|
كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
17 - (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ) أي كيف تتجنّبون العذاب (إِن كَفَرْتُمْ) بالقرآن (يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا) الولدان جمع ولد ، وشيباً جمع أشيب ، والمعنى: يوم تشيب الأطفال لشدّة أهواله. فمن يتمكّن على خلاصكم غير الله؟
18 - (السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ) يعني هو اليوم الذي تتفطّر فيه السماوات الغازيّة . ثم تتشقّق ويختلط بعضها ببعض فتكون كالدخان (كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا) يعني ما وعدناكم به من اهتزاز الأرض وانهيال الجبال وانفطار السّماء ووقوع العذاب كائن لا محالة .
19 - (إِنَّ هَـٰذِهِ) الآيات (تَذْكِرَةٌ) أي موعظة (فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا) بالإيمان والأعمال الصالحة ، والمعنى : فمن شاء أن يتّخذ طريقاً يوصله إلى الجنان ويصعد إلى السماوات الروحانية ويسكن مع الملائكة والأنبياء فليؤمن ويعمل الصالحات يصلْ إلى ذلك المكان ويسكنْ في الجنان مع الأنبياء والصالحين .
20 - لمّا نزل قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ) ، قال النبي يا ربّ إنّي أقوم نصف الليل بالصّلاة والتسبيح حتى الصباح . فنزل قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) إلى الصلاة (أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) تارةً ، أي أقلّ من ثلثين من الليل ، يعني أكثر من النصف تارة (وَنِصْفَهُ) تارةً (وَثُلُثَهُ) تارةً أخرى (وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ) أيضاً يقومون للصّلاة فيصلون نافلة الليل (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) أي يعرف أوقاتهما ودقائقهما ويعلم ما يكون فيهما فلا يخفى عليه شيء من شؤون مخلوقاته (عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ) أي لن تحصوا القرآن فهماً ، يعني لم تفهموا المتشابه من القرآن (فَتَابَ عَلَيْكُمْ) إذ أبدلتم القراءة للقرآن بالصلاة ، يعني قلتُ لكم إقرأوا القرآن بالليل فقمتم تصلّون (فَ) الآن (اقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) في أوّل الليل وآخره كي ينصت له المشركون لعلّهم يؤمنون ، وهذا تأكيد ثانٍ لقراءة القرآن ، ثمّ (عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ) للتجارة وطلب المعاش (يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فهؤلاء الثلاثة ليس عليهم حرج في ترك قراءة القرآن في هذه الأوقات ، وهي عند المرض والتجارة والقتال . ثم أكّد مرة ثالثة على قراءة القرآن ليلاً فقال تعالى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) والخطاب للباقين الذين لم يسافروا للتجارة ولم يمرضوا (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) المفروضة (وَآتُوا الزَّكَاةَ) الواجبة (وَأَقْرِضُوا اللَّهَ) بالصدقات على الفقراء والمساكين فإنّ الله كفيل بأدائها لكم بعشر أمثالها في الدنيا وسبعمائة في الآخرة ولكن على شرط أن تجعلوا ما تنفقونه لله وفي سبيله لا أن يكون لغاية أخرى أو في سبيل الملائكة والمشايخ والأئمة وغيرهم فإنّ ذلك لا يجوز ولا تؤجرون عليه بل تُعاقبون ،
وقوله (قَرْضًا حَسَنًا) يعني أن يكون ذلك الإنفاق على الفقراء بلا منّة عليهم ولا أذى لهم به ولا تحقير ولا يكون إنفاقكم رياءً . ويؤيد هذا قوله تعالى في سورة البقرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } ،
(وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ) يعني من خيرات بإنفاقها على الفقراء والمحتاجين (تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ) في الآخرة ، يعني تجدون الأثيري أي الروحاني من الذي قدّمتموه للفقراء من طعام أو شراب أو فواكه أو لباس أو أثاث (هُوَ خَيْرًا) من الذي قدّمتموه في الدنيا (وَأَعْظَمَ أَجْرًا) مما لو أخذتم أجره في الدنيا ، لأنّ مال الدنيا زائل ومال الآخرة باقٍ لا يزول (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ) لما سبق من ذنوبكم (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) للتائبين (رَّحِيمٌ) بالنادمين .
تم بعون الله تفسير سورة المزمّل ، والحمد لله ربّ العالمين .
سورة المدّثر
![]() |
![]() |
![]() |
||
| كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
| كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |