18 - (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) يعني إذا كمل وصار بدراً ولا يعود هلالاً ، فحينئذٍ ترتفع بكم الأرض وتقترب من الشمس ، وذلك قوله تعالى :

19 - (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ) والمعنى : لتركبنّ الأرض بكم طبقات الجو الغازيّة طبقة بعد طبقة فترتفع وتقترب من الشمس117. وتعليل ذلك أنّ الجاذبية تعمل في الجرم البارد أكثر من الجرم الساخن ، فإذا انتهت الحرارة التي في جوف الأرض على ممر السنين فإنّ جاذبية الشمس تعمل في الأرض أكثر مما عليها اليوم فحينئذٍ تنجذب الأرض نحو الشمس وتكون المسافة بينهما أقلّ مما هي عليه اليوم . وقد ركب الإنسان أطباقه وصعد بها إلى الفضاء ثم إلى القمر ونزل على سطحه وهو أوّل إنسان ينزل على ىسطح القمر وذلك في 20 تموز سنة 1969 ميلاديّة ، وكانا نفرَين . وسترتفع الأرض بالناس في تلك الطبقات الغازية سنة بعد سنة كلّما قلّت الحرارة التي في جوف الأرض وتقترب من الشمس وتزداد الحرارة على وجه الأرض .

20 - (فَمَا لَهُمْ) كفّار مكة (لَا يُؤْمِنُونَ) بالقرآن ؟ والمعنى : فما وجه الارتياب الذي يصرفهم عن الإيمان مع وضوح الدلائل ألم نخبرهم عن الماضي والمستقبل ؟ ألم نذكر لهم بما في الكتب السماويّة السالفة مع أنّها كُتبت باللغة الأجنبيّة ولم تُكتب بالّلغة العربيّة ؟ فإنْ كان محمد درسها كما يزعمون فهل درس علم الفلك ؟ وهل محمد يعلم الغيب فأخبركم بما يكون في المستقبل من حوادث كونية وتقلّبات زمنيّة ؟ أليس ذلك من عندنا أوحيناه إليه وحياً ، ألا تكفيهم هذه الأنباء دلالةً على صدقه ، فما هذا التكبّر والتعنّت منهم ؟

21 - (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ) أي لا ينقادون للحق ولا يخضعون للحقيقة .

22 - (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) أي لم يتركوا الإيمان لقصور في البيان أو لانقطاعٍ من البرهان ، لكنّهم قلّدوا أسلافهم ورؤساءهم في التكذيب .

23 - (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ) أي أعلم بما يجمعون في الوعاء من ذهب وفضّة ولا يعطون زكاتها للفقراء . ومثلها في سورة المعارج قوله تعالى { وَجَمَعَ فَأَوْعَى }. يعني جمع المال في الوعاء ولم يعطِ منه للفقراء ولا زكاة مالِهِ .

24 - (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) في الآخرة . ثمّ استثنى المؤمنين منهم فقال تعالى :

25 - (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي غير مقطوع .

تمّ بعون الله تفسير سورة الانشقاق ، والحمد لله رب العالمين .

سورة البروج