كتاب: حقائق التأويل في الوحي والتنزيل بقلم: محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) توزيع: دار الكتب العلمية (بيروت) الوصف: تفسير الايات القرآنية كاملة اضافة الى الايات الغامضة |
|
||
18 - (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ) أخذوا تَيساً فذبحوهُ ولطّخوا قميصهُ بدم التّيس (قَالَ) يعقوب (بَلْ سَوَّلَتْ ) أي زيّنت (لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ) في يوسف وطَلَبَتْ منكم تنفيذهُ ، وليس كما تزعمون أكله الذئب ، وذلك لَمّا رأى قميصهُ غير مُمزّق إتّضحَ له كذبهم فقال لو أكله الذئب كما تزعمون لمزّق قميصه (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ) "الصبر الجميل" بأن لا يشكو الإنسان ما بهِ إلى أحد إلاّ إلى الله وحدهُ ، ولذلك قال {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ } ، وقال الشاعر :
وما أحسنَ الصبرَ الجَمِيلَ مَعَ التُّقَى وما قَدَّرَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ يَجْرِي
(وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) يعني بالله أستعين على إظهار الحقيقة ونجاة يوسف من أيديكم .
19 - (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ) أي قافلة مُقبلة من جلعاد تريد الذهاب إلى مصر إلى الإسماعيلية وجمالها مُحمّلة نَكعةً وبَلساناً ولاذَناً ، فقال يهوذا ما الفائدة من أن نقتل أخانا ونُخفي دمه تعالوا نبيعه إلى الإسماعيليين ، فوافق إخوته على ذلك (فَأَرْسَلُوا) التُجّار أصحاب القافلة (وَارِدَهُمْ) أي ساقيهم أرسلوهُ إلى البئر ليستقي لهم الماء (فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ) في البئر فأمسكهُ يوسف وصعدَ مع الدلو (قَالَ) الساقي (يَا بُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلَامٌ ) هذا غلام قد سقط في البئر فأخرجتُهُ (وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ) يعني إخوةُ يوسف أسرّوا أمرهُ فلم يقولوا هو أخونا بل قالوا هو عبدٌ لنا أبَقَ واختفى في هذه البئر ، ثمّ باعوهُ على هؤلاء التجّار كما تُباع البضاعة (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) إخوة يوسف .
20 - (وَشَرَوْهُ) أي أبدلوهُ (بِثَمَنٍ بَخْسٍ ) أي قليل (دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ) وهي عشرون درهماً (وَكَانُوا) إخوته (فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ) يعني لم تكن غايتهم ثمنهُ بل إبعادهُ عنهم فلذلك باعوهُ بعشرين درهماً .
21 - (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن ) أهلِ (مِّصْرَ) وإسمهُ فوطيفار وهو رئيس الشرطة ، قال (لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ) أي هيئي لهُ موضعاً كريماً وأحسني إليهِ (عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا ) في أمور دُنيانا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) لنا ، لأنه كان خِصِيّاً ليس لهُ أولاد (وَكَذٰلِكَ) أي كما نجّيناهُ من القتل ومن الجُبّ كذلك (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ) يعني في أرض مصر (وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) أي نعلّمهُ من تعبير الرؤيا الّتي يُحدّثونهُ بها ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ ) أي غالبٌ على أمراء يوسف ، وهم رئيس الشرطة الذي اشتراهُ ورئيس السجن الذي سُجِنَ عندهُ والملِك الّذي قصّ له رؤياهُ ، إذ جعلهم اللهُ يُكرمونهُ ويحترمونهُ ويعطونهُ ما يريد حتّى أصبح يوسف رئيس الوزراء (وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) عواقب الاُمور .
22 - (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) وبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة (آتَيْنَاهُ حُكْمًا ) في مصر (وَعِلْمًا) في تعبير الرؤيا وغيرها (وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) الّذينَ يُحسنون أعمالهم وضمائرهم مع ربّهم ويُحسنون إلى الناس .
23 - (وَرَاوَدَتْهُ) زُليخا زوجة فوطيفار رئيس الشرطة (الَّتِي هُوَ ) مُقيمٌ (فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ ) مِراراً عديدة ، أي طالبتهُ أن يُجامعها فأبى يوسف (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ ) في المرّةِ الأخيرة وتزيّنت ولبست أحسن ثيابها (وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ) أصلها تهيّأتُ لك ، فحُذِفت التاء الأولى تسهيلاً للكلام ، والمعنى : تهيّأتُ وتزيّنتُ لكَ فلا تبتعدْ عنّي ، والشاهد على ذلك قول اُحَيحَة بن الجلّاح :
بِهِ أَحْمِي الْمُضَافَ إِذا دَعانِي إِذا ما قِيْلَ لِلأَبْطالِ هَيْتَا
أي تهيأوا . (قَالَ) يوسف (مَعَاذَ اللَّهِ ) أن أفعل ذلك إن تهيّأتِ فلزوجكِ ( إِنَّهُ رَبِّي ) أي إنّهُ سيّدي ومالكي ، ومن ذلك قولُ امرئ القيس :
فَما قاتَلُوا عَنْ رَبِّهِم وَرَبِيْبِهِم وَلا آذَنُوا جاراً فَيَظفَرَ سالِمَا
وقال النمر بن تولب :
تَرَيْ أنَّ ما أَبْقَيْتُ لم أكُ رَبَّهُ وأنَّ الَّذِي أَنْفَقْتُ كانَ نَصِيْبِـي
(أَحْسَنَ مَثْوَايَ ) وترك بيتهُ وملكهُ بيدي أفعل فيه ما أشاء فكيف أخونهُ في زوجتهِ (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) لحقوق الناس .
24 - (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ) بعد أن رفض طلبتها ، يعني همّت أن تُجبرهُ على أن يُجامعها وتوعّدتهُ بالضرب إن لم يفعل ، ولَمّا رآها مُصِرّةً على ذلك همّ أن يُجيبها إلى طلبتها (وَهَمَّ بِهَا ) أي طاوعتهُ نفسهُ إلى ما تريد منهُ (لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ) أي لولا أن رأى كتاب ربّهِ ، وكان عند يوسف كتاب سماوي من صُحُف إبراهيم وقد وضعهُ على المنضدة في تلك الغرفة التي أمسكتهُ فيها زليخا فوقعَ نظرهُ على الكتاب فتذّكرَ ما فيهِ من النهي عن الزِنا والوعيد بالعذاب لمن يزني فحينئذٍ استثنى عن أن يفعل بها وأخذه الرُعبُ فنهضَ قائماً وهربَ إلى باب الدار فلحقتهُ زُلَيخا وأمسكتهُ من قميصهِ فشقّتهُ . فالبرهان هو الكتاب السماوي ، فالتوراة يُسمى برهاناً والقرآن برهاناً ، والشاهد على ذلك قول الله تعالى في سورة النساء {يا أيها الناس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم } فالبرهان هو القرآن .
(كَذٰلِكَ) ألفَتْنا نظرهُ إلى البُرهان (لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) يعني لنصرف عنهُ العذاب الّذي يلحقه من زوجها إن فعل والعار الذي يصيبهُ من الناس بسبب الزِنا (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) لنا في العبادة الّذينَ لا يعبدون غير الله .
كتاب الكون والقرآن ..تفسير الظواهر الكونية في القرآن الكريم، ووصف دقيق لأحداث القيامة | كتاب المتشابه من القرآن تفسير الآيات الغامضة في القرآن الكريم والتي ظلت غامضة منذ 1400عام | كتاب حقائق التأويل في الوحي والتنزيل: التفسير الكامل للأيات القرانية بضمنها الايات المتشابهة والغامضة |
كتاب الإنسان بعد الموت: وصف دقيق لحال الأنسان بعد الموت وتكوين الجنان وجهنم والملائكة والشياطين. | كتاب ساعة قضيتها مع الأرواح: رحلة في عالم الأرواح مدتها ساعة زمنية | كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن: يوضح من زور التوراة وفي أي عصر والأخطاء الواضحة فيها ومقارنتها بالقرآن الكريم |