا بأنبيائهم وكذّبوهم ، وهم الرّهط من قوم صالح الّذينَ تشاوروا على قتلهِ ليلاً (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ ) يعني فهدّم الله بُنيانهم من الاُسُس ، وذلك بأن زلزل الأرض بهم وهم جلوس في بيتٍ يتشاورون على قتل النبيّ صالح (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ) وماتوا تحته (وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ) أي أتاهم الزلزال من تحتهم فلم يشعروا إلاّ وبيتهم يتهدّم فوق رؤوسهم . وأمّا قصّة هؤلاء الرهط فقد جاء ذكرهم في سورة النمل وذلك قوله تعالى {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثمّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } .
27 - (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ ) أمام المجتمَع (وَيَقُولُ) الملَك الموكّل بتعذيبهم (أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ) الّذينَ كنتم تُشركونهم مع الله في العبادة178 و (الّذينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ) أي كنتم تُعادون المؤمنين فيهم وتُدافعون عنهم (قَالَ الّذينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ) يعني قال الأنبياء (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) وإنّما جاء على الماضي (قَالَ الّذينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ) ، يعني وقد قالت لهم أنبياؤهم ذلك في الماضي في حياتهم المادّية ولكنّهم لم يسمعوا لقولهم ولم يعملوا بأمرهم .
28 - (الّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ) أي تقبض نفوسهم من أجسامهم (ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ) بعبادة الأوثان والأصنام (فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ ) حينئذٍ ، أي استسلموا للحقّ وانقادوا حين لا ينفعهم الانقياد والإذعان وقالوا (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ) باعتقادنا ، فتردّ عليهم الملائكة وتقول لهم (بَلَى) أعمالكم سيئة (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) في الدنيا من الكفرِ والإشراك .
------------------------------------178 :كلّ آية يأتي فيها كلمة "شُركائي" فهيَ من قول الملَك الموكّل بتعذيبهم ، لأنّهم كانوا يعبدون الملائكة ويقولون هي بنات الله . فالملائكة شُركاء في العمل وفي الجنّة ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة فُصّلت {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } فكلمة " آذنّاك" يعني أعلمناك ، والمخاطَب بذلك الملَك الموكّل بتعذيبهم .كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |