كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
161 - (وَأخذَهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ ) في التوراة (وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ) أي بغير استحقاق ، وهو ما كانوا يأخذَونه من الرشا في الأحكام (وَأَعْتَدْنَا) أي هيّأنا (لِلْكَافِرِينَ) بالرُسُل (مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) أي مؤلماً موجعاً .
162 - (لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ ) أي الثابتون (فِي الْعِلْمِ ) بنبوّتك غير متردّدين في أمرك (مِنْهُمْ) أي من اليهود كعبد الله بن سلام وأصحابه (وَالْمُؤْمِنُونَ) من العرب ، يعني المهاجرين والأنصار (يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ) من الكتُب السماويّة (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) أي ويؤمنون بيوم القيامة ، وقد سبق شرحه فيما مضى من السورة في آية 38 و 39 (أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ ) في الآخرة (أَجْرًا عَظِيمًا ) جزاءً على أعمالهم الصالحة .
163 - قالت اليهود لِلنبي محمّد (ع) لقد أرسل الله موسى نبياً وأوحَى إليه وكفَى . فردّ الله عليهم قولهم وقال لقد أرسل الله رسُلاً كثيرين وأوحَى إليهم كما أوحَى إلى موسى فلا تلتفت إلى قولهم يا محمّد ، وذلك قوله تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) القرآن يا محمّد (كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنبيّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ ) وهم أولاد يعقوب . وقد جاء ذكر هؤلاء الأنبياء بالأسبقية إذ كان أوّل مولود لإبراهيم هو إسماعيل ثمّ إسحاق ، ثمّ ذكرَ يعقوب الذي صار لقبه إسرائيل وهو حفيد إبراهيم وأبوه إسحاق .
ثمّ ذكر عيسى بالأفضلية على أيوب ومن جاء ذكرهم من بعده وليس بالأسبقيّة ، لأنّ أيّوب كان قبل عيسى وقبل موسى ، وكذلك جاء ذكر يونس بالأفضلية على هارون وسُليمان وقد كان بعدهما ، أمّا داوُد فقد خصّه الله بالزبور زيادةً على الوحي . وإنّما لم يأتِ ذِكر موسى مع الأنبياء لأنّ السؤال والجواب يدور حول موسى ، وذلك قوله تعالى (وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُليمان وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) وهو كتاب داوُد ، وتسمّيه اليهود "مزامير" جمع مزمور . والزبور كلّه مناجاة لداوُد يناجي ربّه وذلك لَمّا فرّ إلى الجبال خوفاً من طالوت لأنّه أراد قتله .
أليس هؤلاء كلّهم أنبياء ، وقد أوحى الله تعالى إليهم ، فلماذا ينكر اليهود نزول الوحي إليك يا محمّد؟ فما ذلك إلاّ لِجهلهم وعنادهم .
164 - (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ ) يا محمّد ، أي قصصنا قِصصهم وأخبارهم عليك (مِن قَبْلُ ) أي من قبل هذه السورة (وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) أي لم نذكر لك قصصهم لا في هذه السورة ولا ما قبلها لأنّ ذلك يحتاج إلى مجلّدات عديدة (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى ) نبيّهم (تَكْلِيمًا) بكلام مسموع غير الوحي ، وذلك في وادي طوى من صحراء سيناء من شجرة الزيتون ، فكان موسى يسمع الصوت يخرج من الشجرة ، ولكنّ الله تعالى لم يكن في تلك الشجرة بل يُرسل الصوت من السماء إلى تلك الشجرة على أمواج الأثير فيخرج الصوت من الشجرة ، كما أنّك تسمع الصوت من المذياع (الراديو) ولكنّ المذيع في القاهرة أو في مكان آخر بعيداً عنك ، ولا مناقشة في الأمثال ، وقد قال الله تعالى في سورة الشورى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ..الخ} ، فالحجاب هنا كان الشجرة .
165 - (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ ) بالجنّة لمن آمَن (وَمُنذِرِينَ) بالعذاب لمن كفر (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ ) يحتجّون بها (بَعْدَ) إرسال (الرُّسُلِ) إليهم (وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا ) في مُلكه ينتقم ممّن يُكذّب رُسُله (حَكِيمًا) في اُمورهِ ومخلوقاته .
166 - ثمّ خاطب الله رسوله فقال إن لم يؤمن لك هؤلاء اليهود ويعترفوا برسالتك فإنّ الله يشهد لك عند من يشاء هدايته وذلك بالأدلّة والبراهين حتّى يستسلم لأمرك ويؤمن بك ، والملائكة أيضاً يشهدون لك بالإيحاء فيوحون لِمن أحبّهُ الله بأنّ محمّداً صادق في دعوتهِ وأنًهُ نبيٌّ مُرسَل من الله ولا يزالون يكلّمونهُ بالإيحاء حتّى يسلم ويؤمن بك . وهذا معنى قوله تعالى (لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ ) لك (بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ) من الدِين والقرآن وأنّك رسوله (أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) معناهُ أنزل القرآن وهو عالمٌ بأنّك تقوم بالواجب وتؤدّي حقّهُ ولا تُقصّر في أداء الرسالة (وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ ) لك أيضاً (وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا ) أي شهادة الله وحدها تكفيك يا محمّد فإنّ الله قادرٌ على هداية الناس جميعاً فلا يهمّك قول اليهود وإنكارهم لرسالتك .
167 - (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ ) بما اُنزِل إليك (وَصَدُّواْ) الناس (عَن سَبِيلِ اللّهِ ) أي عن دينهِ (قَدْ ضَلُّواْ ) عن الحقّ (ضَلاَلاً بَعِيدًا ) أي عن الصواب .
168 - (إِنَّ الّذينَ كَفَرُواْ ) بما اُنزِل إليك (وَظَلَمُواْ) المؤمنين بالضرب والحبس وأخذِ أموالهم (لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ) خطاياهم (وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ) يوصِلهم إلى الجنّة .
169 - (إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) أي مؤبّدين فيها (وَكَانَ ذَلِكَ ) العذاب لهم (عَلَى اللّهِ يَسِيرًا ) أي سهلاً لا تكلّف [ولا صعوبة] فيه .
170 - (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ ) محمّد (بِالْحَقِّ) أي بالدين الحقّ (مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ ) بهِ (خَيْرًا لَّكُمْ ) من بقائكم على تقاليد آبائكم (وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي ما في الكواكب السيّارة ومن جملتها الأرض مُلكاً وعبيداً فلا ينفعهُ إيمانكم ولا يضرّهُ كفركم (وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا ) بالكافرين (حَكِيمًا) فيما يُعاملهم بهِ بعد تبليغ الرسالة .
------------------------------------كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |